رفعه الفقهاء لدرجة "العصمة" وأقام الأحزاب والمذاهب وأجّج الثورات لخلع السلاطين.. الرأي العام ثورة الفكر السياسي الإسلامي
Al Jazeera
يتناول هذا المقال قضية “الرأي العام” في التاريخ الإسلامي؛ فيكشف عن مكانته نظريا لدى نخَب المسلمين قديما، ويستعرض ملامح ومحطات من أدواره المجتمعية الواقعية، ويعرف بمحركاته الفاعلة وأدوات نشاطه المؤثرة.
"الرأي العام" مفهوم واسع متعذّر الضبط متعدّد التعريفات لتوزعه بين حقول شتى منها السياسي والاجتماعي والنفسي والإعلامي، وبالنسبة للحضارة الإسلامية فإن الرأي العام كان تاريخيا من أقوى مراكز التأثير المجتمعية بوصفه وعاء الانتماء وعنوان الهُوُّيّة، لا سيما أن الخبرة الإسلامية قامت على تمكين المجتمع من التشكل الذاتي لمكوناته والتدبير الطوعي لشؤونه ليكون هو عماد حيوية الأمة. ولذا كان العامّة دائما مادّة النزاع بين علماء الدين وحملة الفكر ورجال السياسة، ونقطة الصراع بين المتشابكين من زعامات الفِرَق والطُّرُق والمذاهب الفقهية والفكرية؛ فكلّ فرقة تخاطب العامّة بمذهبها وتعرض عليها أفكارها وتسوّق لها مواقفها. وانطلاقا من تلك الحقيقة؛ نجد الدراسات الإنسانية اليوم كلها تتجه إلى العامّة دراسة وتحليلا واستقراء لآرائهم وسلوكهم، لتحديد كيفية استقطابهم أو التعامل معهم بما يتوافق مع رغبات الفاعلين المجتمعيين. وبالعودة إلى التراث الإسلامي الديني والاجتماعي والسياسي؛ سنجد أن "العامة" لم يكونوا مهمشين في الشأن العام المعرفي والواقعي، بل كانوا هم مادته المركزية لدى فئتيْ العلماء والأمراء، باعتبارهم محل الرضاء والمقبولية والسيادة والخشية في الآن نفسه. فضلا عما كان لهم من "رقابة شعبية" كثيرا ما دفعتهم للتحرك من موقع الرأي إلى موقف الفعل، وما كان يؤدي إليه ذلك من ثورات وهبات اجتماعية ملأت التاريخ السياسي والاجتماعي في الحضارة الإسلامية.More Related News