
في إطار مخططات التهويد المتواصلة.. القدس والأقصى أمام منعطف حاسم وساعات مصيرية
Al Sharq
تقف مدينة القدس المحتلة والحرم القدسي الشريف اليوم، أمام مفترق حاسم وساعات مصيرية، في ضوء هجمة غير مسبوقة من جانب غلاة المستوطنين اليهود تهدف لخلق واقع جديد داخل
تقف مدينة القدس المحتلة والحرم القدسي الشريف اليوم، أمام مفترق حاسم وساعات مصيرية، في ضوء هجمة غير مسبوقة من جانب غلاة المستوطنين اليهود تهدف لخلق واقع جديد داخل الأقصى، وذلك في إطار مخططات التهويد المتواصلة التي تنفذها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وفق جداول زمنية ثابتة، منذ احتلال الشطر الشرقي من المدينة المقدسة عام ألف وتسعمائة وسبعة وستين. وقد أعلنت جماعات استيطانية متطرفة، عبر منشورات على منصات التواصل الاجتماعي، اعتزامها ذبح ما يسمى قرابين عيد الفصح اليهودي داخل المسجد الأقصى، مساء غد /الجمعة/، وحرضت أتباعها على المشاركة في هذه الطقوس ووعدتهم بمكافآت مالية كبيرة تصل إلى عشرة آلاف شيكل أي ما يعادل ثلاثة آلاف ومائتي دولار تقريبا، وعلى الرغم من النفي الرسمي الإسرائيلي لمخطط ذبح القرابين، إلا أن الجماعات الاستيطانية المتطرفة نفذت قبل يومين محاكاة لهذه الطقوس عند السور الجنوبي للمسجد الأقصى، ويؤدي المتطرفون الصهاينة هذه الطقوس كل عام في مناطق تزداد قربا من الأقصى عاما بعد عام، لكنها المرة الأولى التي يخططون فيها لأدائها داخل باحات الحرم القدسي. وحذرت الأوساط الفلسطينية الرسمية والشعبية من خطورة هذه المخططات ووصفتها بأنها تصعيدية غير مسبوقة تتجاوز الخطوط الحمراء وتمثل لعبا بالنار ومن شأنها تفجير الأوضاع بمدينة القدس وسائر الأراضي المحتلة، وقد تشعل مواجهة شاملة وحربا دينية، ودعت لشد الرحال والرباط بالمسجد الأقصى المبارك، والاستعداد للدفاع عنه وعن غيره من المقدسات. وأكدت الهيئة الإسلامية العليا وهيئة العلماء والدعاة في بيت المقدس، أن غطرسة المستوطنين قد بلغت ذروتها بتهديدهم بذبح القرابين داخل الأقصى، الذي هو ملك المسلمين وحقهم وحدهم دون سائر الملل والأديان. وحذرت الهيئة من أن هذا التهديد سيفجر بركانا من الغضب من كافة المسلمين في بقاع الأرض وسيجد المستوطنون أمامهم طوفانا سيأخذهم إلى النهاية. وطالبت الهيئة بأن تقوم الحكومات العربية بدورها المنوط بها في حماية مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. كما حذرت الرئاسة الفلسطينية من خطورة مخطط ذبح القرابين، ونبهت إلى أن ذلك سيؤدي حال حدوثه إلى تصعيد خطير لا يمكن السيطرة عليه، وقالت إن الوضع يتجه بشكل متسارع نحو التدهور، مالم يكن هناك تدخل دولي عاجل للضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف عدوانها الغاشم على الشعب الفلسطيني ومقدساته الإسلامية والمسيحية.
في الوقت نفسه أعلنت الفصائل الفلسطينية في غزة التعبئة الشعبية العامة بكل أماكن تواجد الشعب الفلسطيني، وأكدت، خلال مؤتمر صحفي، بعد اجتماع تشاوري عقدته أمس /الأربعاء/ بمشاركة كافة الفصائل بما فيها حركة /فتح/، أن مختلف الفصائل وغرفة العمليات المشتركة في حالة انعقاد دائم لمتابعة التطورات واتخاذ ما يلزم من قرارات لحماية الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته أمام العدوان الإسرائيلي. ودعت جماهير القدس والضفة الغربية والداخل المحتل منذ عام ثمانية وأربعين للزحف الكبير لأداء صلاة الجمعة الرابع عشر من رمضان بالمسجد الأقصى المبارك والرباط فيه، كما دعت جماهير الأمة العربية والإسلامية وعلماءها وأحرار العالم إلى أوسع تحرك شعبي ضد الاحتلال وسياساته. وتقول تقارير إعلامية في القدس المحتلة إن المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وضعت في حالة تأهب خاصة وقصوى، وقد تفرض إغلاقاً شاملاً على الأراضي الفلسطينية بالتزامن مع ما يسمى الفصح اليهودي. ويتزامن الكشف عن مخطط تقديم القرابين مع حملة قمعية متصاعدة يشنها الجيش الإسرائيلي وعصابات المستوطنين ضد أبناء الشعب الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة عبر اقتحامات متواصلة للأقصى من قبل عصابات المستوطنين وبحماية قوات الاحتلال، واجتياحات مستمرة وعمليات إعدام ميداني وإصابات بالرصاص الحي واعتقالات بالجملة وهدم يومي للمنازل ومصادرة الممتلكات، وقد بلغت حصيلة عمليات القتل المنفلتة التي تتم بشكل يومي منذ بداية العام الجاري وحتى اليوم أكثر من أربعين شهيدا، آخرهم اثنان استشهدا صباح اليوم الخميس، فضلا عن مئات الجرحى والمعتقلين. وقد منح رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت جنود الاحتلال الغطاء الرسمي لتنفيذ الإعدامات الميدانية والترخيص الرسمي بقتل الفلسطينيين عقب هجوم نفذه فلسطيني في تل أبيب قبل أيام وأدى لمقتل شخصين، وقال إنه لا حدود لهذه الحرب. ويسعى بينت للحفاظ على بقاء حكومته الأكثر تطرفا وعنفا وإرهابا والآيلة للسقوط في أية لحظة بسبب فقدانها الأغلبية في الكنيست، وفي محاولة لشيطنة الموقف الفلسطيني أمام المجتمع الدولي تحدث بينت بلغة تحريضية مطالبا جيش الاحتلال بالانتقال من الدفاع عن النفس إلى الهجوم، على حد تعبيره. ويقول محللون فلسطينيون إنه في ظل غياب الضغط الدولي الفعال على الكيان الإسرائيلي لإلزامه بالتقيد بالقوانين والقرارات الدولية، ومع عدم وجود أي أفق سياسي لعملية سلام حقيقية بشأن القضية الفلسطينية، تواصل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من اليمين واليسار ليلا ونهارا تغولها وجرائمها الوحشية بحق المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم وأراضيهم ومقدساتهم، وتصعيد البناء والتوسع الاستيطاني وفرض المزيد من التغييرات على الواقع التاريخي والقانوني والديمغرافي القائم في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية لإغلاق الباب نهائيا أمام أي مشروع للسلام وإمكانية تطبيق حل الدولتين.