قمة الجوار الإقليمي هل تنجح في مواجهة التحديات؟
Al Sharq
يستعد العراق لاستضافة أول قمة لدول الجوار الإقليمي نهاية أغسطس الجاري، بمشاركة عدة دول لمناقشة التحديات السياسية والأمنية التي تواجهها. وعلى مدى الأيام القليلة الماضية،
يستعد العراق لاستضافة أول قمة لدول الجوار الإقليمي نهاية أغسطس الجاري، بمشاركة عدة دول لمناقشة التحديات السياسية والأمنية التي تواجهها. وعلى مدى الأيام القليلة الماضية، سلم مبعوثو رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، دعوات رسمية لزعماء الدول لحضور القمة. وتنتهج الحكومة الحالية، سياسة الانفتاح والتوازن، ما شجع الدول نحو توطيد علاقاتها مع العراق، الذي يعاني من أزمات داخلية وتدخلات خارجية، ويسعى رغم ذلك إلى جمع الأطراف الإقليمية على طاولة الحوار لمناقشة الخلافات أو تسويتها. ويأتي انعقاد القمة في ظل ظروف لها أهمية كبيرة في تخفيف حدة النزاع، نتيجة للصراعات في المنطقة. وينتظر أن يشارك قادة دول الجوار في الـ 28 من أغسطس الجاري، في المؤتمر الإقليمي الذي تستضيفه العاصمة العراقية بغداد، لكن على ما يبدو، لن تقتصر المشاركة في المؤتمر على الدول المجاورة للعراق، عربية كانت أم إسلامية، بل تمتد إلى دول أخرى في الجوار الإقليمي، وأخرى أجنبية. وخلال الأيام القليلة الماضية، بدأ مبعوثي رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بإيصال الدعوات إلى عدة دول، منها قطر والكويت والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات المتحدة والأردن وإيران وتركيا، بالإضافة إلى فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وممثلين عن باقي الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، وغيرها من الدول الأخرى، إلى جانب جامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي. ونقلت وسائل إعلام، اعتزام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مشاركة شخصيا في القمة المرتقبة، عقب اتصال جمعه بالكاظمي، حيث أعرب الأخير أن "فرنسا شريك حقيقي للعراق"، فيما أكد ماكرون "دعمه الكامل للعراق"، مشيدا بـ"الدبلوماسية العراقية المتوازنة". وتعد هذه الزيارة الثانية لماكرون، للعراق خلال عام الحالي بعد أن زاره في سبتمبر الماضي. *مكانة العراق يرى مراقبون أن نجاح المؤتمر يرتبط بمستوى تمثيل الدول التي ستشارك فيه، إذ تشوب علاقات أغلب الدول المدعوة، أشكالا متعددة من الخلافات والتوترات والصراع أيضا. كما يقرون بأن المسؤولين العراقيين يدركون أن الطريق طويل، ولكن إن لم تنجح بغداد في إحراز نتائج ملموسة وسريعة، فإنها على الأقل وفرت ساحة للحوار. وكانت فكرة عقد المؤتمر تقتصر على دعوة دول الجوار لمناقشة قضايا تتعلق بالتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية العراقية، وقضايا الأمن والاستقرار والاستثمار والتحديات الإقليمية المشتركة والعلاقات بينهم. لكنه تحول إلى مؤتمر دولي، بعد دعوة دول عربية وأجنبية، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. ويرى مراقبون، أن تحركات العراق إقليمياً ودولياً تعزز من فرص عودته وتأثيره في المنطقة، فيما أشاروا إلى أن القمة سيكون لها دور مهم في إعادة صياغة السياسة الخارجية للعراق. وفي هذا الصدد، يقول عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية عبد الباري المدرس، لوكالة الأنباء العراقية، إن "الحكومة العراقية تحاول إعادة دور العراق الى المحافل الدولية والاتحاد الأوروبي، وربما سيكون العراق في المستقبل هو الراعي للكثير من الأمور في المنطقة". * انفتاح عراقي ومنذ غزو العراق عام 2003، سيكون هذا المؤتمر الأول من نوعه بعد مؤتمر القمة العربية عام 2012، في محاولة من حكومة الكاظمي لاستعادة الدور العربي والإقليمي لبغداد، وانفتاحها على محيط دولي أوسع. وسبق للعراق أن استضاف قمة ثلاثية في يونيو الماضي، جمعته مع مصر والأردن، وأطلق عليها قمة «المشرق الجديد». وأكد قادة الدول الثلاث على ضرورة السير بالإجراءات اللازمة للبدء بتنفيذ مشروع المدينة الاقتصادية العراقية- الأردنية المشتركة وتعزيز مشروع الربط الكهربائي وتبادل الطاقة الكهربائية بين الدول الثلاث وربط شبكات نقل الغاز بين العراق ومصر عبر الأردن وإتاحة منفذ لتصدير النفط العراقي عبر الأردن ومصر من خلال المضي باستكمال خط الغاز العربي وإنشاء خط نقل النفط الخام (البصرة - العقبة)، والتعاون في مختلف مجالات مشروعات الطاقة الكهربائية والطاقة المتجددة والبتروكيمياويات وغيرها من البرامج الاستثمارية. * تخفيف التوترات ومن المرجح أن تتجاوز نقاشات القمة، دعم بغداد سياسيا واقتصاديا، إلى محاولة تخفيف التوترات بين دول الجوار والمنطقة، والتوسط لحل الخلافات من خلال عقد محادثات إقليمية ثنائية وثلاثية بين الفرقاء، لتقريب وجهات النظر بما ينعكس على سلامة دول المنطقة، وتقليل مساحة التدخلات الخارجية في العراق، وتفادي تداعياتها على الأوضاع الداخلية. وفي تصريح للجزيرة نت، يرى السياسي العراقي رحيم العبودي، أن العراق غادر العزلة الدولية وسيعمل عبر القمة المرتقبة على تثبيت دوره وسيطًا في المنطقة لخفض التوتر الحاصل، مشيرا إلى القمة المرتقبة ستشهد عقد لقاءات جانبية على هامش الاجتماع الإقليمي، بين الفرقاء لتصفير الخلافات بينهم. ووفقا لتصريحات مسؤولين وأعضاء في مجلس النواب، يسعى العراق، من خلال هذه القمة إلى جمع أطرافا إقليمية ودولية، والمزيد من التواصل مع دول الجوار والمنطقة والعالم، لمناقشة القضايا الأمنية ومكافحة الإرهاب والفساد والبنية التحتية وغيرها من الملفات ذات الصلة بالعراق وتلك الدول. ومن المتوقع أن تشهد القمة تمثيلا رفيع المستوى من الدول المشاركة. ومن المؤكد أن تطوير الاقتصاد العراقي من خلال تشجيع الاستثمار الخارجي والانفتاح على رؤوس الأموال العالمية والتكنولوجيات الحديثة، وفتح مواطن الشغل، بجذب العالم إلى ريادة العراق مرّة أخرى هو الهدف الرئيسي من القمة المرتقبة. وفي هذا الصدد، أكد عميد كلية العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية في بغداد الدكتور خالد عبد الإله في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن "الجانب المهم الذي يعمل عليه العراق هو جلب الاستثمارات عبر الشركات العربية والأجنبية التي لا تزال تتخوف من الدخول إلى العراق لأسباب مختلفة سيتم السعي لتذليلها، خصوصاً أن العراق لم يستفد من الناحية العملية من مؤتمر المانحين في الكويت الذي تم فيه دفع مئات ملايين الدولارات، لكنها لم تجد طريقها للتنفيذ". * النتائج المتوقعة يرى بعض الخبراء أنه كان من الأفضل، لو حصر العراق المشاركة في المؤتمر بدول الجوار فقط، للخروج بنتائج جيدة، ويكون منطلقا لمؤتمر دولي أوسع يضم دول الجوار ودول عربية وأجنبية، في حين يقول المحلل السياسي إحسان الشمري، إن "الثقة الكبيرة التي بات يحظى بها العراق على مستوى السياسة الخارجية، فضلا عن نجاحه في تثبيت سياسة التوازن في علاقاته الدبلوماسية ووقوفه على مسافة واحدة من دول التصادم في المنطقة، عزز بشكل كبير جدا من مكانته، وأعطى رسالة أن العراق منفتح على الجميع.. هنالك ترجمة للزيارات المتكررة التي يجريها مسؤولون من الدول الأخرى الى العراق من خلال المعاهدات والاتفاقيات التي تبرم بين العراق والعديد من الدول". من جهة أخرى، يرى آخرون أن الفارق الزمني القصير بين انعقاد المؤتمر نهاية الشهر الجاري وموعد الانتخابات البرلمانية المبكرة في 10 أكتوبر المقبل، إذ يسعى الكاظمي إلى ترسيخ أسس علاقات البلاد مع دول المنطقة قبل مغادرة منصبه، قد لا يتيح توافقات بين الفرقاء حول ملفات وقضايا حساسة، لكنه يمكن قد يفتح قنوات مباشرة للقاء والحوار بين الخصوم وخلق رؤية مشتركة لحل الصراعات في المنطقة. وفي هذا السياق، يقول عامر الفايز عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، في تصريح للجزيرة نت، إن الحكومة الحالية لم يبق من عمرها سوى شهرين وستتحول بموجب ذلك إلى حكومة تصريف أعمال، وهذه المدة القصيرة لن تسمح بتنفيذ تلك المخرجات مما يفسر ترحيل ما تتمخض عنه القمة من توصيات إلى الحكومة المقبلة.More Related News