
طريق الفلاح للعودة للنفس الطيبة
Al Raya
بقلم :ياسر جابر الرشيدي المشاكل الحياتية كالريح بدرجاتها، منها الخفيف ومنها الشديد ومنها الإعصار، والناس كالأشجار على درجاتها، منها الخفيفة الجذور ومنها المتوسطة الجذور ومنها المتجذرة في الأرض إلى الأعماق، فالأولى كالإنسان ضعيف الإيمان، والثانية كمتوسط الإيمان، والثالثة كقوي الإيمان القريب من ربه، فتأتي الريح فتقلع الأولى وتهز الثانية ولا تؤثر في الثالثة. ومَن …
المشاكل الحياتية كالريح بدرجاتها، منها الخفيف ومنها الشديد ومنها الإعصار، والناس كالأشجار على درجاتها، منها الخفيفة الجذور ومنها المتوسطة الجذور ومنها المتجذرة في الأرض إلى الأعماق، فالأولى كالإنسان ضعيف الإيمان، والثانية كمتوسط الإيمان، والثالثة كقوي الإيمان القريب من ربه، فتأتي الريح فتقلع الأولى وتهز الثانية ولا تؤثر في الثالثة. ومَن لم يمد جذوره في أوقات الرخاء اقتلعته الرياح في أوقات الشدة، وكلما كان الإنسان صاحب روح قوية قريبة من الله ذاكرة له مُطيعة متصدقة مصلية قائمة قانتة متطوعة صابرة متسامحة واصلة بارة صائمة صادقة؛ كان ذلك أدعى لصده القوي لكل ريح ولو عاتية تهب عليه بالصبر والتحمل والمكابدة، وكلما كان مُتكاسلًا مُطيعًا لهواه خالدًا إلى الأرض مُطيعًا لغريزته وشيطانه ونفسه وشهواته غافلًا ساهيًا، كان أدعى لتهاويه وانهياره أمام أي ريح ولو خفيفة. والنفس البشرية تحتاج لغذائها الطبيعي السماوي وبكثافة في أحيان كثيرة؛ لتتغلب على النفس الخبيثة لا سيما إن كانت المعركة داخل الجسد الواحد، فكلما قويت الأولى تقهقرت الثانية والعكس بالعكس. والغافل المغبون من يغذي النفس الشريرة فتتغلب على النفس الطيبة؛ فيشقى ويهلك باختياره ذلك لنفسه أو تهاونه أو تكاسله أو هوان همته وخلوده للأرض واتباع الهوى وترك الجهاد والهروب من ألم النفس الشريرة بمنحها مطلبها؛ ليعود الألم مُضاعفًا دون مطلوب جديد يقدمه؛ لأنه في الحقيقة أفلس ولم يعد أمامه إلا الخيار بين العودة للنفس الطيبة ومنحها مطلبها السماوي، أو الاستسلام واليأس ومن ثم الهلاك. فامنح النفس غذاءها السماوي بالتوازي مع منحك غذاء الجسد، وإن كان لا بد من الزيادة ففي غذاء النفس، لأنك خلقت أصلًا للعبادة لا للطعام والشراب، فجوع الجسد لنقاء النفس لا العكس فتشقى وتهلك. والنفس مع الجسد كالسيارة على الطريق كلما كان الطريق فارغًا من الشواغل وواسعًا كانت السيارة سريعة وخفيفة، وكلما كان الطريق مزدحمًا بالشواغل أو العوائق كانت السيارة ثقيلة وبطيئة، فَنَقِّ الجسد من فضول الطعام والشراب والنوم والخوف والقلق والحزن والغضب والهم والخلافات والغفلة والوهم؛ تسرع نفسك وتخف، وأسكت الخمس الكاوية «الحواس الخمس» يضاء موطن العلة وهو القلب. والنفس في علاقتها مع الشيطان كمتصارعين في حلبة بينهما كر وفر إلا المخلصين، فخير لمن سمت روحه أن يجهز على شيطانه بقوة لا أن يتراخى فيعطي الشيطان فرصة للنهوض والمقاومة أو الهجوم ومن ثم الغلبة والتفوق. لا تتخلَّ عن نفسك في زمن الترف وتجعلها أسيرة جسدك وغفلتك وطول أملك، حتى لا تتخلى هي عنك في زمن البأس، زمن خوفك وقلقك، واعلم أنك في كلا الزمنين، الترف أو البأس، أنت بالروح لا بالجسد إنسان.More Related News