قطر وتركيا.. تحالفات سياسية وطيدة وأهداف اقتصادية طموحة
Al Arab
في سياق العلاقات الأخوية الوطيدة والاستراتيجية بين دولة قطر والجمهورية التركية، يبدأ فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان غدا زيارة رسمية للبلاد، يترأس خلالها
في سياق العلاقات الأخوية الوطيدة والاستراتيجية بين دولة قطر والجمهورية التركية، يبدأ فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان غدا زيارة رسمية للبلاد، يترأس خلالها مع أخيه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، اجتماعات الدورة السابعة للجنة الاستراتيجية العليا القطرية التركية، حيث تتيح هذه الدورة فرصة كبيرة لدعم وتطوير العلاقات بين الدوحة وأنقرة واستشراف آفاق جديدة، لتعزيز وتطوير آليات التعاون القائمة بينهما في شتى المجالات. ومن المنتظر أن يتم خلال اجتماعات اللجنة التوقيع على عدد من الاتفاقيات الهامة التي تعزز التحالف الاستراتيجي بين البلدين الشقيقين في القطاعات المختلفة، لما فيه خير ومصلحة شعبي البلدين. وقد تأسست اللجنة الاستراتيجية العليا المشتركة بين قطر وتركيا عام 2014، وتجتمع على أعلى مستوى بشكل سنوي وبالتناوب بين عاصمتي البلدين، وهي آلية للتشاور حول العلاقات القطرية التركية، وتعكس رغبة البلدين والتزامهما بتعزيز علاقات التعاون والتنسيق، والارتقاء بها إلى مستوى طموحات وتطلعات قطر وتركيا كبلدين شقيقين وحليفين استراتيجيين. وكانت القمة الأولى للجنة الاستراتيجية العليا والتي استضافتها الدوحة في ديسمبر لعام 2015 قد نقلت العلاقات الثنائية بين الجانبين إلى مسار مؤسساتي يضمن لها تحصين المنجزات السابقة، ويوسع آفاقها لتضيف لتميزها على المستوى السياسي، تميزا أشمل في القطاعات الأخرى لاسيما الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والأمنية. وعقدت اللجنة منذ تأسيسها ستة اجتماعات، أسفرت عن إبرام 68 اتفاقية متنوعة، كما فتحت آفاقا جديدة وواسعة للتعاون والتنسيق بين البلدين، وأسهمت بتعزيز التبادل التجاري والشراكات على المستويات الاقتصادية والمالية والتجارية والتعليمية والزراعية والتكنولوجية والدفاعية، فضلا عن التسهيلات التي رافقت ذلك كله لمواطني الدولتين كتخفيف القيود على الاستثمارات ومنع الازدواج الضريبي والإعفاء المشترك من تأشيرات السفر، لحاملي الجوازات العادية من مواطني البلدين. ولا تتوقف الزيارات الرسمية المتبادلة على أعلى المستويات بين البلدين وكذلك المشاورات السياسية، حيث ترتبط الدوحة وأنقرة بعلاقات صداقة وأخوة. بل يرتقي التعاون القائم بينهما إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وهي علاقات استثنائية في تميزها وعطائها، نتيجة التقارب الكبير على مستوى القادة والشعب والقواسم المشتركة بين البلدين، والتضامن اللامحدود بينهما وقت الأزمات، إلى جانب الرؤى السياسية المتناغمة إزاء كثير من الملفات والقضايا، كما تتشارك الدولتان توجهات سياسية واحدة تعتمد الحوار والدبلوماسية وتفعيل جهود الوساطة أساسا للأمن والاستقرار والسلام وحل النزاعات الدولية والإقليمية. وشهدت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين قطر وتركيا تطورا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، وباتت تركيا واحدة من أكثر الدول المستقطبة لرأس المال القطري في العديد من القطاعات لاسيما الأنشطة التجارية والسياحية والزراعية والضيافة والعقار والصناعات الغذائية. وارتفع حجم التبادل التجاري الثنائي في السنوات العشر الأخيرة من 340 مليون دولار إلى 2.24 مليار دولار، ما يعكس قوة العلاقات بين البلدين ونمو الاستثمارات المتبادلة وزيادة الفرص التجارية والصناعية المشتركة، ومنذ 2002، وقعت عقود بناء بين قطر وتركيا تجاوزت قيمتها 18 مليار دولار. وفي عام 2019، كانت قطر سابع أكبر سوق إنشاءات للشركات التركية بمشاريع بلغت قيمتها حوالي 1.5 مليار دولار، كما افتتحت تركيا عام 2017 مكتبا تجاريا لها بالدوحة لتشجيع قطاع الأعمال القطري للاستثمار في تركيا، تزامنا مع التطور المتنامي للعلاقات بين الدولتين. ووفق مصادر اقتصادية تركية فإن قطر تختار الاستثمارات الذكية والاستراتيجية في آن واحد، حيث تعمل لتوسيع استثماراتها بمجالات الأغذية، والزراعة والثروة الحيوانية وقطاعات الإعلام، والصناعات الدفاعية في تركيا. وتوجد مئات الشركات التركية التي تعمل بالسوق القطري في مختلف القطاعات الاقتصادية، وخصوصا التجارة والمقاولات والخدمات والضيافة، كما يتطلع الطرفان لتوجيه استثمارات مشتركة خارج البلدين، وخصوصا نحو القارة الإفريقية التي تزخر بالفرص الاستثمارية المجدية. وبلغ حجم الاستثمارات القطرية في تركيا 33.2 مليار دولار، وتعمل 711 شركة تركية بقطر، وتوجد 183 شركة قطرية في السوق التركي. وفي مايو 2020، ارتفعت قيمة اتفاقية تبادل العملات بين تركيا وقطر من 5 مليارات دولار إلى 15 مليار دولار، وساعد ذلك تركيا على دعم بورصتها وأسواق المال لديها وتخفيف الضغوط الأخيرة الناجمة عن انخفاض قيمة الليرة التركية، بالإضافة إلى تعهد قطر باستثمار 15 مليار دولار في الأسواق التركية. ويحتل الاقتصاد التركي المرتبة الـ 16 في قائمة أكبر الاقتصادات بالعالم، وتعتبر تركيا من الدول الأكثر جذبا للاستثمارات جراء التسهيلات والحوافز والفرص الاستثمارية التي تقدمها، وتشكل السياحة أحد أهم أعمدة الاقتصاد التركي وخاصة في العقود الأخيرة. وعلى الرغم من تقلبات سعر صرف الليرة التركية، إلا أن الاقتصاد التركي الذي يبلغ حجمه 720 مليار دولار، احتل المرتبة الثانية بعد بريطانيا بين بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال الربع الثاني من عام 2021، بنسبة نمو تجاوزت 21 بالمئة، وتوقع تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، الصادر عن صندوق النقد الدولي، نمو الاقتصاد التركي بنسبة 9 بالمئة هذا العام، بعد أن كانت التوقعات السابقة عند خمسة وثمانية أعشار بالمئة.