مؤلم ما يحدث للفلسطينيين على أرضهم
Al Raya
بقلم – عبدالعزيز أحمد السعدي نُشرت قبل فترة صورة لأم وابنتها تذرفان الدمع أسفًا على منزلهما الذي نسفه الجيش الإسرائيلي، وفي وجهيهما من ملامح التعبير ما يعجز المداد عن التعبير عنه، وهو من ناحية أخرى تجسيد صارخ للحالة الخطيرة التي آل إليها الوضع في أراضي السلطة الفلسطينية من انتهاكات إسرائيلية فاضحة، رغم وردية ما يُشاع …
نُشرت قبل فترة صورة لأم وابنتها تذرفان الدمع أسفًا على منزلهما الذي نسفه الجيش الإسرائيلي، وفي وجهيهما من ملامح التعبير ما يعجز المداد عن التعبير عنه، وهو من ناحية أخرى تجسيد صارخ للحالة الخطيرة التي آل إليها الوضع في أراضي السلطة الفلسطينية من انتهاكات إسرائيلية فاضحة، رغم وردية ما يُشاع أن إسرائيل حمامة سلام، حيث لم يثمر ذلك على أرض الواقع عن فعل ملموس، إنما إجراءات شكلية مثل السماح لعشرات من الفلسطينيين بالصلاة في المسجد الأقصى بمناسبة الشهر الفضيل، لكن الأهم باقٍ ومتواصل، فاحتلال أراضي السلطة الفلسطينية باقٍ، والاغتيالات باقية، وتدمير منازل الفلسطينيين باقٍ، ولا تملك النساء إلا الدموع، ولا يملك الأطفال إلا الأنين، والعرب، كل العرب، من المحيط إلى الخليج، لا يملكون إلا الاكتفاء بالمشاهدة والغضب، إن وجد فلا يتعدى ساحة ميكروفونات الإعلام العربي، ولا يملكون من أسلحة الردع إلا الرجاء للمُحتل بالكفّ عن الإيذاء والقَبول بالجلوس على كرسي طاولة المفاوضات، والموافقة على تنفيذ خريطة الطريق التي ترياقها إعلامي أكثر من كونها حلًا عادلًا نهائيًا للقضية الفلسطينية. الصورة التي نشرت هي واحدة من عشرات الصور التي تنشر من وقت لآخر في الصحف وفي مواقع الإنترنت، وتشاهد حية في الإعلام المرئي، لكن لا شيء أبدًا يُحرك منها ضمير العالم، ولا يُحرك مجلس الأمن الدولي وحقوق الإنسان، وكأن الإنسان في فلسطين شيء آخر مختلف، لا علاقة له بالإنسان عمومًا في مشارق الأرض ومغاربها، إلا ابن فلسطين الذي ترفض إسرائيل إعطاءه أبسط الحقوق التي أقرّتها الشرعية الدوليّة. الصورة التي نشرت هي ذاتها التي نشاهدها يوميًا في الإعلام المرئي، حين تقوم الجرافات بانتزاع كل ما يتصل بالهُوية الفلسطينية على الأرض الفلسطينية، البيت، الحقل، الموروث المعماري، ولا يملك الفلسطيني إلا الحجر يرجم به الآلات الغريبة التي جاء بها الإنسان الغريب إلى أرضه، ولا تملك المرأة إلا دموعها، ولا يملك العجوز إلا حنجرته، يقذف صوته حممًا على الغريب. ويزيد الوجع إيلامًا عندما تصرخ المرأة في وجه الكاميرا تستنهض فينا الحراك، ولا يملك العجوز إلا الألم عبثًا يطالب الدول العربية بنجدته، لكن لا شيء يتحرك إلا من بعض أصوات هنا وهناك من الشارع العربي تُندد بالجرم الإسرائيلي، ولا شيء يخرج من الدول العربية، ولا شيء يسمع من جوف ضمير العالم إلا المُطالبة بالكفّ عن رجم الغريب بالحجر، لعل غضبه يهدأ ويقبل أن يكف أذاه ويوافق على تنفيذ معاهدات السلام، ويرضى في نهاية المطاف بالموافقة على إعلان دولة فلسطينية، لا علاقة لها بمفهوم الدولة. مؤلم ما يحدث للإنسان الفلسطيني في فلسطين الحبيبة، موجع ما يحدث للأرض الفلسطينية العزيزة الغالية، والأكثر إيلامًا ووجعًا الصمت الرهيب المُطبق على شفاهنا، وعيوننا وسواعدنا، مُكتفين بالنظر، نشاهد الغريب يلتهم أحشاء أطفالنا ورجالنا ونسائنا وأرضنا، ولا نفعل أي شيء سوى أن نتابع فصول الجرم من بعيد، ومن بعيد جدًا وكأن أمرهم لا يعنينا.More Related News