
رافيل شانيسكي لـ الشرق: مساعدات قطر للفلسطينيين حيوية
Al Sharq
استعرض رافيل شانيسكي، خبير شؤون الشرق الأوسط وأستاذ السياسة الدولية بجامعة يوتاه، ملامح عديدة من المشهد الحالي في فلسطين موضحاً الدور الحيوي للغاية الذي تقوم به
استعرض رافيل شانيسكي، خبير شؤون الشرق الأوسط وأستاذ السياسة الدولية بجامعة يوتاه، ملامح عديدة من المشهد الحالي في فلسطين موضحاً الدور الحيوي للغاية الذي تقوم به قطر من المساعدات الإنسانية المهمة والتوسط الدبلوماسي الفاعل في احتواء التصعيد، وأهمية المساعدات القطرية الحيوية في تخفيف الأزمات ووضع حد للعنف المتجدد، كما ناقش في الوقت نفسه المقترحات المتعلقة بحل الدولتين والممارسات الإسرائيلية وتطور مراحل الصراع وتعقيداته، ملقياً باللوم على السياسات الاستيطانية الإسرائيلية والقبضة الأمنية العدوانية وتسببها في تفجير الأوضاع بالقدس وتجدد موجات العنف كل عام، ومشيداً بالأدوار التي لعبتها قطر بالشراكة مع مصر بشأن مبادرات التهدئة والتعاون المادي الدبلوماسي بين الدوحة والقاهرة في تحقيق هدنة مايو ووقف إطلاق النار ومهام ومخططات إعادة الإعمار، كما ناقش في الوقت نافسه الاختلاف الكبير في الأفكار والاتجاهات والمنهج فيما يتعلق بالعلاقات التي تجمع قطر بالحركات السياسية الإسلامية النافذة في أفغانستان وفي قطاع غزة، معتبراً أن ما طورته قطر من علاقات مهمة مع حركة طالبان لا تعني توافقاً في الرؤى بين الطريقة التي تقوم بها الحركة بإدارة الدولة الأفغانية ووجود اختلافات جذرية بكل تأكيد، ولكن بضرورة الحوار الإيجابي والفاعل من أجل تحقيق مكتسبات داعمة لتقويض الأزمات الإنسانية الخطيرة، والأمر نفسه يرتبط بالمشهد في فلسطين لاسيما أن هناك شراكة وتحالفا أمريكيا مع قطر يصب في صالح أمريكا بأدوار الوساطة المهمة التي تلعبها الدوحة للتوسط بين حركة حماس وإسرائيل واستضافة ممثلي حركة طالبان مع المسؤولين الأمريكيين والدوليين، وهو دور فاعل تلعبه قطر على أكثر من صعيد إيجابي.
◄ دور مهم يقول رافيل شانيسكي،: إنه بكل تأكيد يرتبط الدور القطري الإيجابي في فلسطين لمراحل هي أكبر من الدعم الإنساني بل بلعب دور حيوي في احتواء التصعيد، خاصة في هذه الأيام وهدنة غزة من العام الماضي فكان للتعهدات القطرية المهمة والشراكة السياسية الدبلوماسية مع مصر في تحقيق بنود الهدنة المرتبطة بسبل الدعم وإعادة الإعمار وتوريد الطاقة ودفع الرواتب والمساعدات والكثير من الأدوار الحيوية التي تلعبها قطر من أجل إبقاء المساعدات حيوية لتخفيف حدة التصعيد، فضلاً عن الموقف الدبلوماسي الإيجابي بالتأكيد على مشروعية المطالب الفلسطينية في أغلب الفعاليات التي تنخرط فيها قطر دولياً، وعموماً لا يجري ما تقوم به قطر على وفاق مع السلطات الإسرائيلية التي كانت ترغب بكل تأكيد في انضمام قطر لصفقة القرن أو للاتفاقات التي وقعتها مع عدة دول إقليمية، فتتحرك أقلام الرأي الإسرائيلية غاضبة من الدور القطري منتقدة العلاقات التي تجمع الدوحة بكثير من الكيانات السياسية الفاعلة في فلسطين وأفغانستان، وباختلاف الدورين الحيويين اللذين تلعبهما قطر في كل دولة فامتلاك الدوحة لعلاقات مهمة مع كتل الطيف السياسي بشأن قضايا محددة مرتبطة بأوجه الدعم الإنساني، لا تتعلق بما تمارسه كل حركة سياسية من سياسات مرتبطة بأفكارها وتكوينها وظروف مجتمعها، فالعلاقات التي تجمع الدوحة مع طالبان على سبيل المثال فكان الموقف القطري مؤكدا لأكثر من مرة في وجود اختلافات جذرية في التفكير والمنهج والأفكار مع السياسات التي تتخذها طالبان وتتعلق بالمجتمع المدني، ولكن كان الدعم اللوجستي والدبلوماسي وتوفير مناخ للحوار المثمر ومبادرة تشغيل المطارات والوكالة الدبلوماسية عن المصالح الأمريكية عبر السفارة القطرية في كابول، وبحث أجندات الحوار المرتبطة بتجميد الأصول الأفغانية وسبل دعم وتعزيز الاقتصاد الأفغاني، هي أدوار كلها كانت مدعومة دولياً وبتقدير أمريكي كبير وبانخراط فاعل وحيوي في مساعدة الشعب الأفغاني وتقديم مقترحات مهمة في وضع سياسي معقد للغاية، والأمر نفسه يتعلق بالمساعدات القطرية الحيوية لقطاع غزة وما يجمعها من علاقات مع حركة حماس، فلولا عموماً ما تقدمه قطر من مساعدات سخية ما كان تحقيق الهدنة أو احتواء التوتر ممكناً بل على العكس تساهم قطر في توريد الطاقة ودعم الاقتصاد في القطاع أمام موجات انخفاض هائلة في التمويل والدعم الدولي للفلسطينيين، وصعوبة الأوضاع المعيشية والتضييق المتعمد بكل قسوة بحق الفلسطينيين والذي يتجدد كل عام مع ما يرتبط بالداخل الإسرائيلي من تحديات يكون التعاطي معها لكسب أصوات اليمين بمزيد من العنف بحق الفلسطينيين، الأدوار التي تلعبها قطر حيوية وإنسانية استحقت التقدير والإِشادة بل والامتنان من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، ولكنها أيضاً بحاجة لتضافر الأدوار الدولية لتعقيد أزمة أكبر كثيراً من سبل الدعم الإنساني ومخططات إعادة الإعمار، فالمنح القطرية وإن كانت حيوية لعشرات الآلاف من الأسر خاصة في قطاع غزة والمبادرات المكلفة للغاية لتحقيق هدنة مايو ووقف إطلاق النار في غزة، كل هذا يضعنا أمام أكثر من قضية تستحق الحديث عنها مرتبطة بالمشهد الحالي، والصراع الفلسطيني- الإسرائيلي والسبل الأمثل للتعامل معه. ◄ مستقبل حل الدولتين وتابع رافيل شانيسكي في تصريحاته لـ الشرق: إن قطر تتبنى موقفاً دبلوماسياً يدعم حل الدولتين بعد كثير من المحطات في أوسلو ومبادرة السلام العربية والكثير من المقترحات كان مقترح حل الدولتين في صميم السياسة القطرية المرتبطة المتعلقة بالقضية، هذا المقترح تخلت عنه إسرائيل تماماً منذ حق العودة والكثير من حملات التسويات والاستيطان التي نجحت في تحقيقها في أماكن كثيرة في الضفة والقدس والأراضي المحتلة، وباتت هناك أزمة سياسية رئيسية في أن هذا المقترح فشل في التطبيق رغم تعاقب الإدارات الرئاسية من البيت الجمهوري والديمقراطي في البيت الأبيض واختلاف الطيف السياسي الحاكم في الحكومة الإسرائيلية ذاتها رغم الجنوح يمينا في كثير من المشاهد، حتى باختلاف السلطة الحاكمة في فلسطين لفترات ما بين حركات فتح وحماس، وأمام كل تلك المقترحات فشلت الحلول من أجل تطبيق حل الدولتين لأن في الواقع صار المسار حالياً فيه واقع آخر مغاير، ففي حين تجميد حل الدولتين كمقترح وتعقيدات حق العودة، توسعت عمليات التسويات والاستيطان بصورة مهولة للغاية وذلك وفقاً لمخططات عميقة للتهويد الشامل، فالتوسع في المستوطنات كان من الأجواء الرئيسية للتعقيد بل وحتى للعنف واندلاع موجات المقاومة عقب ما شاهدناه في حي الشيخ جراح وما أعقب ذلك من تبعات عنيفة، وفيما فشلت صفقة القرن كمقترح وكسياسة بكل تأكيد وهي كانت اقتراحات متجددة منذ عهد جون كيري مروراً بمايك بومبيو وتعاقب البيتين الرئاسيين الديمقراطي والجمهوري عبر أوباما وترامب، كان السيناريو الذي يربط تقديم الأموال أمام التنازل الفلسطيني مرفوضا تماماً مع الشخصية الفلسطينية والجذور التاريخية للصراع، وبكل وضوح كان هناك حالة من الضعف خلال الإدارة الرئاسية في عهد الرئيس ترامب منها ما ارتبط بالجموح السياسي والمغامرات الإقليمية والتسابق لتطبيع العلاقات قدمت أمريكا من خلاله أكثر من أزمة بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدس ومن بعد الجولان، وقطع التمويل الأمريكي للأونروا والضغط السياسي والمادي على الفلسطينيين والقبول بصفقة القرن التي كانت مشروعاً إسرائيلياً أمريكياً فشل في تحقيق أهدافه ومحاولة إنقاذ لحكومة نتنياهو المنصرمة من اتهامات الفساد، فالأزمة إذا ما استمرت عمليات التهويد والتخلي الإسرائيلي الواضح عن الالتزام بخيار حل الدولتين والتوسع في الاستيطان والقمع فمن الطبيعي أن يتجدد العنف بصورة متكررة كل عام يدفع ضريبتها بكل تأكيد العشرات والمئات من الضحايا المدنيين وتعميق المأساة الإنسانية بالأراضي المحتلة. ◄ تفجير الأوضاع إن الموقف الحالي يزداد اشتعالاً وخلق وضعا متفجرا عبر السماح الإسرائيلي للأصوات المتطرفة باقتحام الأقصى وتقديم طقوس وشعائر الهيكل، وفي المقابل حملات من القمع والمطاردة الأمنية وإطلاق الرصاص المطاطي والحي داخل الأقصى على المصلين، ومواصلة حملات الاعتقال الأمنية في القدس والضفة والقرى المحيطة، ومنع المسلمين والمسيحيين بفلسطين من أداء المناسبات والاحتفالات الدينية بل تقويض الدخول إلى القدس حتى لسيارات الإغاثة والاعتداء على الصحفيين والنساء والشيوخ، ففي رمضان شهد قمع القوات الإسرائيلية نهجاً متعمداً يبدأ من الخامسة فجراً حتى العاشرة صباحاً في وتيرة متجددة من البطش الأمني، وبكل تأكيد تلعب الاستفزازات بشأن تدنيس الأقصى دوراً في تفجير الأوضاع وتعقيدها في الأزمة الحالية، وبكل تأكيد يجب أن تتوقف حملات القمع الوحشية والاعتداءات البالغة من قوات الأمن والانخراط في حوار يتم تجاهله طويلاً بشأن الحقوق الفلسطينية في المواطنة والدولة وعدم التوغل في مخططات الاستيطان، والقبضة القمعية المطبقة في حصار غزة والكثير من الممارسات التي تسببت في المشهد المتجدد كل عام بحق الفلسطينيين الذين لن يجدوا أمامهم مفرا سوى الانخراط في موجة مقاومة جديدة تجدد القصف والدمار والضحايا وتهدد إسرائيل وأمنها أكثر بكثير مما تظن حالياً أنها تحميه بمثل تلك السياسات العدوانية.