مسؤولون بمؤسسات حكومية ودولية في غزة: الوضع في القطاع يتجه نحو كارثة إنسانية
Al Arab
تتجه الأوضاع في قطاع غزة إلى كارثة إنسانية محققة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي، وارتفاع أعداد القتلى والجرحى، وحجم التدمير الكبير الذي يصاحبه تشديد الحصار
تتجه الأوضاع في قطاع غزة إلى كارثة إنسانية محققة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي، وارتفاع أعداد القتلى والجرحى، وحجم التدمير الكبير الذي يصاحبه تشديد الحصار وإغلاق "معبر كرم أبو سالم"، المعبر الوحيد التجاري الرئيسي الذي يزود غزة بما تحتاجه من مواد غذائية ووقود وأدوية ومستلزمات متنوعة. وأدى إغلاق المعابر وشح الوقود إلى إعلان شركة كهرباء قطاع غزة عن توقف المحطة الوحيدة لتوليد الكهرباء للوقود ما فاقم الأزمات الصحية والاجتماعية، وهدد بشكل كامل المنظومة الصحية المتهالكة أصلا، ومنظومة المياه والصرف الصحي لأكثر من مليوني فلسطيني في القطاع المحاصر. ومن المؤكد أن استمرار العدوان الإسرائيلي والحصار سيدفع بالمنظومة الحياتية في قطاع غزة إلى الانهيار الكبير، ما سيكون له تأثيرات خطيرة على كافة مناحي الحياة وقطاعات الخدمات المختلفة. وعن التطورات الإنسانية في القطاع، قال الدكتور أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: إن الوزارة أعلنت بدء العد التنازلي لوقف الخدمات الصحية بالكامل إذا لم يتم توريد الوقود لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع، لافتا إلى أنه في حال عدم توريد الوقود لمستشفيات قطاع غزة ستتجه الأوضاع نحو الكارثة، لا سيما أن الكميات المتبقية لا تفي إلا لساعات محدودة لا تتجاوز الـ 72 ساعة. ولفت القدرة إلى تزامن العدوان الإسرائيلي مع نقص 40 في المئة من الأدوية الأساسية والمستلزمات الطبية، لا سيما أدوية الطوارئ والعيادات المكثفة وغرف العمليات، إضافة إلى نقص 32 في المئة من المستهلكات الطبية الأساسية والحساسة، و60 في المئة من مستلزمات المختبرات وبنوك الدم، موضحا أن العدوان الإسرائيلي يأتي في ظل إنهاك المنظومة الصحية بفعل الحصار الإسرائيلي، وتهالكها بما يجعلها في حاجة مؤكدة للتطوير والدعم. وشدد المسؤول الصحي في غزة على أن المنظومة الصحية في القطاع قد لا تكون قادرة على الاستمرار أمام هذه التحديات الجسيمة، خاصة أن العدوان الإسرائيلي يأتي متزامنا مع منع الاحتلال إدخال 24 جهازا من أجهزة الأشعة التشخيصية، وقطع غيار لإصلاح الأجهزة الطبية المتعطلة في مستشفيات غزة، كما أن انقطاع التيار الكهربائي سيؤثر بشكل مباشر على الصحة العامة للمجتمع، ووقف عمل مضخات الصرف الصحي ومعالجة المياه، وكذلك إمداد المنازل بالمياه الصالحة للشرب من قبل الجهات المختصة. ولفت المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة إلى أن إغلاق الاحتلال للمعابر الأساسية مثل معبر /ايرز - بيت حانون/، شمالي القطاع، يحد من حركة المرضى باتجاه المشافي التخصصية بالداخل المحتل وفي القدس والضفة الغربية المحتلة، مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال منعت عشرات المرضى من الوصول إلى المستشفيات خلال الأيام الماضية، بينهم مرضى الأورام وتشوهات القلب وغيرها من الأمراض الصعبة التي قد تفاقم من أوضاعهم الصحية. كما شدد الدكتور أشرف القدرة، في تصريحه لـ /قنا/، على أن المشهد يزداد سوءا يوما بعد يوم في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي الذي يستنزف كميات كبيرة مما هو متوفر لوزارة الصحة من إمكانيات محدودة ومستنزفة أصلا لدى الطواقم الطبية، ما دفع وزارة الصحة لوقف العمليات المجدولة وإغلاق العيادات الخارجية لاستثمار كل الإمكانيات المتاحة من أجل معالجة جرحى العدوان المستمر على القطاع، مشيرا إلى أنهم تواصلوا حتى هذه اللحظة مع كافة المؤسسات الإنسانية والإغاثية حول العالم، ولكن لم ترد أية مساعدات للقطاع سواء على مستوى الأدوية والمستلزمات الطبية أو على مستوى الوقود. وناشد القدرة كافة المؤسسات الإنسانية والإغاثية ومحبي الشعب الفلسطيني بتلبية كافة الاحتياجات الطارئة لوزارة الصحة، خاصة فيما يتعلق بالأدوية الخاصة لغرف الطوارئ والعناية المكثفة والعمليات الجراحية، وإمداد القطاع أيضا بالوقود اللازم حتى لا تحدث كارثة إنسانية وصحية في القطاع.
من جانبه، قال السيد محمد ثابت مدير العلاقات العامة والإعلام في شركة توزيع كهرباء غزة: إن هناك أزمة حقيقية ووضعا كارثيا بسبب نفاد الوقود وتوقف محطة توليد الكهرباء، لافتا إلى أن الأزمة تفاقمت مع تعطل خط كهرباء رئيسي في "مخيم جباليا" الذي يغذي منطقة الشمال بسبب العدوان الإسرائيلي على القطاع. وقال ثابت في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: إن هذا الخط يتحمل 12 ميجاوات، ومع تعطله تقل قوة الكهرباء التي تصل من الخطوط الإسرائيلية إلى 108 ميجاوات بدلا من 120، محذرا من تعطل المزيد من خطوط الكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي العنيف. وتابع ثابت: "لدينا كمية كهرباء محدودة وبسيطة جدا في ظل طلب عالٍ وكبير جدا على الطاقة، يصل إلى 570 ميجاوات، في حين أن المتوفر لدى شركة الكهرباء هو 108 ميجاوات فقط"، مشيرا إلى أن فجوة العجز كبيرة جدا، وقد يصل العجز إلى 80 في المئة بحسب اعتقاده. وأوضح أن العجز سينعكس على جدول توزيع الكهرباء، حيث سيتم تطبيق جدول أربع ساعات وصل للتيار الكهربائي و16 ساعة قطع، وقد تصل ساعات القطع لأكثر من ذلك، مشيرا إلى أنهم مطالبون في شركة الكهرباء بإمداد كافة المرافق الحيوية كالمشافي، وآبار المياه، ومحطات تحلية المياه، ومحطات المعالجة، ومضخات المياه، بالتيار الكهربائي، وهذا أمر صعب جدا الإيفاء به، ما سيؤثر على هذه القطاعات، خاصة القطاع الصحي الذي يعاني معاناة شديدة في ظل عدم توفر الوقود، وعدم القدرة على شرائه من السوق المحلية لا سيما أن كلفته مرتفعة جدا، ويصعب تأمينه. وحول توفر مخزون احتياطي من الوقود، أوضح ثابت لـ /قنا/، أن الاحتياطي بدأ بالنفاد، خاصة أن المخزون لا يكفي لأكثر من عشرة أيام، والاحتلال الإسرائيلي يغلق معبر "كرم أبو سالم"، ويمنع إدخال الوقود منذ ستة أيام، معربا عن أمله في أن تنجح الوساطات في وقف هذا العدوان الغاشم. وطالب الأمم المتحدة وكافة الأطراف والجهات المعنية بضرورة تجنيب ملف الكهرباء الواقع السياسي والأمني، وإجبار الاحتلال على عدم استخدام هذا الملف للضغط على المدنيين في غزة، كما طالب مدير العلاقات العامة بتوفير حماية لطواقم الدفاع المدني والعاملين بشركة الكهرباء، الذين يعملون ليلا ونهارا ويتعرضون لمخاطر القصف. بدوره، وصف السيد عدنان أبو حسنة، المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين /أونروا/، الأوضاع في غزة بالمأساوية جدا حتى قبل التصعيد الحالي، موضحا في تصريح خاص لـ /قنا/، أن نسبة البطالة وصلت إلى 50 في المئة، إضافة إلى أزمات أخرى كأزمة الطاقة والمياه غير الصالحة للاستهلاك البشري، ومشاكل كبرى في دخول وخروج الناس من وإلى القطاع، وقال: إن عمليات إعادة الإعمار لم تستكمل حتى اليوم إذ إن /أونروا/ أعادت فقط إعمار 50 في المئة من البيوت المدمرة. وشدد أبو حسنة على أن أزمة الطاقة ستؤثر على كافة مناحي الحياة في غزة، مثل مضخات المياه، ووصول المياه للبيوت، ومضخات الصرف الصحي وتلويث مياه البحر، محذرا من أن القطاع الصحي والمشافي في غزة ستنهار مع إعلان وزارة الصحة توقف العمليات المجدولة. وحول عمل موظفي /أونروا/ في ظل الأزمة الحالية، قال المستشار الإعلامي، في تصريحه لوكالة الأنباء القطرية: إن /أونروا/ قررت تقليص عدد ساعات العمل في العيادات التابعة لها بسبب الأوضاع الأمنية الخطيرة إذ سيعمل الموظفون الأساسيون في القطاع الصحي ومكتب صحة البيئة، بينما ستغلق كافة المنشآت الأخرى التابعة لها، مشددا على أن هناك ضغطا كبيرا نتيجة قطع الكهرباء وعدم قدرة القطاع الصحي على مواجهة الوضع وإجراء العمليات الجراحية، إضافة إلى نفاد الأدوية، مشيرا إلى أن هذا لن يؤثر فقط على القطاع الصحي الحكومي أو عمل /أونروا/، بل أيضا على العيادات الخاصة. من جانبه، ذكر المحلل الاقتصادي محسن أبو رمضان، لـ /قنا/، أن قطاع غزة شريط حدودي دقيق به كثافة سكانية كبيرة جدا، ويعيش به أكثر من مليوني إنسان في ظروف إنسانية صعبة، وفي ظل موارد طبيعية محدودة جدا، كما لا يوجد لدى قطاع غزة مخزون من المواد والسلع الاستراتيجية، وإن وجدت لا تتوفر بها الكميات المناسبة من أجل أن تكون احتياطيا استراتيجيا يتصدى لمشاكل الحصار، بما يجعل الوضع يتجه نحو الانفجار. وأوضح أن معبر "كرم أبو سالم" هو المعبر التجاري الوحيد الذي تدخل منه المواد الغذائية والوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء، وقد أغلقه الاحتلال منذ ستة أيام ما يعني أن كافة المواد الأساسية التي يستهلكها الإنسان نفدت من الأسواق، محذرا من أن قطاع غزة سيشهد كارثة إنسانية محققة إذا استمر إغلاق هذا المعبر. وعن وضع المستشفيات، لفت أبو رمضان إلى النقص في المستلزمات الطبية والأدوية بنسبة 40 في المئة، والعجز في الوقود لتشغيل المولدات الخاصة بالمستشفيات والعيادات بصورة كبيرة جدا، مشددا على أن الأزمة تتطلب نداء إغاثة عاجلا من كافة الجهات الرسمية ومن المؤسسات الأهلية والدولية العاملة في القطاع بضرورة التدخل الفوري لإنهاء هذا الإغلاق، وإدخال السلع والمستلزمات الأساسية، ومنع عملية الانهيار للأوضاع الإنسانية والمعيشية.