
مخاوف من طمس الحقيقة وضياع حقوق اللبنانيين
Al Sharq
يتابع اللبنانيون والعالم بأسره قضية انفجار مرفأ بيروت العام الماضي، غير ان التحقيقات لم تكشف بعد عن هوية المتورطين في الحادثة التي خلفت دمارا مروعا في شوارع وأحياء
يتابع اللبنانيون والعالم بأسره قضية انفجار مرفأ بيروت العام الماضي، غير ان التحقيقات لم تكشف بعد عن هوية المتورطين في الحادثة التي خلفت دمارا مروعا في شوارع وأحياء المدينة، لاسيما تلك القريبة من المرفأ، تركت الآلاف في ذهول يبحثون عن مفقوديهم تحت الأنقاض، وقد تكون العدالة هي عزاؤهم الوحيد. لكن التطورات الاخيرة في القضية، قد تعرقل التحقيقات اكثر، حيث اوقف المحقق العدلي إجراءات التحقيق بانتظار اتخاذ المحكمة قرارها بخصوص طلب المدعى تعيين قاضي تحقيق جديد.
أصدر القضاء اللبناني، أمس، حكما مؤقتاً يقضي بتجميد التحقيقات التي يجريها طارق البيطار المحقق العدلي بقضية انفجار مرفأ بيروت، على اثر طلب استبدال تقدم به عضو البرلمان نهاد المشنوق، وهو أحد الوزراء الذين تولوا سابقا حقائب وزارية مرتبطة بالمرفأ، وطالب البيطار في يوليو الماضي برفع الحصانة النيابية عنهم تمهيداً للتحقيق معهم، لكن طلبه قوبل بالرفض من قبل البرلمان، وهو ما جعله يلجأ لتحديد موعد لاستجوابهم قبل 19 أكتوبر المقبل، تاريخ انطلاق العقد الثاني لمجلس النواب، للاستفادة من غياب حصاناتهم الوظيفية. *مسار معقد وعلى ما يبدو فان قضية المرفأ تتجه نحو مسار معقد، حيث أعلن المكتب الإعلامي لوزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق، الجمعة الماضي، أنه تقدم بطلب أمام محكمة الاستئناف في بيروت لرد طلب القاضي البيطار وتعيين محقق عدلي آخر بدلاً عنه. وارتكز طلب المشنوق على عدم الالتزام بالنصوص الدستورية التي تحصر ملاحقة الوزراء السابقين بصلاحيات المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وتجاهل المجلس بحجة التئامه منذ تأسيسه. وكان وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس تقدم أيضا بطلب نقل الدعوى من القاضي البيطار إلى قاض آخر، وذلك بناء على ما وصفه بـ"الارتياب المشروع" في أداء المحقق العدلي. *عرقلة التحقيقات ويخشى اللبنانيون من طمس الحقيقة في قضية مرفأ بيروت، التي أججت الخلافات بين المسؤولين والسياسيين، لكن الفترة المقبلة قد تكشف إن كان البيطار سيواصل مهمته أو ستتم تنحيته مثل سلفه القاضي فادي صوان، الذي كفّت محكمة التمييز الجزائية في لبنان يده عن التحقيقات في القضية، على خلفية طلب وزيرين سابقين ادعى عليهما صوان. وكان صوان قد وجه تهما رسمية لحسان دياب رئيس حكومة تصريف الأعمال السابق، وكل من علي حسن خليل وزير المالية السابق، وغازي زعيتر، ويوسف فنيانوس، وزيري الأشغال العامة السابقين، بـ"الإهمال والتقصير والتسبب في وفاة وإيذاء مئات الأشخاص"، وتبناها خلفه البيطار. ومنتصف سبتمبر الجاري، دعت 145 جهة حقوقية لبنانية ودولية مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة لإنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة، خوفا من الضغوط على التحقيق المحلي. ويرفض أهالي ضحايا الانفجارالتدخلات السياسية في عمل البيطار، في اعتصاماتهم المتواصلة للمطالبة بكشف الحقيقة. وفي وقت سابق، نقلت المجلة الفرنسية "لوبس"، عن يوسف لحود محامي أكثر من ألف من ضحايا الانفجار، قوله إن المسؤولين يحاولون الهروب من العدالة. وقال لحود إن التحقيق كشف عن هوية عدة أطراف متورطة في القضية، من بينها مالك شركة الشحن المسؤولة عن نقل البضائع، واسم البنك الموزمبيقي الذي مول العملية، مشيرا إلى أن العدالة حددت المسؤوليات فيما يتعلق بالجهة التي جلبت نترات الأمونيوم إلى بيروت، وأسباب تفريغ الشحنة وكيف تم تخزينها ولماذا لم يتم إتلافها أو إعادتها إلى الخارج. *أزمات متتالية ضاعف انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في 4 أغسطس 2020، معاناة اللبنانيين، حيث أودى بحياة اكثر من 200 شخص واصابة نحو 7 آلاف آخرين، فضلا عن أضرار مادية هائلة في أبنية سكنية وتجارية، إثر اشتعال أطنان من نترات الأمونيوم شديدة الاشتعال، التي كانت جزءا من حمولة تقدر بـ2750 طنا، خزنت بالعنبر رقم 12، وكانت مصادرة من سفينة رست بالمرفأ منذ العام 2014، من دون توضيح السلطات مصير الحمولة المتبقية. وقدرت الخسائر المادية الناجمة عن الانفجار الكارثي بنحو 15 مليار دولار. ومنذ 2019، يعاني لبنان أزمة اقتصادية طاحنة هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، أدت إلى انهيار مالي وتدهور الاوضاع المعيشية وانهيار العملة المحلية وفقدانها أكثر من 90 بالمئة من قيمتها، وهو ما انذر بانهيار شامل، فضلا عن أزمات سياسية متتالية. وارتفعت البطالة في لبنان إلى مليون عاطل في 2020، بحسب إحصاءات "الدولية للمعلومات".