
علموا أوروبا التعامل بالشيكات والعولمة العادلة وأحدهم يمول تحالفا حبشيا صليبيا لاحتلال مصر.. التجار في الحضارة الإسلامية
Al Jazeera
يسعى هذا المقال لتقديم خلاصة تاريخية وافية عن معالم إسهام التجار المسلمين بالحضارة الإسلامية؛ فيعرض لنظمهم وأنشطتهم التجارية المنوعة، وأهم أدوارهم السياسية والحضارية، وأثرهم في الإرث التجاري العالمي.
منذ أيام تحدثت الصحافة المصرية عن وفاة أحد التجار الكبار واصفة إياه بأنه "شاهبندر تجار مصر" في استمرارية واضحة لما رجّحه -قبل قرن ونصف- المستشرق الهولندي رينهارت دوزي (ت 1300هـ/1883م) من أن تسمية "شاهبندر" اصطلاح مصري محلي خالص، وأن هذه اللفظة ظلت منذ قرون "تُطلَق في القاهرة على أمين التجار ورئيسهم ونقيب التجار".
وبرغم عدم دقة كلام هذا المستشرق فيما يبدو؛ فإن التسمية والوظيفة تؤكدان مستوى التقدم العظيم الذي كانت عليه التجارة والتجار ببلاد المسلمين، وأنها وصلت إلى مستوى عالٍ من التنظيم والتركيب والإدارة الذاتية، بما يعنيه ذلك من ظهور أعراف تجارية مستقرة تضبط تعاملات التجار، بل وكيانات مؤسسية تجمعهم وتؤطر العلاقات بيهم، وتسهل تواصلهم مع السلطة ومناطق نشاطهم التجاري الخارجي، وحتى تأثيرهم في حركة الأحداث السياسية من حولهم.
لقد كانت التجارة مرتبطة بسياسات وقوانين مستمدة من الشريعة الإسلامية المعنية بضبط وإحكام قواعد معاملات الناس المالية عنايتَها ببيان تفاصيل إقامة شعائرهم الدينية؛ وهو الأمر الذي وفر بنية فعالة ومتطورة وبيئة عادلة وحرة ودافعة لحركة التجارة الإسلامية التي قادت المشهد التجاري والاقتصادي العالمي نحو تسعة قرون.