من التمكين إلى سطوة المليشيات.. من يرث تركة الإنقاذ في السودان؟
Al Jazeera
بعد شهور من حراك جماهيري واسع وإضراب عام شمل كل الولايات السودانية، لم يعد الناس يتحدثون عن الأمل الذي بعثته الثورة، بقدر ما يتهامسون حول المليشيا التي تحتل العاصمة.
في كتابه عن تاريخ السودان بعد الاستقلال، لم يجد المؤرخ البريطاني "بيتر ودوارد" عنوانا أفضل من "الدولة المضطربة" ليكون توصيفا جامعا لتاريخ السودان الصاخب بعد الاستقلال عن الاستعمار البريطاني منتصف القرن العشرين، فذلك البلد الهادئ صاحب القرى الوادعة الخضراء المُمتدة حول النيل، والمرسوم في أذهان جيرانه دائما بأنه بلد السكون والحميمية التقليدية والزراعة والتصوف، شهد تاريخه الحديث جولات متعاقبة من الصراعات السياسية والثورات والانقلابات، تعادل ما حدث لدى كل جيرانه مجتمعين تقريبا. كانت انتفاضة ديسمبر/كانون الأول من عام 2018 حلقة ضمن حلقات هذا التاريخ السياسي الثري، فالتظاهرات التي اندلعت في البداية على شكل احتجاجات عفوية على تردي الأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة وتفشِي الفساد الحكومي واستمرار الحرب في الأقاليم، ازدادت حدتها وانتشارها مع الوقت حتى أصبحت ثورة شعبية هائلة شملت غالبية الولايات السودانية لتطيح بنظام حكومة الإنقاذ المهيمنة على السلطة منذ ثلاثة عقود، وتحديدا منذ الانقلاب العسكري الذي قاده الرئيس السابق عمر البشير في يونيو/حزيران 1989. لكن ما إن عاد الثوار إلى منازلهم منتصرين مُطمئنين لكونهم حسموا جولة تاريخية جديدة لصالحهم، حتى لاحت في الأفق جولة جديدة من الصراع السياسي في السودان، مع تصدر القادة العسكريين وزعماء الميليشيات للمشهد الجديد بعد الإطاحة بحكومة الإنقاذ، وعلى رأسهم القائد العسكري الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد مليشيات الدعم السريع الذي يُعده البعض الرجل الأقوى في السودان في الوقت الحالي، وتكثُر التكهنات حول طموحه السياسي مع شروعه في تقديم نفسه بديلا مُحتملا لسلطة الإنقاذ المهزومة، وحليفا للقوى الإقليمية في المنطقة، خاصة بالتوازي مع فشل الحكومة الانتقالية المدنية في السودان في تقديم أي حلول للأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بالبلاد.More Related News