
مؤتمر تغير المناخ: قطر إنجازات بارزة وخطط طموحة وتعاون دولي واسع
Al Sharq
تكتسب قضية التغير المناخي أهمية كبرى وأولوية قصوى في صدر الأجندة الدولية، لما ينطوي عليها من تأثير بالغ الخطورة على كوكب الأرض وحياة البشر والنبات والحيوان،
تكتسب قضية التغير المناخي أهمية كبرى وأولوية قصوى في صدر الأجندة الدولية، لما ينطوي عليها من تأثير بالغ الخطورة على كوكب الأرض وحياة البشر والنبات والحيوان، وغير ذلك من المتغيرات والمخاطر قريبة ومتوسطة وبعيدة التأثير والضرر. ومن هذا المنطلق فقد أدركت دولة قطر والعالم أهمية هذه القضية، وضرورة توفر البيئة الصحية المستدامة كحق بشري، في وقت أثبتت فيه المفاوضات المناخية العالمية وقمم التنوع البيولوجي، الاستعداد العالمي للتحرك في هذا الاتجاه، الذي تؤكد دولة قطر باستمرار التزامها القوي بالمساهمة فيه. ويبرز الموقف القطري الداعم للجهود الدولية في مكافحة التغير المناخي، في تخصيص وزارة للبيئة والتغير المناخي، من ضمن اختصاصاتها الحد من الانبعاثات المسببة للتغير المناخي، ما يؤكد الاهتمام المستمر والدعم اللامحدود الذي يوليه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى - حفظه الله ورعاه - لقضية البيئة والمناخ. ويدلل على هذا الاهتمام كذلك مشاركة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP26)، في مدينة غلاسكو الإسكتلندية. وفي إطار اللقاء الذي عقده سموه مع دولة السيد بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا على هامش انعقاد المؤتمر، أعلنت مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وشركة "رولز-رويس" البريطانية، عن دخولهما في شراكة طويلة الأمد لإنشاء مركز عالمي للابتكار في تكنولوجيا المناخ. كما وقعت دولة قطر مؤخرا مذكرة تفاهم مع المعهد العالمي للنمو الأخضر، بشأن التعاون في مجال التكيف مع تغير المناخ والنمو الأخضر، علما بأن قطر عضو مؤسس في هذا المعهد الذي يساعد البلدان النامية على اتباع استراتيجيات تنمية مبنيَّة على أسس الاستدامة، ما يؤكد الاهتمام والدعم المستمر لقضية البيئة وتغير المناخ، والذي وضع دولة قطر في مكانة مميزة كعضو فاعل وحيوي في جميع المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بالبيئة والمناخ، ومساهمتها في دعم جهود البلدان النامية لمكافحة التأثيرات المترتبة على تغير المناخ. ويتضح اهتمام قطر بقضية البيئة والتغير المناخي أيضا في تعيين مبعوث خاص لوزير الخارجية لشئون التغير المناخي والاستدامة، وفي تضمين قطر قضية البيئة والتغير المناخي في رؤيتها الوطنية 2030، التي تتوافق مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة وطموح الدولة لبلوغ مركز قيادي في المنطقة من خلال تنفيذ العديد من المشاريع والمبادرات التي تساهم في الجهود المبذولة، لخفض الملوثات الهوائية وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. وفي سياق ذي صلة، أطلقت دولة قطر في 28 أكتوبر الماضي /استراتيجية قطر الوطنية للبيئة والتغير المناخي/ والتي تساهم مع خطة العمل الوطنية للتغير المناخي 2030، في تحقيق التوازن بين الحاجة الملحة إلى العمل في مجال تغير المناخ وحماية البيئة، وضرورة تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة في اقتصاد يقوم أساسا على تصدير الغاز الطبيعي المسال والمنتجات ذات الصلة. وتؤكد الاستراتيجية التزام الدولة بحماية وتعزيز البيئة وتأسيس تجانس بين المكونات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية تماشيا مع مستهدفات رؤية قطر الوطنية 2030، بجانب السعي الدؤوب لتأمين بيئة قطر للأجيال الحالية والمستقبلية، وكذا الاهتمام الكبير غير المحدود بظاهرة التغير المناخي باعتباره أحد أهم المعضلات البيئية على المستويين الوطني والعالمي، ونظراً لمخاطره وتحدياته التي تستوجب تعزيز الاستجابة العالمية وتنسيق التعاون الملح بين الأطراف المعنية. وتغطي استراتيجية قطر الوطنية للبيئة والتغير المناخي 5 مجالات هي انبعاثات الغازات الدفيئة، وجودة الهواء، والتنوع البيولوجي، والمياه والاقتصاد الدائري، وإدارة النفايات واستخدام الأراضي، مع وضع نظام حوكمة لتنفيذ الاستراتيجية، للوصول للأهداف المحددة بحلول عام 2030، ومن ذلك خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 25 بالمئة، وإنشاء 30 محطة لرصد جودة الهواء بحلول عام 2023، وزيادة عدد المحميات فيما يتعلق بالتنوع البيولوجي. وتتميز الاستراتيجية بكونها متكاملة من حيث استخدام الأراضي، وهي تهدف إلى تحسين الإنتاجية الزراعية والاستدامة بما يتماشى من استراتيجية قطر للأمن الغذائي، في حين أن استخدام الأراضي بكفاءة أكبر سيرتقي بجودة الحياة في قطر من خلال تأمين وسائل مواصلات عامة ومساحات خضراء . كما تتوافق مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة وطموح دولة قطر لبلوغ مركز قيادي في المنطقة، من خلال تنفيذ العديد من المشاريع والمبادرات التي تساهم في الجهود المبذولة لخفض الملوثات الهوائية وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وفوق كل ذلك فالاستراتيجية نتيجة الجهود المشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمواطنين القطريين والهادفة إلى تحقيق النجاح الباهر وتوفير مستقبل أكثر استدامة للشعب القطري. ويقول المهندس حسن جمعة المهندي وكيل الوزارة المساعد لشئون البيئة بوزارة البيئة والتغير المناخي في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إنه فيما يتعلق بالركيزة الأولى الخاصة بانبعاثات غازات الدفيئة مثلا، فإن التعاون الدولي سيشكل عاملا أساسيا لخفض الانبعاثات، لافتا إلى أن دولة قطر لتحقيق ما تعهدت به بخفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 25 بالمئة حتى عام 2030 مقارنة بالمسار المعتاد، ستتبنى تقنيات منخفضة الكربون وحلول تعتمد على المواد الطبيعية، موضحا أن تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة سيتأتى عنه العديد من الفوائد كتحسين جودة الهواء المحيط الخارجي والداخلي مثلا. وأكد أن هذه الاستراتيجية تشكل نقطة انطلاق للمحطة التالية من "رحلتنا الهادفة إلى تحقيق التناغم والتوازن بين الاقتصاد والشعب والطبيعة" ونقطة الارتكاز أيضا لتوحيد وتوسيع الجهود لضمان الحماية المثلى للنظام البيئي، كما تعد حجر الأساس لإدارة موارد قطر المائية بما يحقق استدامتها، فضلا عن إسهامها في تحسين ممارسات إدارة النفايات، ما سيمكن من تعزيز الاقتصاد الدائري، لافتا إلى أنه عند تطوير الاستراتيجية تم إيلاء اهتمام كبير لإرساء هيكل حوكمة قوي من شأنه أن يشكل عامل تمكين أساسي لضمان النجاح في تنفيذها، وأكد أن التنفيذ الفعال لهذه الاستراتيجية سيكون نموذجا تحتذي به سائر الدول لتوجيه دفة السفينة نحو مستقبل أكثر استدامة.
وبصفة دولة قطر مستضيفة لبطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، فقد أكدت في أكثر من مناسبة ومحفل التزامها بتنظيم بطولة صديقة للبيئة وأول بطولة "محايدة للكربون" عبر استخدام الطاقة الشمسية في الملاعب، واستخدام تكنولوجيا تبريد وإضاءة موفرة للطاقة والمياه. وتسعى دولة قطر في ظل توجيهات القيادة الحكيمة الى أن تحتل مراتب عليا في قطاع النقل العام واستخدام السيارات الصديقة للبيئة، وفي هذا الصدد فإن من الخطط الطموحة لوزارة المواصلات ، أن تصبح وقبل انطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، بين 20 إلى 25 بالمائة من وسائل النقل العام في الدولة صديقة للبيئة تعمل بالطاقة النظيفة وتتمتع بأفضل معايير السلامة وعلى درجة عالية من الجودة والكفاءة. ومن شأن خيارات النقل الصديقة للبيئة الحد من الأثر الكربوني للبطولة، وبناء إرث مستدام للأجيال المقبلة، حيث أن توفير حلول نقل تعمل بالطاقة النظيفة، مثل مترو الدوحة، وشبكة الترام، والحافلات الموفرة للطاقة، سيؤدي إلى تقليل الانبعاثات الناتجة عن عمليات البطولة، في حين أن تقارب المسافات في مونديال قطر يضمن للمشجعين واللاعبين والإداريين وغيرهم عدم الحاجة إلى رحلات طيران داخل قطر، ما يقلل من الأثر البيئي للبطولة مقارنة بالنسخ السابقة من كأس العالم. وعلى الصعيد الخارجي ، لم يقتصر اهتمام دولة قطر ودعمها المستمر لقضية البيئة والتغير المناخي فقط على الصعيد الوطني ، بل تعدى ذلك ليشمل دعم جهود البلدان النامية لمكافحة التأثيرات المترتبة على تغير المناخ ، ومن ذلك ما أعلن عنه حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى خلال كلمته في قمة العمل من أجل المناخ عام 2019 ، من مساهمة دولة قطر بمبلغ 100 مليون دولار أمريكي لدعم الدول الجزرية الصغيرة النامية والدول الأقل نموا ، للتعامل مع تغير المناخ والمخاطر الطبيعية والتحديات البيئية ، وبناء القدرة على مواجهة آثارها المدمرة . وكل ذلك يثبت بما لا يدع مجالا للشك الدور الكبير والمحوري الذي تقوم به دولة قطر في مجال التعاون مع المنظمات والهيئات الدولية المعنية بشؤون البيئة والتغير المناخي، سيما وأن دولة قطر كانت من أوائل الدول التي انضمت لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في العام 1996 وبرتوكول كيوتو في العام 2005 واتفاق باريس في العام 2016 ، كما أن دولة قطر عضو في الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) التي تدعم البلدان في انتقالها إلى مستقبل الطاقة المستدامة ، علما أن قطر استضافت مؤتمر الأطراف الثامن عشرCOP18 عام 2012، والذي يُعد أحد محطات المفاوضات العالمية للتغير المناخي التي ساهمت في الوصول لاتفاق باريس بشأن التغير المناخي عام 2015 . وبلا شك فإن ظاهرة تغير المناخ هي إحدى التحديات الخطيرة في هذا العصر ، وهي مهمة حيوية تكمن أولا في تعايش الجميع بانسجام مع الطبيعة ، وتطرح في نفس الوقت إشكاليات عديدة تتشابك في أبعادها الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، ما يتعين معه على البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء، ايلائها ما تستحقه من عناية بالغة وجهود مضاعفة لمواجهة تحدياتها والحد من تداعياتها، مع وفاء كافة الأطراف بتعهداتها ومسؤولياتها وتنفيذ التزاماتها التي كرستها الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن .