
كيف تصالح المتصوفة مع المحدّثين فتتلمذوا لابن تيمية ولبس الذهبي الخرقة وأسس شيخ الحنابلة ببغداد أكبر طريقة صوفية؟
Al Jazeera
يقدم هذا المقال رصدا ووصفا للكيفية التي تمكنت بها طوائف الفقهاء والمحدّثين والمتصوفة من تحويل اختلافها إلى ائتلاف وثيق، تجسّد في أئمة عظام جمعوا بين التيارات الثلاثة في تكوينهم المعرفي وحصادهم العلمي.
لم يكن التصوف في الإسلام فكرة مستوردة أو ضيفا غريبا جاء من بلاد بعيدة؛ بل كان جزءا من صميم الإسلام وامتدادا لمعاني الزهد والتزكية -بمفهومهما الشرعي الإيجابي نشاطاً والمتوازن روحاً ومادةً- التي نظَّر لها الإسلام منذ المرحلة المكية. ولذا لم يكن العلماء من الفقهاء والمحدثين مُنابذِين له كما قد يتوهم البعض بسبب بعض انتقاداتهم لأقوال وأفعال معينة تنسب لأهل التصوف، كما لم يكن هذا النقد يعني الإبعاد والإقصاء للمتصوفة. والحق أن نقد العلماء لمسالك التصوف كان جزءا من عملية إصلاحية طويلة تحاول تنقية المناهج الصوفية، ثم إعادة دمجها في مسار التيار العام خصوصا داخل أهل السُّنة والجماعة. لقد كانت عملية الإصلاح هذه طويلةً ومعقَّدةً جدا، ورسمُ مخطط تاريخي لتقصِّيها فيه صعوبة معروفة لمتتبعي تاريخ الأفكار والفِرَق والظواهر الثقافية المجتمعية، خصوصا إذا كان هذا المسار يحاول أن يرصد استجابات أطراف عملية الإصلاح الثلاثة (الصوفية والفقهاء والمحدثون) لتحديات هذه العملية وإسهاماتهم فيها. والفكرةُ التي يتناولها هذا المقال -مُبَرْهِناً عليها بالأقوال والوقائع- هي محاولة رصد الكيفية التي تمكنت بها الاتجاهات الثلاثة من تحويل الاختلاف بينها إلى ائتلافٍ وثيق، تجسَّد في أئمة عظام جمعوا بينها في شخصياتهم ومصنفاتهم، فأصلحوا وصححوا وجهات نظر كل طائفة تجاه الطائفتين الأخرييْن، مع الاستدلال بمقولات أئمة أهل الحديث في تزكية الاتجاه الأصيل للصوفية، وكيف أنّه لم يكن ثمة عداء بين الطرفين -في الخط المعتدل من كليهما- منذ صدر الإسلام وحتى اليوم، وأنّ التعاون والتتلمذ التزكوي الحديثي والفقهي ظَلّ هو السَّمْتَ السائد لدى الجميع.More Related News