مسؤول سابق بالـ CIA لـ الشرق: قطر قامت بجهد طويل المدى في سلام أفغانستان
Al Sharq
تحدث البروفيسور بول ر. بيلار مساعد المدير التنفيذي لمدير المخابرات المركزية ورئيس وحدة التحليل لمركز مكافحة الارهاب بـ سي آي ايه سابقاً، والأستاذ بجامعة جورج تاون
تحدث البروفيسور بول ر. بيلار مساعد المدير التنفيذي لمدير المخابرات المركزية ورئيس وحدة التحليل لمركز مكافحة الارهاب بـ "سي آي ايه "سابقاً، والأستاذ بجامعة جورج تاون كزميل غير مقيم بمركز الدراسات الأمنية والخبير الأكاديمي بالملف الأمني والاستخباراتي، لـ "الشرق" في عدد من الملفات المهمة شملت خطوة انسحاب القوات الأمريكية مستعرضاً تاريخ تواجد القوات والأجندة الأمريكية الخاصة بالملف الأفغاني، كما أثنى على نتائج مفاوضات الدوحة معتبراً أن قطر قدمت جهداً طويل المدى باستضافة الأطراف الأمريكية والأفغانية، وأهمية تأكيد ادارة بايدن على خطوة الانسحاب لانهاء أطول حرب أمريكية. ◄الأزمة الأفغانية يقول البروفيسور بول ر. بيلار: انه يجب أن نسترجع لماذا توجهت القوات الأمريكية الى أفغانستان في أول الأمر حتى لا نتناسى في خضم التحديات الأولويات الرئيسية التي دفعت أمريكا الى الانخراط في الحرب الأفغانية، فالغرض الرئيسي الى الدخول في هذه الأزمة الأفغانية كان في أعقاب الهجمات الارهابية التي وقعت منذ عقدين وأدت الى تفجيرات سبتمبر، وحاجة أمريكا كسلطة رئاسية وقتها في القيام برد فعل قوي وحاسم، ولكن من الممكن الافتراض بأن هذا تم تحقيقه في الشهور الأولى عبر عملية الحرية الدائمة التي قامت بها المخابرات المركزية في أفغانستان وأيضاً قوات التحالف الدولي لمكافحة الارهاب والقوات الأمريكية، ونجحت عملية الحرية الدائمة في تقويض وجود تنظيم القاعدة بأفغانستان وأيضاً ازاحة حكم طالبان للبلاد باعتبارهم حلفاء لتنظيم القاعدة حينها لكن أمريكا لم تتخذ الخيار الأفضل بالخروج بعد تحقيق أهدافها. الآن بعد نحوعشرين عاماً للتو بدأنا في عملية فعلية لسحب القوات نهائياً من المشهد الأفغاني، ولحقيقة الأمر فان كافة ما كان يتم اطلاق عليه مسمى مهمة أمريكية في أفغانستان فهو في الواقع تسويق لقضية غير ناجحة وليس من الواقع أن تكون قضية مقنعة تبرر التواجد الأمريكي في أفغانستان طوال تلك المدة، كما أن ما يتعلق بما تحقق في الداخل الأفغاني سياسيا واقتصادياً واجتماعياً من اصلاحات عديدة ولكنه لا يرتقي الى أن يكون في صميم المصالح الأمريكية الحاسمة أو شديدة الأهمية وبكل تأكيد أن أهميتها ليست بقدر ما تم بذله من تضحيات وخسائر عديدة ومكلفة للغاية تكبدتها أرواح القوات الأمريكية ومليارات من الخزانة العامة خلال العشرين سنة الماضية. ◄ توجهات خاطئة ويوضح بول ر. بيلار مساعد الرئيس التنفيذي لوكالة الاستخبارات المركزية سابقاً: ان الأمر الآخر يتعلق بوجود توجه خاطئ أوغير دقيق اجمالاً وهو مفهوم بالنظر لطبيعة هجمات سبتمبر وتواجد القاعدة بأفغانستان حينها بأن أفغانستان لديها مكانة خاصة وموقع رئيس فيما يتعلق بالارهاب الدولي، وهذا ما تجده في بعض ما تذهب اليه التقارير الخاصة ببعض لجان الكونغرس المعنية بالملف الأفغاني، ولكن في حقيقة الأمر اذا ما نظرنا ليس فقط الى التاريخ وحسب لكن للواقع الحالي الآن وللمستقبل القريب تجد أن هذا الطرح غير صحيح من حيث التقدير الخاص بمكانة أفغانستان في الارهاب الدولي؛ حيث لا يمكن اعتبارها مكاناً خاصاً أو مثالياً بالنسبة لتنظيمات الارهاب الدولي مثل القاعدة وغيرها من التنظيمات فان أفغانستان في الواقع لا تختلف عن أي منطقة في العالم يستطيع أن يتخذها عناصر الارهاب الدولي موقعاً لهم، وبجانب هذا أن فكرة وجود ملاذ آمن للارهابيين ليس بالضرورة الأمر الأكثر أهمية في تحديد مدى خطورة التهديدات الارهابية الى أمريكا في السنوات المقبلة، فحتى بالنظر الى أحداث 11 سبتمبر ذاتها فان أغلب عمليات التحضير للعملية الارهابية لم تكن في أفغانستان بل كانت في أماكن مثل هامبورغ وأسبانيا ومدارس تعليم الطيران الأمريكية وبكل تأكيد في الفضاء الرقمي والذي كان أكثر خطورة. كما أكد بيلار الخبير الأكاديمي بملفات الأمن القومي ومكافحة الارهاب: ان الأجواء السياسية التي حددت موقف الادارات الرئاسية المتعاقبة كانت خاطئة في التعامل مع الملف الأفغاني، فكانت مخاوف الرؤساء الأمريكيين السابقين من انهاء الحرب الأفغانية واعطاء التفويض بسحب القوات في أن يعقبها بعض أعمال العنف، أو بعض من الهجمات الارهابية التي بها بعض روابط بأفغانستان وحينها فستكون الادارة التي اتخذت أمر الانسحاب هي التي تتحمل الحرارة السياسية أو ما يعني اللوم الخاص بهذا، وبالاضافة الى ذلك أيضاً فكرة النهج الخاطئ بالتعامل مع بعض القضايا على أنها استثمار أو أن الوجود الأمريكي لا بد منه حتى تحقيق بعض العوائد من خلاله، ولكن طبيعة القوات الأمريكية المقدرة من 2500 الى 3500 ألف جندي المتواجدة الآن والتي تم الاعلان الرسمي عن بدء خطوات انسحابها، يدفعنا للتساؤل حول ماذا يمكن لهذه الأرقام المحدودة بالأساس تحقيقه وتنجح فيما فشلت فيه قوات تقدر بما يقرب من 100 ألف جندي أمريكي في عام 2010 و2011. ◄ أهمية الانسحاب وتابع بيلار في تصريحاته لـ الشرق مؤكداً: ان انسحاب القوات الأمريكية هو أمر لا بد منه ويجب القيام به بطريقة مسؤولة، وكان من الواضح في خطاب انتوني وزير الخارجية الأمريكي الى الرئيس أشرف غني رئيس الجمهورية الأفغانية الاسلامية في الفترة الماضية به نوع من الوضوح الجاد فيما يتعلق بمقارنة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية مقابل مصالح الحكومة الأفغانية، وأيضاً أن الموقف الأمريكي المسؤول تجاه الانسحاب يتطلب النظر في بنود اتفاق الدوحة 29 فبراير عام 2020 بالانسحاب الكامل ليس الجزئي في أول مايو هو أمر ما زال مطروحا على مائدة التفاوض الأمريكية في خياراتها للمضي قدماً، كما أن هناك حقيقة واضحة تتعلق بالموقف الأمريكي من ضرورة اشراك الدول الأخرى والجهات الفاعلة فيما يتعلق بمستقبل السلام الأفغاني خاصة مع اعتزام الأمم المتحدة بالتنسيق مع كل من روسيا والصين وباكستان والهند وايران لمناقشة مستقبل السلام الأفغاني، ومن الممكن أن تكون النتائج مشابهة لمؤتمر بون قبل عشرين عاماً والذي تولى على أساسه حامد كرزاي رئاسة الجمهورية الأفغانية الاسلامية، الا أن نتائجه في هذه المرة ستشمل عناصر من حركة طالبان في السلطة الرئاسية أو الحكومية على وجه التدقيق وكلاعبين رئيسيين في منظومة الحكم، وبكل تأكيد ما يتم طرحه في مفاوضات الدوحة وموسكو واسطنبول وأيضاً الدول المذكورة كلهم يرغبون في تقويض الأخطار الارهابية المستقبلية، كما أن عددا من الدول أيضا أصبحت تقوم بدور رئيسي وفاعل في عملية السلام، فقطر قامت بجهد طويل المدى في عملية السلام وتستضيف الأطراف الأفغانية بممثلي حكومة الرئيس أشرف غني وحركة طالبان، وسيكون الجهد الدبلوماسي القطري والروسي والتركي مهماً للغاية في دفع وتنشيط عملية السلام. واختتم الخبير الأمريكي تصريحاته موضحاً: ان الانسحاب الأمريكي الكامل أمر حاسم وضروري والالتزام بأجندة اتفاق الدوحة أول مايو له حيثية تتعلق بالمخاوف المرتبطة بتصعيد الهجمات الارهابية، فاتفاق الدوحة المهم ساهم في تخفيض حجم خسائر القوات الأمريكية التي ظلت حتى الآن لنحو 12 شهراً دون تسجيل خسارة واحدة في القوات الأمريكية، لهذا فان وعدم حسم ملف الانسحاب دون توافق مع حركة طالبان يمكن أن يقوض تلك السلسلة النظيفة من الخسائر في أرواح القوات الأمريكية، وادارة بايدن عموماً كانت واضحة في التزامها بخطوة الانسحاب والتزامها بعملية السلام وكان القرار الخاص بأن يكون أول مايو موعد بداية الانسحاب الكامل حتى 11 سبتمبر بدلاً من كونه موعداً نهائياً كما جاء في الاتفاق مع حركة طالبان، في أن يتم انتظار رد الفعل الخاص بذلك وأن تقدم أمريكا في الوقت نفسه ما يدعم حرص طالبان على التفاوض والالتزام بسياق واضح تتحقق فيه أهدافهم أيضاً في رحيل القوات الأمريكية وقوات التحالف بصفة كاملة عن الأراضي الأفغانية، وكلها أمور تخبرنا بها الأيام المقبلة ولكن ما يجب التأكيد عليه هو أن قرار الانسحاب هو القرار الصحيح، وان الاستجابة للأصوات المنادية لمزيد من الانخراط الأمريكي في المأزق الأفغاني تعد تسويفاً يفتقد للوجاهة السياسية ويفتقر الى الأهمية التي توجب الحل العسكري الذي فشل خلال عقدين في تحقيق أهدافه وكبد خسائر أرواح تقدر بـ2500 ألف جندي و2 تريليون دولار من الخسائر المالية.More Related News