مؤتمر تغير المناخ: تونس تعلن عن مساهمتها الوطنية بشأن المناخ
Al Sharq
ألقت التغيرات المناخية بظلالها على تونس ولا سيما وأن الانبعاثات الغازية باتت تتسبب في الاحتباس الحراري الذي أثر بشكل كبير على العديد من القطاعات في البلاد. وقد
ألقت التغيرات المناخية بظلالها على تونس ولا سيما وأن الانبعاثات الغازية باتت تتسبب في الاحتباس الحراري الذي أثر بشكل كبير على العديد من القطاعات في البلاد. وقد أفادت توقعات وزارة البيئة التونسية بأن معدلات الأمطار السنوية ستنخفض بنسبة تتراوح بين 10 بالمئة بالشمال الغربي و30 بالمئة بأقصى جنوب البلاد مع حلول عام 2050. كما بات تأثير تغير المناخ على الموارد المائية أمرا متوقعا وفق الوزارة التي بينت حسب دراسة لها عام 2015 أنها تتوقع تحول أرخبيل قرقنة إلى مجموعة أكبر من الجزر الصغيرة، أي أن قرابة 30 بالمئة من المساحة الإجمالية للأرخبيل معرضة للانجراف البحري. وتحتل تونس المركز 74 في ترتيب الدول، وفقا لانبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون. وقد بلغت هذه الانبعاثات في عام 2011 حوالي 25643 كيلو طن. أي ما يعادل 0.7 بالمئة من الانبعاثات العالمية في نفس العام، أي أقل بكثير من دول مثل الصين أو الولايات المتحدة. وأعلنت تونس منذ عام 2015 عن مساهمتها في الجهود الدولية المبذولة للتخفيف أو الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وتقليص الاقتصاد القائم على الكربون دون المساس بأهدافها التنموية. كما أنها كانت من أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (UNFCCC) عام 1993 وبروتوكول كيوتو عام 2002. واتخذت العديد من الإجراءات للحد من آثار هذه الظاهرة، حيث قامت وزارة البيئة والتنمية وبدعم ألماني، بتكليف مجموعة من الخبراء والاستشاريين الوطنيين والدوليين بمهمة صياغة وإرساء استراتيجية وطنية قوية، بشأن الاحتياجات اللازمة ونقاط الضعف وضرورة التكيف مع تغير المناخ. وللحد من آثار التغيرات المناخية بالرغم الصعوبات المالية التي تواجهها تونس، فقد أعلنت في شهر سبتمبر الماضي عن مساهمتها المحددة وطنيا بشأن المناخ، واقترحت التركيز على مجالات مثل الاقتصاد الدائري والأمن الغذائي والأمن المائي والتنمية الاجتماعية. كما أكدت أن هدفها هو التخفيض من الكثافة الكربونية بنسبة 45 بالمئة في أفق عام 2030، مقارنة بعام 2010. وأوضح السيد كمال الدوخ وزير الشؤون المحلية والبيئة السابق، خلال ندوة في شهر سبتمبر الماضي حول "المساهمات المحددة وطنيا" بموجب اتفاق باريس حول المناخ، أنه رغم مساهمة تونس بنسبة 0.007 بالمئة في انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم، فهي تبقى معرضة بشكل كبير لتأثيرات التغيرات المناخية. كما أوضح أن تونس ستقدم نسختها من مساهمتها المحددة وطنيا بعد المصادقة عليها، إلى المنصة الأممية للاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ، مثلما هو مطلوب من جميع الأطراف الـ191 الموقعة على اتفاقية باريس. وبموجب الفصل 4 من اتفاق باريس حول المناخ، فإن جميع الدول الأطراف مدعوة إلى تقديم مساهمتها الوطنية المتعلقة بالتصدي لتغير المناخ، مع الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع والقدرات الوطنية. وقد صادقت تونس على اتفاقية باريس في أكتوبر عام 2016، وأكدت من خلال هذه المصادقة التزامها السياسي على الصعيد العالمي بإعداد مساهمتها العالمية. ولمواجهة تغير المناخ وآثاره السلبية، تبنت 197 دولة اتفاق باريس في مؤتمر الأطراف 21 الذي عقد في 12 ديسمبر 2015، ويهدف إلى الحد بشكل كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى درجتين مئويتين مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة.
وقد التزمت تونس ضمن مساهمتها الأولى لعام 2015 بالتخفيض من كثافة الكربون بنسبة 45 بالمئة في غضون عام 2030 وتشمل هذه التخفيضات خاصة قطاعات الطاقة حوالي 75 بالمئة والصناعات والنفايات والغابات والفلاحة. ووفق وزارة البيئة التونسية فإن هذه التخفيضات تتوزع إلى تخفيضات غير مشروطة بنسبة 13 بالمئة يتم تحقيقها بالاعتماد على الإمكانيات الوطنية وتخفيضات مشروطة بنسبة 28 بالمئة تستوجب توفير إمكانيات إضافية تخص التمويل ونقل وتطوير التكنولوجيا. وفيما يتعلق بعنصر التأقلم مع التغيرات المناخية، تعتبر تونس بحكم موقعها الجغرافي في المنطقة المتوسطية والإفريقية من البلدان الأكثر عرضة لتأثير التغير المتمثلة وفق وزارة البيئة في ارتفاع درجات الحرارة إلى حدود عليا وانخفاض وتواتر وتباين معدل تساقط الأمطار. بالإضافة إلى ارتفاع مستوى مياه البحر. وقد تم ضمن المساهمات المحددة وطنيا الأولى إدراج أهم البرامج والأولويات الوطنية المتعلقة بتأقلم القطاعات الأكثر هشاشة للتغيرات المناخية والتي تشمل الموارد المائية والفلاحة والسياحة والصحة. وتقدر الاحتياجات المالية لتنفيذ المساهمات المحددة وطنيا خلال الفترة 2015 / 2030 بنحو 30 مليار دولار أمريكي بالنسبة لمجال التخفيف من الانبعاثات الغازية وما يقارب 2 مليار دولار بالنسبة لمجال التأقلم مع التغيرات المناخية. وتسعى تونس، في هذا الإطار، إلى الاقتصاد في استهلاك الطاقة الأولية إلى 4 ملايين طن مكافىء نفط في أفق عام 2030 والتقليص في انبعاث الغازات الدفيئة في قطاع الطاقة. وتقدر نسبة التخفيض المتوقعة بـ73 بالمئة، وذلك عبر تحسين النجاعة الطاقية في قطاع الصناعة والنقل والبناء وكذلك عبر الاستخدام المكثف للطاقات المتجددة والتوجه نحو الصناعة النظيفة. كما شهدت تونس خلال الربع الثاني من العام الجاري، كثافة الأنشطة في مجال المناخ التي تولت تنسيقها الوحدة الوطنية للتغيرات المناخية وبدعم من عدد من الشركاء على غرار الوكالة الألمانية للتعاون في مجال التنمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وتمثلت هذه الأنشطة بشكل خاص في تحيين المساهمات المحددة وطنيا الأولى التي تم استكمالها عام 2015، مع تعزيز القدرات الوطنية لوضعها موضع التنفيذ والإنجاز، إلى جانب تطوير المنظومة الوطنية للشفافية وفقا لمقتضيات المادة 13 من اتفاق باريس حول المناخ وبلورة استراتيجية للتنمية ذات الانبعاثات الضعيفة والمتأقلمة مع التغيرات المناخية في أفق عام 2050. ويعتبر التعاون البريطاني حسب وزارة البيئة رافدا آخر من روافد الدعم الذي تقدمه مختلف الأطراف لتونس في سعيها إلى صياغة وإنجاز سياساتها الوطنية في مجال المناخ. وقد عقدت لجنة قيادة التعاون التونسي البريطاني في مجال التغيرات المناخية اجتماعا افتراضيا يوم 7 مايو 2021 خصص لوضع الخطوط الكبرى للتعاون في هذا المجال على الأمدين القصير والمتوسط. وتتكون اللجنة من ممثلين عن السفارة البريطانية بتونس وعن وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج وعن وزارة الشؤون المحلية والبيئة ووزارات الفلاحة، والصحة، والنقل، والسياحة. وتشارك تونس في مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين لتغير المناخ (COP26) الذي ينظم في مدينة "غلاسكو" الإسكتلندية، من 31 أكتوبر إلى 12 نوفمبر 2021. وتضم البعثة التونسية التي تشارك في هذه القمة، حوالي 80 عضوا يمثلون جميع الاختصاصات من بينهم أطراف حكومية في عدة وزارات، ومجتمع مدني.