سمو الأمير يشارك في الجلسة الافتتاحية لمنتدى دافوس
Al Arab
شارك حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، ظهر اليوم، في الجلسة الافتتاحية لمنتدى الاقتصاد العالمي، الذي ينعقد في مدينة دافوس تحت شعار
شارك حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، ظهر اليوم، في الجلسة الافتتاحية لمنتدى الاقتصاد العالمي، الذي ينعقد في مدينة دافوس تحت شعار "التاريخ في نقطة تحول". وقد ألقى سمو الأمير كلمة في الجلسة الافتتاحية، فيما يلي نصها: السيد الرئيس، السيدات والسادة، تعتبر الدورة الحالية لمنتدى الاقتصاد العالمي ذات أهمية استثنائية لأنها تعقد في خضم تحديات اقتصادية واضطرابات جيوسياسية. وقبل أن نأمل في الازدهار الاقتصادي، يجب علينا أولًا مراجعة وإصلاح وتعزيز إطار عملنا من أجل السلام. ونحن بحاجة إلى إرسال رسالة تعيد الطمأنينة للناس في جميع أنحاء العالم، مفادها أنه: فقط من خلال الوحدة يمكننا التغلب على الصراع الذي يقسمنا. وأستطيع أن أقول لكم إنه بعد سنوات من التمهيد للسلام، من خلال الوساطة، لا يمكننا أبدًا أن نفقد الأمل. ويجب ألا نتخلى عن محاولة الجمع بين الأطراف. طالما أننا نعتقد أن جهودنا يمكن أن تساعد ولو في إنقاذ حياة واحدة، فإن محاولاتنا للتوسط تستحق ذلك العناء. ويجب أن تستند جهودنا الموحدة إلى المبادئ المتفق عليها مسبقًا في ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، والاحترام المتبادل لسيادة بعضنا البعض. في العقود الأخيرة، شهدنا تهميش دور الأمم المتحدة، وانتهاك سيادة حكم القانون في العلاقات الدولية، وانهيار الاحترام الأساسي لاستقلال بعضنا البعض. إن حل النزاعات من خلال العدوان آخذ في الازدياد، حيث وصل إلى واحدة من أسوأ ذرواته في الحرب الدائرة هنا في أوروبا. ونحن على اتصال مع جميع الأطراف المعنية بالأزمة الأوكرانية، وأنا على استعداد للمساهمة في كل جهد دولي وإقليمي لإيجاد حل سلمي فوري للصراع بين روسيا الاتحادية وأوكرانيا. إن دولة قطر ترفض بحزم الاعتداء على سيادة الدول، كما ترفض أي عمل من شأنه أن يشكل انتهاكًا للقانون الدولي. نحن نقف متضامنين مع ملايين اللاجئين الأبرياء الذين هم ضحايا الحرب الأوروبية، كما نقف متضامنين مع ضحايا جميع الحروب الأخرى الدائرة الآن، ومع الضحايا من كل عرق وجنس ودين. والمطلوب منا هو أن نساعدهم جميعًا. ونظرًا لأننا نسلط تركيزًا دقيقًا لإيجاد حل دبلوماسي للأزمة الأوكرانية، فإني آمل أن نولي نفس القدر من الاهتمام والجهد لحل جميع النزاعات المنسية أو المهملة لأن الناس جميعًا يستحقون السلام والأمن والكرامة. إن المثال الأكثر وضوحًا في هذا الصدد يتمثل في فلسطين... التي ظلت جرحًا مفتوحًا منذ إنشاء الأمم المتحدة. لقد ظلت هذه العائلات ترزح تحت الاحتلال منذ عقود، بينما لا يلوح أي مخرج في الأفق. لقد استمر تصعيد العدوان الاستيطاني غير القانوني بلا هوادة، ونفس الشيء ينطبق على الاعتداءات المستمرة ضد الشعب الفلسطيني. ولا زلت أدعو الله أن يستيقظ العالم ليعي المظالم والعنف ثم يتخذ موقفًا إزاءه. قبل أسبوعين تم قتل شيرين أبو عاقلة في فلسطين، وهي صحفية فلسطينية أمريكية مسيحية، وتم حرمانها من جنازة تصون كرامة الموتى. كانت شيرين تغطي معاناة الفلسطينيين لعقود، ولقد تفطرت قلوبنا لمقتلها. إن مقتلها لا يقل رعبًا عن الصحفيين السبعة الذين قتلوا في أوكرانيا في مارس من هذه السنة، والثمانية عشر صحفيًّا الذين قتلوا في فلسطين منذ عام 2000، وكذلك العدد الكبير من الصحفيين الآخرين الذين قتلوا وهم يؤدون مهامهم في العراق، وليبيا، وسوريا واليمن. في القرن الحادي والعشرين، لا ينبغي أن نتسامح مع هذا الكم من العدوان، كما يجب ألا نقبل العالم الذي تطرح فيه الحكومات معايير مزدوجة حول قيمة الإنسان على أساس الانتماء الإقليمي أو العرقي أو الديني. إننا نعتبر أن قيمة حياة كل فرد أوروبي غالية، ويجب أن يكون شأنها شأن حياة أي فرد في منطقتنا. الحضور الكرام، إن دولة قطر كدولة صغيرة، يشكل الحفاظ على السلام والأمن الإقليميين والدوليين أولوية خاصة بالنسبة لها. ونحن نعمل بلا كلل للمساعدة في إدارة وحل وتخفيف النزاعات، بما في ذلك عملنا المستمر في أفغانستان. لقد تشرفنا بالقدرة على المساعدة في جهود الإجلاء في أفغانستان. وما كان ذلك ممكنًا لولا السنوات التي قضيناها في الاستثمار في حفظ السلام. إن خبرة الوساطة، والقوات العسكرية الحديثة والخاصة، وفرق البحث والإنقاذ، تصنف من بين الأفضل عالميًّا. مع بذل ساعات لا حصر لها من الوقت في الجهد والعرق والدموع من جانب الكثيرين. لقد أتت كل تلك السنوات من الاستثمار والتدريب، وبناء شراكات استراتيجية أُكلها، في وقت كان مطلوب فيه منا التدخل والمساعدة في إنقاذ الناس. وأنا ممتن جدًّا لكل تضحياتكم. أصدقائي، إنني أعتبر أيضًا حماية البيئة مسؤولية تقع على عاتقنا جميعًا. لقد وضعت قطر الاستدامة في مقدمة أولوياتها، ورصدنا مواردنا لتطوير تقنيات خفض الانبعاثات والطاقة النظيفة. ونحن عازمون على لعب دور فعّال في تشجيع تطوير السياسات الإقليمية والدولية، فيما يتعلق بكل من الطاقة والبيئة. ولقد رأينا جميعًا خلال الأشهر الماضية، ما يحدث عندما لا نعمل معًا. في هذه اللحظة الحاسمة من الزمن، يجب علينا أن نوازن بحكمة بين الحاجة إلى الاهتمام بالبيئة، وفي نفس الوقت توفير أمن الطاقة للعالم. سيتطلب ذلك تنسيقًا وتعاونًا مكثفًا بين جميع الحكومات والشركات وأصحاب المصلحة وكل فرد منا. بما أن كل فرد منا يحتاج إلى الطاقة، إلا أنه في الوقت الحالي لا يزال ما يقرب من مليار شخص بدون مصدر موثوق للطاقة. وباعتبارها واحدة من أكبر منتجي الغاز الطبيعي المسال في العالم، استثمرت قطر في جهود توسعة مشاريع الغاز الطبيعي المسال منذ سنوات، مدركة أن الغاز الطبيعي المسال هو مصدر طاقة بسعة لا تتغير بشكل سريع، وهو أمر ضروري خلال فترة الانتقال، وهو ما يجري بالفعل. إن زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال يمكن أن يزود العالم بإمدادات طاقة أنظف وأكثر أمانًا وموثوقية ومرونة. وسيؤدي تحقيق أمن الطاقة العالمي إلى استقرار السوق وتقليل التأثيرات الاقتصادية لأزمة الطاقة الحالية.