
وظفت الدراما وأشهرها ميدان الفاروق للنقاش و"قبة الشعراء" بجامع بغداد.. الصالونات الثقافية من السيدة سكينة إلى مي زيادة
Al Jazeera
يدخل بكم هذا المقال عوالِمَ ظاهرة “الصالونات الثقافية” في الحضارة الإسلامية؛ فيعرِّف بما كانت تعجّ به من أنشطة وتقاليد أدبية في الميادين العامة والبيوت المغلقة، ويكشف تأثيرها في مسيرة الحياة الثقافية.
أحمد مولود اكاه من مجلس السيدة سُكينة بنت الحسين (ت 117هـ/736م)، إلى منتدى الأميرة الأندلسية الشاعرة ولّادة بنت المستكفي (ت 484هـ/1091م)، وليس انتهاء بصالون الأديبة الشامية المعاصرة مَيْ زيادة (ت 1362هـ/1941م)؛ نجد خَطًّا تاريخيا موصولا لظاهرة ثقافية طالما ظنّ كثيرون أنها حديثة، في حين أنها ضاربة بعراقة في القدم منذ أيام الجاهلية، وتلكم الظاهرة هي ما كان يُسمَّى قديما "مجلس الأدب" وصار يُعرَف اليوم بـ"الصالون الثقافي"؛ إذْ مفردة "الثقافة" -بلغة عصرنا- هي المكافئ الدلالي الأقرب لمفهوم "الأدب" عند الأقدمين. وبالطبع؛ لا تعني الإشارة إلى مجالس الثقافة النسوية -من سكينة إلى مَيْ- سوى التأكيد على شيوع وعموم تلك الظاهرة الثقافية العربية؛ إذْ كانت تستقطب كل طبقات وتنوعات المجتمعات الإسلامية عبر تاريخها منذ عهد الصحابة تلك الظاهرة، ومع التحولات السياسية والثقافية الكبرى أضحت تلك الصالونات إحدى أوثق ركائز قصور الحكم وأبرز سمات بيوت الأعيان من مثقفي المجتمع، ومع ظهور صناعة الكتابة والتدوين باتت مكوّنا لازما في أنشطة أسواق الكتب وحوانيت الورّاقين. ومن اللافت هنا أنه كانت تخصص ميادين عامة وسط المدن الإسلامية لعقد المجالس الأدبية والثقافية وحلقات النقاش والحوار، على نحو أشبه ما يكون -في أهميته ومهمته- ساحات النقاش المفتوحة في عواصم عالمنا؛ استلهاما ربما لفكرة "أسواق العرب" في جاهليتهم، وتطويرا لسابقة سنّها الخليفة عمر بن الخطاب (ت 23هـ/645م) في المدينة النبوية، كما سيأتي. وهكذا كان للكوفة فضاء ثقافي وللبصرة فضاء منافس.More Related News