مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم: قيمة قضايا العام الجاري فاقت المليار والنصف مليار ريال
Al Sharq
قال سعادة الشيخ الدكتور ثاني بن علي آل ثاني عضو مجلس الإدارة للعلاقات الدولية بمركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم التابع لغرفة قطر، إن قيمة القضايا التي تلقاها
قال سعادة الشيخ الدكتور ثاني بن علي آل ثاني عضو مجلس الإدارة للعلاقات الدولية بمركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم التابع لغرفة قطر، إن قيمة القضايا التي تلقاها المركز خلال العام الجاري بلغت مليارا وستمائة وواحد وأربعين مليونا وخمسمائة وستة وثلاثين ألفا ومائتين وتسعة عشر ريالا ( 1,641,536,219)، مبيناً أن العدد الكلي للقضايا التي نظرها المركز بلغت مائة واثنتين وستين قضية تحكيمية، حيث أصدر المركز حكماً تحكيميا في 75 منهاً، فيما بلغ إجمالي عدد القضايا لهذا العام 30 قضية تحكيمية، مبيناً أن أغلب القضايا التي نظرها المركز تتعلق بعقود الإنشاءات والتطوير العمراني والتنمية العقارية ومشاكل نقص في المواد الأولية ومواد البناء، ومشاكل متعلقة بالطاقة والعمالة. وأوضح سعادته في حوار خاص أجرته معه وكالة الأنباء القطرية /قنا/ أن التحكيم التجاري يعد قضاءً خاصاً يقوم على السرعة والتخصص في تسوية الخلافات بين أطراف العقد، على يد أشخاص على دراية كاملة بالمعاملات والأعراف والقواعد الخاصة بفروع التجارة المختلفة خاصة ذات الطابع الدولي. لافتاً الى أن التحكيم يعد من الوسائل البديلة لحل المنازعات وتجنب نشوئها عبر علاقة تعاقدية يتفق عليها الأطراف منذ إبرام العقد مما يدعم ويسهل حسن تنفيذ العقد. وأشار الى أن الخلافات التي تنشأ بين أطراف العقد تحال وفق قواعد التحكيم إلى أشخاص مستقلين عن الأطراف، وعلى حياد تام ليتم الفصل فيها بحكم نهائي وبات وملزم للأطراف.. مبيناً في هذا السياق أن تطور ظروف التجارة والاستثمار الداخلي والدولي والتغير في أنماط الحياة التجارية بسبب التحولات الاقتصادية التي يشهدها هذا العصر، أفرز حاجة ملحة لتنظيم المنازعات التي تنشأ بين الأفراد الأمر الذي يتطلب أن يلجأ الخصوم الى وسائل أخرى اختيارية لفض المنازعات التي تنشأ بينهم بدلاً من اللجوء إلى القضاء والتي من أهمها التحكيم. وفي سياق متصل، أشار سعادة الشيخ الدكتور ثاني بن علي آل ثاني عضو مجلس الإدارة للعلاقات الدولية بمركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم، إلى أن دولة قطر من أوائل الدول التي انضمت لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن اتفاقات التسوية الدولية المنبثقة من الوساطة، والمعروفة بـ"اتفاقية سنغافورة للوساطة"، والتي دخلت حيز التنفيذ في 12 سبتمبر من العام 2020، مؤكداً على أن الوساطة تعتبر وسيلة "سريعة وناجزة وقليلة التكلفة" لحل الخلافات التجارية بين الأطراف. لافتاً الى أن المشرع القطري وعبر إصدار قانون التحكيم رقم 2 لسنة 2017 في المواد المدنية والتجارية، اتبع سياسةً ونهجاً خاصاً تجاه التحكيم باعتباره إحدى الوسائل البديلة لحل المنازعات بين الأفراد، لكي يقوم بدوره جانباً إلى جنب مع القضاء، ما يمثل طفرة هامة على الصعيد المحلي والعالمي، حيث يعزز هذا الأمر البناء التشريعي الداعم للاستثمار والذي ينعكس على تشجيع الاستثمار في البلاد عبر الوسائل البديلة لفض المنازعات. وتابع سعادته قائلاً "لا شك أن تطور القواعد الحاكمة بالوسائل البديلة لفض المنازعات يعتبر من أهم التشريعات الداعمة لعملية الاستثمار، حيث أنها توفر إطاراً قانونياً غير رسمي بعيداً عن محاكم الدولة لتسوية المنازعات التجارية والمدنية التي قد تنشأ بين الأطراف الوطنية أو الأجنبية بشكل فعال وموفر للجهد والمال والوقت".. مؤكداً أن التحكيم في الوقت الحالي أضحى ضرورة يفرضها التطور الاقتصادي للسوق القطري ونمو حركة التجارة العالمية وتشعبها خاصة في عقود التجارة الدولية طويلة المدة أو متعددة الأطراف. ولفت سعادته إلى أن التحكيم ساهم في تخفيف عبء القضايا الملقاة على كاهل المحاكم الوطنية، كونه يمتاز بالمرونة في الإجراءات والتخصص في طبيعة المحكمين الذين يختارهم الأطراف، لحسم نوع الخلافات التي تكون مرتبطة ببيئة تجارية معينة لها قواعد وأسس خاصة كما هو الحال في تجارة المواد الأولية الخام وتجارة المعادن وتجارة الحبوب والصناعات الثقيلة والاتصالات والمقاولات والتطوير العمراني وغيرها. وحول إبرام وثيقة التحكيم وإجراءات وآليات اللجوء اليه، أفاد سعادته بأن شرط التحكيم هو الأساس في العمل والذي يقضي بأن أي نزاع حول إعمال أو تفسير أو تنفيذ أو بطلان العقد يتم تسويته عن طريق التحكيم، وفق وثيقة التحكيم /المشارطة/ كما يتم تحديد أطراف المشارطة وعنوان كل منهم وبيان من يمثل كل منهم والتوقيع على المشارطة، وتحديد عدد المحكمين وتسميتهم وعنوان كل منهم، وبيان الرابطة القانونية محل النزاع وتحديد المنازعات التي تعرض على التحكيم ومكان التحكيم ولغته والقانون الواجب التطبيق على إجراءاته. وتابع سعادته "في حال تولي المركز الفصل في خلاف أو نزاع لإصدار حكم تحكيمي يتم تحديد ميعاد التحكيم وبدء سريانه، وتحديد سلطة المحكمين للحكم وفقا لقواعد العدالة أو قانون محدد وسلطتهم في إصدار الأوامر الوقتية "إن أراد المحتكمين"، ثم تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع". ولفت سعادة الشيخ ثاني بن علي آل ثاني الى أنه وفي حالات معينة تتم الإحالة إلى وثيقة أخرى تتضمن شرط تحكيم، مبينا أن الإشارة في عقد ما إلى وثيقة تتضمن شرط التحكيم تعد ملزمة بشرط أن تكون تلك الإشارة واضحة على اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد، فضلا عن المراسلات المتبادلة إذا تضمنت اتفاق تحكيم أو أي من وسائل الاتصال المكتوبة كالرسائل والبرقيات والبريد الإلكتروني التي تتضمن اتفاق تحكيم موقع من الطرفين والتي تعبر صراحة على التزامهم باتفاق التحكيم". وفي سؤال حول الأطراف التي تلجأ للتحكيم، أفاد سعادته بأنهم طرفا العقد الذين يتفقان على أن يتم إحالة أي نزاع ينشأ بينهم إلى التحكيم في جميع أو بعض المنازعات المحددة التي نشأت أو قد تنشأ بينهما، بشأن علاقة قانونية محددة تعاقدية كانت أو غير تعاقدية. موضحاً أن وضع الشرط النموذجي للتحكيم الخاص بالمركز سهًل على الشركات اللجوء للتحكيم أمامه، مما سهل الفصل في القضايا التحكيمية وخفف تكلفة التحكيم "حيث أن اللجوء إلى المراكز الدولية يعد امراً مكلفاً".
وفيما يتعلق بإسهام التكنولوجيا الحديثة في تعزيز إجراءات التحكيم وتجاوز القيود التي فرضتها جائحة كورونا، قال سعادة الشيخ الدكتور ثاني بن علي آل ثاني عضو مجلس الإدارة للعلاقات الدولية بمركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم في حواره مع /قنا/، إن معظم مراكز التحكيم الدولية و بعض مكاتب المحاماة العالمية وغيرها من الجهات المعنية بالتحكيم، سارعت عقب تفشي جائحة/كوفيد-19/، إلى إصدار مجموعة من الإرشادات أو القوائم أو القواعد المرنة التي تعطي توجيهات خاصة بشأن كيفية السير في الإجراءات بواسطة استخدام التقنيات الحديثة في الاتصالات ومنصات التواصل عبر تقنية الاتصال المرئي، مما سمح لأطراف النزاع بمواجهة هيئة التحكيم دون الحضور المادي في مكان واحد. ونوه سعادته الى أن تلك الإجراءات أسهمت الى حد بعيد في وضع إطار تنظيمي لعقد الجلسات، مبيناً بأن الكثير من هيئات التحكيم استلهمت قواعدها الإجرائية من تلك الإرشادات. وفي هذا السياق، أشار سعادة الشيخ الدكتور ثاني بن على آل ثاني الى /بروتوكول سيئول/ بشأن استخدام تطبيق الاتصال المرئي في التحكيم الدولي حيث يهدف الى أن يكون بمثابة دليل لأفضل الممارسات لإجراء الجلسات المرئية في التحكيم الدولي . وتابع قائلاً " كما أصدرت غرفة التجارة الدولية (ICC) المذكرة التوجيهية بشأن التدابير الممكن اتخاذها للتخفيف من آثار جائحة فيروس كورونا بهدف تعزيز فعالية إجراءات التحكيم والتذكير بالأدوات الجرائية المتاحة للأطراف ووكلائهم وهيئات التحكيم للتخفيف من حالات التأخير الناتجة عن الجائحة، في حين أصدرت الجمعية الأمريكية للتحكيم (AAA-ICDR) مجموعة من التوجيهات للمحكمين وللأطراف بشأن التحكيم المرئي، فضلا عن عدد من البروتوكولات والآليات التي أصدرتها عدة جهات دولية معنية بالتحكيم بجانب عدد من مكاتب المحاماة العالمية". أما فيما يتعلق باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة وكيف تم تجاوز العقبات القانونية خلال انتشار جائحة كورونا وكيفية تحقيق الاستفادة من تلك الوسائل، أشار سعادته الى أنه تم استحداث طرق بديلة لتسجيل الدعاوى وإرسال واستلام المذكرات وغيرها من المستندات بالطرق الإلكترونية الحديثة. وأضاف في هذا السياق قائلاً "بل أن مراكز التحكيم نجحت بالتعاون مع هيئات التحكيم وأطراف النزاع والمحامون في استحداث جلسات استماع ومرافعة مرئية مستخدمة فيها برامج للحاسب الآلي ومعدات ذات تقنية عالية ومتطورة لتلبي حاجة أصحاب المصلحة لتحاكي طبيعة ومناخ جلسات المرافعة التقليدية والاستماع إلى الشهود واستجوابهم ومناقشة الخبراء وإتاحة الفرصة لكل طرف في عرض دعواه وحججه وأدلته الثبوتية مع توفر نفس الضمانات الأساسية للتقاضي في سهولة ويسر حيث يتم إصدار حكم التحكيم إلكترونياً وإرساله للأطراف مما يوفر في كثير من الأحيان الوقت والنفقات التي كانت تتكبدها الأطراف خاصة في دعاوى التحكيم التي تقام بالخارج أو التي تستلزم التنقل لمسافات كبيرة". ولفت سعادته الى أن مراكز ومؤسسات التحكيم العالمية والعربية خاصة تلك المتواجدة في دول مجلس التعاون الخليجي ظلت تعمل بكامل طاقتها عن بُعد وأصدرت إرشادات للمتعاملين معها بشأن التقنيات المرئية والسمعية الحديثة التي يمكن لهيئات التحكيم استخدامها في مباشرة إجراءات التحكيم استناداً إلى قواعد مراكز التحكيم التي تتيح عادة لهيئات التحكيم أن تطبق الإجراءات بالكيفية التي تراها مناسبة وبحسب ظروف كل دعوى ووفقاً للقواعد الإجرائية واجبة التطبيق للتسهيل على الأطراف والحفاظ على حقوقهم وسرعة الفصل في المنازعات شريطة أن تتوفر في كل هذه الإجراءات الاحترام الكامل للضمانات الأساسية للتقاضي وأن تهيئ لكل طرف فرصة كاملة متساوية لعرض دعواه ودفاعه ودفوعه مستخدماً الوسائل التكنولوجية المتاحة في عصرنا الحديث. وفي ختام الحوار، تطرق سعادة الشيخ الدكتور ثاني بن علي آل ثاني عضو مجلس الإدارة للعلاقات الدولية بمركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم الى المشاريع والخطط المستقبلية للمركز، مبيناً أن المركز يهدف الى تعزيز الوسائل البديلة لفض المنازعات المدنية والتجارية (التحكيم والتوفيق والوساطة والصلح) ونشر ثقافتها وتحسين ممارستها عملياً، و تطوير علاقة المركز بالمراكز الإقليمية والدولية، و توقيع مذكرات التفاهم مع الجهات الأكاديمية والتعليمية فضلا عن تحديث وتنقيح القواعد الإجرائية للتوفيق والتحكيم وإضافة بنود جديدة متعلقة بالتحكيم الطارئ والتحكيم المرئي. وأشار سعادته الى أن المركز يقوم بشكل متواصل بعقد دورات تدريبية بهدف تأهيل المحكمين، عبر دورات تخصصية في مجال التحكيم وفقاً للمعايير الدولية، حيث قام المركز بتأهيل 435 محكماً منهم 175 قطرياً، كما يقوم المركز بقعد الندوات والمؤتمرات المتخصصة في التحكيم والوساطة، والمشاركة في المؤتمرات الخارجية الدولية المتخصصة في مجال التحكيم (التحكيم التجاري، المنازعات الهندسية، المنازعات البحرية، المنازعات المصرفية والمنازعات في عقود الطاقة). كما يعمل المركز على إعداد مرجعية على مستوى كافة الدول العربية ترصد بشكل منتظم التطبيقات القضائية لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية ( اتفاقية نيويورك 1958) وتعمل على توحيد تفسير وتطبيق الاتفاقية .