مدير معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية بباريس: قطر أثبتت للعالم أنها قوة دبلوماسية وإنسانية فاعلة
Al Sharq
أشاد السيد باسكال بونيفاس مؤسس ومدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس (iris) بالدور الذي تلعبه دولة قطر في المشهد السياسي الدولي. وقال في لقاء جمعه مع
أشاد السيد باسكال بونيفاس مؤسس ومدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس (iris) بالدور الذي تلعبه دولة قطر في المشهد السياسي الدولي. وقال في لقاء جمعه مع الشرق إن الدوحة تسعى إلى أن تكون واجهة الدبلوماسية العالمية، بوصفها الدولة التي تتحدث إلى الجميع وقد لعبت الدوحة دورا جوهريا لا يقدر بثمن في تيسير تخليص الملف الافغاني عن طريق بناء جسر للحوار بين أطراف الصراع داخليا في افغانستان والحكومة الأمريكية في السنوات الأخيرة. وأبرز باسكال بونيفاس أن الدوحة لا تمتلك فقط حنكة دبلوماسية كبيرة تخول لها لعب دور الوسيط بما يستوجبه من حيادية ونظرة سلمية، بل لديها أيضا بنية تحتية متطورة جدا واسطول طيران ضخم وقدرات لوجستية عالية المستوى، فلما استلزم الوضع اجلاء مواطنين من مختلف الدول من بينها طبعا فرنسا، فعلت الدوحة قدراتها اللوجستية العالية.
ما هو تفسيرك لاستعادة طالبان للحكم في افغانستان، بعد سنوات من الحرب؟ عودة طالبان للحكم ان دل على شيء فهو يدل على الفشل الذريع للتدخلات العسكرية ولغة القوة التي حاولت فرضها القوات الغربية على افغانستان. لا يمكن أبدا حل النزاعات بطريقة الغصب والاكراه، لا يمكن تطويع ارادة الشعوب بالعنف وافغانستان مثال معبر على هذا: يُلقب حكم الطالبان بـ"مقبرة الامبراطوريات" اذ انهزمت أمامهم الامبراطورية البريطانية والامبراطورية السوفياتية ومؤخرا الامبراطورية الأمريكية. ميزانية التدخل العسكري الأمريكي في أفغانستان تقدر ب 20 مليار دولار وميزانية طالبان لا تتجاوز 2 مليار دولار خلال الصراع، دون الحديث عن الفارق العددي العسكري. ورغم ذلك لم تتمكن أمريكا من التغلب عليهم، تصدير مبادئ وقيم الغرب بالقوة الى مجتمعات شرقية أمر فاشل ولم يجد نفعا.كيف تجد دور الوساطة الذي لعبته دولة قطر في الملف الأفغاني؟ قطر لعبت دورا جوهريا لا يقدر بثمن في تيسير تخليص الملف الافغاني عن طريق بناء جسر للحوار بين أطراف الصراع داخليا في افغانستان والحكومة الأمريكية في السنوات الأخيرة. طبعا هناك بعض الجهات غير المطلعة على حيثيات هذه الاعمال منذ سنوات تفاجأت بالدور القطري مؤخرا وذهب بها التخمين أن قطر تساعد وتحمي طالبان، وهذا خطأ تماما، اذ يجتمع الخبراء بالتأكيد على أن قطر لعبت دور الوسيط بين طالبان والأمريكيين بطلب من هؤلاء الأخيرين لما استحالت لديهم طرق التواصل والمفاوضات مع طالبان. والجدير بالذكر أن دور الوسيط بالنسبة لقطر امر معتاد منذ سنوات كما يدل على ذلك وساطتها في دارفور في الملف السوداني من قبل.
مؤخرا خلال اجتماع الجمعية العامة، نادى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، المجتمع الدولي الى مواصلة الحوار مع طالبان وعدم غلق قنوات المفاوضات. ما رأيك بهذا الموقف مع العلم أن الدول الغربية لديها نزعة عزل ومقاطعة وتسليط عقوبات احيانا اقتصادية مجحفة على الدول التي لا تستسيغ حكوماتها؟ غلق قنوات الحوار أكثر خطورة من أي شيء آخر في العلاقات الدولية وخصوصا في النزاعات. هناك ازدواجية لدى الدول الديمقراطية في معاملة بعض الأنظمة التي تعتبرها دكتاتورية، فأحيانا تواصل التعامل معها وأحيانا أخرى تقرر بصفة انتقائية أن أنظمتها لا تتماشى مع قيمها الديمقراطية. أرى أن موقف قطر يتماشى مع مفهوم ما يسمى بـ "الواقعية السياسية" ( real politics) وأنا أشاطر الرأي في هذا الصدد، طالبان تمكنوا من استعادة الحكم وهم حاليا يمثلون حكومة افغانستان فلا مفر من التعامل معهم وتطوير العلاقات خطوة خطوة.بعد الاشادة الكبيرة بدور قطر كوسيط وعنصر اغاثة في افغانستان، تحدّث الخبراء الاوروبيون عن الدوحة بصفتها جينيف القرن الحادي والعشرين.. ما هو رأيك؟ الوساطة و بناء جسر تواصل و مفاوضات عن طريق فتح قنوات الحوارخلال الأزمات من أفضل استراتيجيات فض النزاعات. وللعب هذا الدور يجب أن تتوفر في الوسيط صفات من بينها بناء الثقة مع الطرفين في النزاع على حد السواء وكذلك التدخل بنية حسنة وسلمية ومن الامثلة على هذا الدور يمكننا استحضار دور الفدرالية السويسرية في الوساطة بين ايران وأمريكا، وتشبيه الدوحة بجينيف في هذا المجال أمر لا نستغربه بما أن قطر تسعى إلى أن تكون واجهة الدبلوماسية العالمية، الدولة التي تتحدث إلى الجميع، من طالبان إلى الأمريكيين، وكذلك الإيرانيين والفلسطينيين والأوروبيون. وأريد أن أشير هنا الى أن قطر تمتلك ليس فقط حنكة دبلوماسية كبيرة تخول لها لعب دور الوسيط بما يستوجبه من حيادية ونظرة سلمية، بل لديها أيضا بنية تحتية متطورة جدا واسطول طيران ضخم وقدرات لوجستية عالية المستوى، فلما استلزم الوضع اجلاء مواطنين من مختلف الدول من بينها طبعا فرنسا، وضعت دولة قطر جسرا جويا وفعلت قدرات لوجستية عالية، والعديد من القوات الأجنبية والخبراء لديهم قناعة بأنه لولا الجهود الدبلوماسية والانسانية التي حشدتها قطر خلال عمليات الاجلاء لحصلت كارثة انسانية كبيرة. وحاليا تواصل قطر عمليات اغاثة انسانية والحوار مع طالبان يجعل عمل المنظمات الانسانية في افغانستان ممكنا. بدون أدنى شك سجلت قطر نقاطا دبلوماسية كبيرة ونجاحا اغاثيا انسانيا حاسما في الملف الأفغاني. قطر تعتبر قوة دبلوماسية حاليا خصوصا في سياق منطقة الشرق الأوسط ذات الخريطة الاستراتيجية الزاخمة بالنزاعات.