
عالم جديد غير حقيقي.. كيف تحوَّلت السياسة إلى مسرح للزيف؟
Al Jazeera
نعيش اليوم حالة استثنائية من تفشي الزيف، فالعالم كله يقبع تحت تأثير آلات تزييف ضخمة لا تقتصر على الإعلام، بل تشمل وسائل أكثر تعقيدا، التي تتحوَّل السياسة تحت تأثيرها إلى مجرد نوع من الألعاب.
بعد أحداث الانقلاب العسكري الدامية بمصر، وفي إطار الحرب الإعلامية المستعرة لتشويه جميع المجموعات السياسية التي شاركت في انتفاضة 25 يناير/كانون الثاني 2011، استضافت إحدى الفضائيات المصرية عبر الهاتف عام 2014 ضيفا استثنائيا، قالت القناة إنه عضو "الاتحاد الأميركي للفلكيين"، وادَّعى "الضيف" أنه أجرى حوارا مع أحد الفضائيين "الذين يملؤون المجرات"، فحذَّره "الفضائي" من "قوى الشر" التي تشمل -حسبما جاء بالبرنامج- "جماعة الإخوان المسلمين" التي تساعد الفضائيين على غزو كوكب الأرض. يبدو الأمر هزليا ولا يمكن أخذه على محمل الجد، لكن البرنامج نفسه أذاع تصريحات "الضيف الذي أجرى حوارا مع الفضائيين" باعتبارها حقيقة، وما يظنه المرء غير قابل للتصديق يبدو أن هناك قطاعات كبيرة من الناس مستعدة لتقبُّله ما دام قد أذاعه "الإعلام"، مهما بدا هزليا ومزيفا، هذا ما وضَّحته حلقة المراسل الذي اعتقلته السلطات المصرية مدة عامين "شادي أبو زيد"، عندما سأل عددا من الأشخاص في شوارع القاهرة عن حقيقة وجود "كائنات فضائية"، فلم تأته ردود الناس بالإيجاب والتصديق لما يأتي في الإعلام والأفلام الأميركية فحسب، بل حذَّر المصريون من أن الكائنات الفضائية يمكن أن تتآمر على مصر وتُغري شبابها بالأموال لزعزعة استقرارها. نعيش اليوم حالة استثنائية في التاريخ البشري من تفشي الزيف، ونتعرَّض يوميا لموجات متتالية من تزييف الحقائق، وهو أمر لا يحدث في بلادنا فقط، بل ينتشر في العالم كله تحت تأثير آلات تزييف ضخمة لا تقتصر على الإعلام الذي يسيطر على عقول البشر ويتلاعب بها، بل تشمل وسائل أكثر تعقيدا أنتجها التطور التكنولوجي وتقنيات الذكاء الاصطناعي، التي تتحوَّل السياسة تحت تأثيرها إلى مجرد نوع من الألعاب اختفى معها مفهوم "الصالح العام"، وتضخَّمت المصالح الشخصية داخل دوامات مستمرة من التزييف، الذي يشمل ويمنع أي فرص مُحتمَلة للتغيير السياسي. (1)More Related News