
هل ينجح الشعب السوداني في استعادة الحكم المدني؟
Al Sharq
شهدت أغلب أحياء الخرطوم خروج مواكب ومسيرات كبيرة في عدة مناطق من الخرطوم، تحت شعار مليونية الـ30 من أكتوبر استجابة لدعوات القوى المدنية الرافضة لقرارات قائد الجيش
شهدت أغلب أحياء الخرطوم خروج مواكب ومسيرات كبيرة في عدة مناطق من الخرطوم، تحت شعار "مليونية الـ30 من أكتوبر" استجابة لدعوات القوى المدنية الرافضة لقرارات قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان التي نصّت على حل الحكومة ومجلس السيادة الانتقالي واعتقال مسؤولين كبار الإثنين الماضي، بينهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وللمطالبة بإرجاع السلطة إلى المدنيين. وقادت قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة في أحياء الخرطوم و تجمع المهنيين السودانيين، المسيرات الحاشدة في الخرطوم وسط تنظيم سلمي محكم، رغم إغلاق الجسور الرئيسية التي تربط بين مدن العاصمة الثلاث. وتصدت القوات العسكرية والأمنية لبعض المسيرات بالرصاص الحي والغاز المسيل للدموع، مما اسفر عن سقوط قتلى وجرحى، خصوصا في أم درمان وفي القضارف شرق السودان. مواكب كبيرة نقلت مصادر محلية، خروج مواكب ومسيرات كبيرة في عدة مناطق من الخرطوم، وأن المحتجين قاموا بقطع الطرق من خلال إشعال النار في الإطارات، وسط انتشار مكثف لقوات الدعم السريع. وتجمع المتظاهرون في مواقع عدة بالخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، وفقا لخطة تنسيقية لجان المقاومة في الخرطوم التي نصت على اعتماد مسارات موكب 21 أكتوبر، لمليونية أمس بحيث يتجمع موكب الخرطوم في شارعي المطار والستين، والخرطوم بحري عند السوق الرئيس، وأم درمان أمام مبنى المجلس الوطني، على ان تكون كلها سلمية وتحت شعار موحد. ورفع المتظاهرون مجددا شعارات "الردة مستحيلة". وحمل بعضهم صورا لرئيس الوزراء عبدالله حمدوك، مرددين هتافات تطالب الجيش بحماية الشعب وإرجاع السلطة إلى المدنيين والالتزام بالوثيقة الدستورية والإفراج عن جميع المعتقلين. وفي الأثناء، أغلقت قوات الجيش عددا من الجسور المقامة على النيل التي تربط مناطق العاصمة ببعضها، باستثناء جسري الحلفايا وسوبا وفقا لما أكده التلفزيون السوداني، كما أكد نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي أن غلق الجسور، كان بهدف منع انتقال المحتجين إلى العاصمة، إضافة إلى انقطاع خدمة الإنترنت والاتصالات مما جعل التواصل وتوثيق الأحداث أمرا صعبا. ومع فرض السلطات قيودا على الإنترنت وخطوط الهاتف، سعى المحتجون إلى التعبئة للاحتجاج باستخدام المنشورات والرسائل النصية القصيرة والكتابات على الجدران والتجمعات في الأحياء. التمسك بالسلمية ورغم تعهد قوات الجيش السوداني بعدم التعرض للمواكب طالما كانت المظاهرات سلمية، لكنها واجهت آلاف المحتجين بإطلاق النار في العاصمة. وفي هذا الصدد، أكد مراسل الجزيرة أن دوي إطلاق النار سُمع بالقرب من مبنى البرلمان في أم درمان، كما أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. وبدورها أكدت لجنة أطباء السودان المركزية في تغريدة على تويتر، مقتل اثنين من المتظاهرين بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين بمنطقة أم درمان ومناطق أخرى من العاصمة، بالإضافة إلى أكثر من 100 إصابة كحصيلة أولية لقمع المظاهرات السلمية في أم درمان وبحري والقضارف، و62 إصابة في منطقة شرق النيل بالخرطوم إحداها بالرصاص. بينما أكد تجمع المهنيين السودانيين الذي قاد الاحتجاجات باعتباره أكبر تجمع نقابي في البلاد، عبر تويتر أيضا، أن قوات البرهان تهاجم المواكب السلمية في أم درمان بالرصاص الحي، وتمنع المصابين من الوصول لمستشفى السلاح الطبي. ودعا المحتجين "للتمسك بالسلمية والتزام توجيهات القيادة الميدانية بشأن المسارات وعدم الانسياق وراء بعض المحاولات لجرهم لمسارات مغايرة"، كما ناشد التجمع، "المنظمات الدولية والشعوب المحبة للسلم والديمقراطية بتصويب أعينها للسودان، ورصد الجرائم التي يرتكبها المجلس العسكري الانقلابي بحق السودانيين العزل". نبذ العنف وبالتزامن مع الاحتجاجات الواسعة في السودان، شددت جهات سياسية داخلية على رفضها ونبذها استعمال العنف ضد المتظاهرين، حيث دعت الحكومة المعزولة، الأجهزة العسكرية والأمنية إلى "الامتناع عن استخدام العنف وتقويض الانتقال الديمقراطي، محذرة من أن " الذهاب إلى سيناريو العنق سيرتد على الذين يقفون خلفه"، في إشارة إلى اختناق الأوضاع واحتمالات وصولها إلى طريق مسدود، وفقا لما نشرته وزارة الثقافة والإعلام على فيسبوك. واتهمت الحكومة، هذه الأجهزة بالتخطيط لافتعال أحداث تخريبية في مناطق متفرقة، "حتى تجد مسوقا للإفراط في العنف"، والذي استبقته بحملات اعتقالات واسعة استهدفت أعضاء لجان المقاومة بمدن سودانية ليل الجمعة. ودعت الشعب السوداني للتمسك بالسلمية لإعادة مسار الثورة. ومن جانبها، خاطبت قوى إعلان الحرية والتغيير، عبر فيسبوك، المتظاهرين، حيث قالت لهم "أنتم تسطرون ملحمة تاريخية جديدة تضاف إلى سجل ناصع من البسالة والصمود وقوة الشكيمة والنهج السلمي الذي أذهل العالم أجمع متوحدين"، مشيرة إلى أن "الأدوات والآليات التي ستحسم هذا الصراع هي الشارع وقواه الحية الباسلة أولاً، ومؤسسات الدولة الشرعية ثانياً". تحذيرات ويراقب المجتمع الدولي رد فعل الجيش السوداني على "المسيرة المليونيّة"، حيث حذرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، عشيّة الاحتجاجات، الأجهزة العسكريّة من استخدام العنف ضدّ المتظاهرين.