لجأ لفتاواها الصحابة وصححت مروياتهم ونقَدت الأشعار وعارضت خليفتين راشدين.. السيدة عائشة أم المؤمنين والمثقفة الموسوعية
Al Jazeera
تدين البشرية -بعد بعثة النبي محمد ﷺ- بالفضل العظيم لامرأتين ساهمتا في حفظ الرسالة النبوية على الوجه الذي تمّت به حتى بلغت الناس؛ إحداهما السيدة عائشة التي كانت التلميذة النجيبة الأولى في مدرسة النبوة.
نشأة فريدة بعد وفاة خديجة -رضي الله عنها- ألحّ على النبي الكريم سؤال الزواج مجددا؛ فقد تركت له عيالا يحتاجون إلى رعاية، فوقع اختياره على سوْدة بنت زَمْعة (ت 54هـ/675م) -رضي الله عنها- وكانت امرأة ثيّبا تحسن تدبير البيت والعناية بالأبناء، وكانت مع ذلك امرأة حلوة الفكاهة "تضحكه (أي النبي ﷺ) الأحيان بالشيء"؛ كما يقول الإمام الذهبي في ‘السِّير‘. فبقي معها النبي ﷺ ثلاث سنوات متفرغًا لأمور الدعوة والترتيب للهجرة استعدادًا لبداية جديدة في مسيرة رسالته. ولما استقر المقام بالنبي عليه السلام في المدينة؛ وجد شخصية عبقرية بالقرب منه ذات خصائص نوعيّة تمكنها من حفظ ميراث النبوة، ومستعدة كل الاستعداد لتلقي العلم ونقل مروياته من بعد وفاته ﷺ؛ ولم تكن هذه الشخصية سوى الفتاة النابغة في بيت صاحبه ورفيقه في الهجرة أبي بكر الصدّيق (ت 13هـ/635م)؛ إنها ابنته عائشة التي كان الإمام التابعي الشَّعبي (ت 103هـ/722م) عندما يذكرها يتعجب من دقة فقهها وسعة علمها، ثم يقول: "ما ظنكم بأدب النبوة"؟! نشأت عائشة -رضي الله عنها- في بيت خُلْوٍ من الجاهلية، تعمّه المودة والرحمة والحماسة للدين الجديد؛ فقد تزوج أبوها أبو بكر التيْمي القرشي أمَّها أم رُومَان الكِنانيّة (ت 6هـ/628م) التي جاءت إلى مكة من ديار قومها في السَّراة (= منطقة جنوب مكة) مع زوجها عبد الله بن الحارث، الذي حالف أبا بكر ثم لم يلبث أن توفيَ عنها؛ فبادر حليفه رجل قريشٍ النبيل إلى الزواج من هذه السيدة الغريبة التي لم يعد في مكة لها نصير، وعاملها بمقتضى المروءة والعطف فأسلمت وحسن إسلامها، وكانت عائشة ثمرة هذه الأسرة الطيبة.More Related News