واشنطن والجنائية الدولية.. من يحاكم من؟
Al Sharq
أثار القرار الأمريكي برفع العقوبات المفروضة على الجنائية الدولية، الكثير من التساؤلات، خصوصا في ظل موقفها الرافض لتوجيه اتهامات لقواتها في افغانستان بالتورط في جرائم
أثار القرار الأمريكي برفع العقوبات المفروضة على الجنائية الدولية، الكثير من التساؤلات، خصوصا في ظل موقفها الرافض لتوجيه اتهامات لقواتها في افغانستان بالتورط في جرائم حرب، او لجهة موقفها الداعم لاسرائيل التي تواجه حاليا عددا من القضايا والملفات الخاضعة للتحقيق بعد اعلان الادعاء العام للمحكمة بفتح تحقيق رسمي في جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك حرب إسرائيل ضد قطاع غزة عام 2014. واعلنت ادارة الرئيس الامريكي جو بايدن، الجمعة الماضي، نقضها أحد أكثر القرارات العدائية التي اتخذها الرئيس الامريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، ضد المؤسسات الدولية والمسؤولين العاملين فيها. وبحسب مصادر إسرائيلية، فان الولايات المتحدة اخطرت إسرائيل بقرار رفع العقوبات قبل إعلانه رسميا، مشيرة الى صعوبة تبرير فرض العقوبات امام القضاء الامريكي، حيث كانت المحكمة الفيدرالية تنتظر من الادارة الامريكية ردا بخصوصها. ويظهر القرار الذي أصدرته الادارة الامريكية بإلغاء العقوبات، وفي نفس الوقت تأكيدها على مواصلة اعتراضها على شمول اختصاص المحكمة أفرادا من دول غير أعضاء فيها، حقيقة المأزق الذي وجدت واشنطن نفسها فيه، من ناحية محاولة ابراز مساندتها والتزامها ودعمها لمؤسسات العدالة الدولية، وفي الوقت نفسه حماية رعاياها من أن تطولهم يد هذه العدالة. بينما لاقى القرار ترحيبا واسعا من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمحكمة الجنائية، قال تقرير إسرائيلي، إن الولايات المتحدة، نسقت مع اسرائيل، قبل اتخاذ إدارة الرئيس جو بايدن، قرار رفع العقوبات على المحكمة الجنائية. وأفاد موقع «واللا» الإسرائيلي، بأن أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي، تحدث إلى نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي، وأخطره نهائيا بالقرار الذي اتخذته الولايات المتحدة حول رفع العقوبات عن الجنائية الدولية، قبل إعلانه رسميا. وأشار التقرير إلى أن إدارة بايدن اتخذت قرارها برفع العقوبات، في ظل طرح المسألة أمام القضاء الأمريكي، حيث نظرت المحكمة الفيدرالية، في التماس قدم لها في هذا الشأن، وكان من الضروري الرد عليه. وبحسب المصدر ذاته، أبلغ مسؤولون في الإدارة الأمريكية، نظراءهم في اسرائيل، أن السلطات الأمريكية ستجد صعوبة في تبرير العقوبات التي فرضها ترامب على قضاة وموظفي الجنائية الدولية، أمام المحكمة الفيدرالية الأمريكية، ولن تتمكن كذلك من طلب تأجيل آخر لجلسة النظر في الالتماس. *رفع العقوبات من جانبه، أوضح أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي في بيان، أن إدارة الرئيس الامريكي جو بايدن، رفعت عقوبات فرضها سلفه دونالد ترامب على قضاة وموظفي المحكمة الجنائية الدولية. وقال إن القرار يشمل أيضا رفع عقوبات كانت مفروضة على رئيس قسم الاختصاص القضائي والتكامل والتعاون. وأكد بلينكن أن وزارة الخارجية، ألغت أيضا إجراءات منفصلة تعود لعام 2019، تشمل قيودا على التأشيرات لعدد من موظفي المحكمة. وذكر بلينكن، ان واشنطن تتخذ هذه الخطوة رغم أنها تواصل معارضة رغبة المحكمة الجنائية، التحقيق في قضايا على صلة بأفغانستان والأوضاع الفلسطينية، وما زالت تعارض ما تبذله من جهود لتأكيد الاختصاص القضائي على الأفراد من الدول غير الأعضاء فيها مثل الولايات المتحدة وإسرائيل. وشدد بلينكن على أن الولايات المتحدة متحمسة لتلك الإصلاحات التي يجري بحثها على نطاق واسع لمساعدة المحكمة الجنائية، على وضع أولويات لمواردها وأن تحقق مهمتها، باعتبارها "محكمة الملاذ الأخير"، لإنزال العقاب والردع في مواجهة الفظائع المرتكبة، على حد قوله. وأضاف بلينكن، أن واشنطن تريد إثارة هذه القضايا "من خلال الحوار مع جميع الجهات الفاعلة في العملية المتعلقة بالمحكمة الجنائية وليس من خلال فرض العقوبات". من جهته، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن فرض عقوبات مالية على المحكمة الجنائية الدولية وموظفيها، وأولئك الذين يساعدونها، ليس إستراتيجية فعالة أو مناسبة، لمعالجة مخاوف بلاده بشأن المحكمة. وشدد على استمرار اعتراض ادارته على شمول اختصاص المحكمة لافراد من دول غير أعضاء فيها، مثل الولايات المتحدة وإسرائيل، رغم عدم إحالتهم من قبل مجلس الأمن. وأكد أن بلاده ستحمي مواطنيها من محاولات المحكمة ممارسة ولايتها القضائية عليهم. * ترحيب واسع رحبت الجنائية الدولية، بإلغاء الأمر التنفيذي (13928) الذي يقضي بإنهاء العقوبات على المدعية العامة للمحكمة ورفع القيود المفروضة على إصدار التأشيرات لموظفي المحكمة. ووصفت هذه الخطوة بالحقبة الجديدة للتعاون مع واشنطن. واشارت الى أن رفع العقوبات سيدعم أعمال المحكمة وسيساهم في تعزيز نظام دولي قائم على القانون. كما رحب انطونيو غوتيريش أمين عام الأمم المتحدة، بإلغاء القرار التنفيذي بشأن تجميد ممتلكات بعض الأفراد المرتبطين بالمحكمة الدولية الصادر في يونيو 2020. وشدد على أهمية الدور الذي تلعبه المحكمة الجنائية في تعزيز المساءلة عن الجرائم الدولية. من جهته، رحب الاتحاد الأوروبي أيضا، بالقرار الأمريكي، وقال جوزيف بوريل مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، في بيان، " هذه الخطوة المهمة تؤكّد التزام الولايات المتحدة حيال المنظومة الدولية". وأكد أن الاتحاد الأوروبي يدعم بشكل ثابت المحكمة الجنائية الدولية. وقال،"سنقف إلى جانب جميع الشركاء للدفاع عن المحكمة في وجه المساعي الرامية لعرقلة سير العدالة، وتقويض النظام الدولي للقضاء الجنائي"، مشددا على أهمية حماية حياد المحكمة الجنائية القضائي، واستقلالها، لاسيما فيما يتعلق بفعاليتها وأدائها. *فتح تحقيق وفرض ترامب، العام الماضي، أمرا تنفيذيا يتيح فرض عقوبات أمريكية على مسؤولين بالمحكمة الجنائية، بعدما افادت بنسودا بأن المحكمة لديها معلومات كافية لإثبات أن القوات الأمريكية ارتكبت أعمال تعذيب وانتهاكات واغتصابا وعنفا جنسيا في أفغانستان خلال عامي 2003 و2004. واتخذت المحكمة الجنائية قرار بدء تحقيق بعدما خلصت النتائج الأولية لممثلي الادعاء عام 2017 إلى وجود أساس منطقي للاعتقاد جرائم حرب ارتكبت في افغانستان، وأنها تملك سلطة قضائية للنظر فيها. كما اعلنت بنسودا، في مارس الماضي، ان مكتبها سيفتح تحقيقا رسميا في جرائم الحرب في الأراضي الفلسطينية وسيشمل طرفي الصراع. وجاء هذا القرار بعدما قضت المحكمة في الخامس من فبراير باختصاصها في نظر القضية، وهي خطوة قوبلت بالرفض من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل، فيما رحبت بها السلطة الفلسطينية. وأعربت واشنطن عن مخاوفها بشأن محاولة المحكمة ممارسة سلطتها القضائية على إسرائيل. ويذكر أن المحكمة الجنائية الدولية بعثت ببلاغ للحكومة الإسرائيلية قبل قرابة الشهر، تخطرها فيه بنيتها فتح تحقيق في جرائمها بالأراضي المحتلة وأمهلتها شهرًا للرد فيما إذا كانت ترغب بالتحقيق بنفسها في تلك الجرائم أم لا. ويدور الحديث حول 3 قضايا تنوي المحكمة التحقيق فيها وهي، وهي الاستيطان والعدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، والأسرى في السجون الإسرائيلية. وانضمت فلسطين إلى عضوية المحكمة الجنائية في العام 2015، ومنذ ذلك بدأت المحكمة باجراء دراسة أولية حول الانتهاكات فيها. لكن إسرائيل رفضت أي صلاحية للمحكمة الدولية. ولم تشرع المحكمة حتى الآن في فتح أي تحقيق جنائي، بشأن الحالة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. *رد إسرائيلي ذكرت قناة "كان11" العبرية، ان الحكومة الإسرائيلية ستعقد اجتماعًا خاصًا، للردَ على قرار المحكمة الجنائية بفتح تحقيق في الجرائم الإسرائيلية داخل الأراضي المحتلة. وقالت القناة، سيترأس الاجتماع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد يومين من الموعد النهائي الذي منحته المحكمة لإسرائيل للرد على بلاغ البدء بالتحقيق. وصرحت بأن وزارتي الخارجية والجيش تميلان إلى دعم إعطاء رد على بلاغ المحكمة الجنائية. بينما تحدث وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي، مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن حول نية الولايات المتحدة رفع العقوبات المفروضة على محكمة الجنايات الدولية. وأوضح الوزير الأمريكي بأن بلاده لا توافق على نشاطات المحكمة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ومحاولاتها ممارسة صلاحياتها ضد دول ليست عضوة فيها. بينما نقلت عن أشكنازي قوله، إن إسرائيل ترفض تدخل المحكمة بمسائل خارج صلاحياتها وهي مصممة على حماية الإسرائيليين. وأوضح سعي السلطة الفلسطينية لمحاكمة إسرائيل في المحكمة الجنائية ستكون له تداعيات تدميرية على العلاقات مع إسرائيل. وقال إن للتوجه الفلسطيني إلى المحكمة سيكون له تداعيات على المستوى السياسي والميداني على حد سواء.More Related News