
متعة زيارة الروضة الشريفة
Al Raya
بقلم – حمد عبد العزيز الكنتي : أُعطِي النبي صلى الله عليه وسلم مكانة من ربه لم تُمنح لغيره، ومنها أن الله جلت قدرته صلى عليه وملائكتُه الكرام، وأمرنا في القرآن الكريم بالصلاة عليه قائلًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) سورة الأحزاب الآية (56). ومن حبّ …
أُعطِي النبي صلى الله عليه وسلم مكانة من ربه لم تُمنح لغيره، ومنها أن الله جلت قدرته صلى عليه وملائكتُه الكرام، وأمرنا في القرآن الكريم بالصلاة عليه قائلًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) سورة الأحزاب الآية (56).ومن حبّ الله سبحانه له منحه صفتين من صفاته، حينما قال في القرآن الكريم (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) سورة التوبة الآية (128).وربط إسلام المسلم بالشهادتين (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله) وبدون أن يشهد برسالة محمد صلى الله عليه وسلم لا يتم إسلامه.بل لا يتم أي أذان للصلوات الخمس المفروضة دون أن يتم تجديد الإيمان برسالته في ثالث مفردات الأذان، ولا تتم الصلاة التي تشكل الركن الثاني من أركان الإسلام إلا بالصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير من كل صلاة سواء كانت الفريضة أو النافلة.وهذا شيء قليل من مواطن كثيرة شرّف فيها اللهُ خاتمَ الأنبياء وسيدَ المرسلين نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم عن باقي الأنبياء والبشر، بل جعل رسالته صلى الله عليه وسلم للناس كافة، كما قال في القرآن الكريم (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) سورة الأنبياء الآية (107).إن هذه الامتيازات وغيرها جعلت أحوالنا كمُسلمين ينبغي أن تكون منسجمة مع محبته صلى الله عليه وسلم كما أحبه الله. وحبُّنا يعني أن نحب الأماكن التي سكنها، سواء مكة المكرمة التي أمضى فيها قرابة خمسين عامًا من عمره أو في المدينة المنورة التي قضى فيها آخر ثلاث عشرة سنة من عمره عليه الصلاة والسلام.ويا لجمالنا حينما نستصحب تلك العناية الربانية به صلى الله عليه وسلم ونحن نتحرك صوب المدينة المنورة التي شرّف الله أرضها باحتواء قبره الكريم، تلك المدينة التي لو تحدثت لرَوَتْ لنا السيرة النبوية الشريفة بكل تفاصيلها.عندما تأخذنا الخُطى نحو مسجده الذي شرّفه الله أيضًا بمضاعفة الصلاة فيه ألف مرة عن جميع المساجد سواه إلا المسجد الحرام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث (صلاة في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام).وقبل أن تزوره يمكنك زيارة الروضة الشريفة التي قال صلى الله عليه وسلم في فضلها (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة) لتنعم فيها بركعتين تستشعر فيهما عظمة المكان وعراقة الموقع وفضل المساحة وأجر الصلاة.لتأتي اللحظة المُنتظرة وهي زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه – أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما – تلك اللحظة التي تصيب الجسد بالقشعريرة وتلهب المشاعر بالهيبة، وأنت تقف أمام قبره صلى الله عليه وسلم مصطحبًا لكل المزايا التي كرّمه الله بها ومُستحضرًا للأدوار الكبيرة التي قام بها صلى الله عليه وسلم في إخراج الأمة من الظلمات إلى النور.خطوات بطيئة تمضي بنا أمام قبر سيد البشر صلى الله عليه وسلم حيث السماحة والقداسة، تلقي قلوبنا السلام قبل الأفواه وتتحدث الأفئدة قبل الألسن وتُعبّر الدموع عما يخفى في القلوب، ويصغي الجميع لصمت المكان المهيب حيث يهامس الجميع ربهم متأملين – ببركة المكان – القبول منه، لحظات من الروحانية الفائقة التي تغشى الوجدان وتهز الكيان، فكل المعاني تصغر وكل الشخصيات تتلاشى أمام قيمة النبي صلى الله عليه وسلم.More Related News