دولة قطر تحتفي باليوم العالمي للتوعية بمرض التوحّد
Al Sharq
تشارك دولة قطر، دول العالم في الاحتفال باليوم العالمي للتوحد والذي يوافق الثاني من شهر أبريل من كل عام، ويأتي الاحتفال بهذه المناسبة بناء على اقتراح دولة قطر
تشارك دولة قطر، دول العالم في الاحتفال باليوم العالمي للتوحد والذي يوافق الثاني من شهر أبريل من كل عام، ويأتي الاحتفال بهذه المناسبة بناء على اقتراح دولة قطر بجعل الثاني من أبريل من كل عام يوماً عالمياً للتوعية بمرض التوحد، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2007. وتحتفي دولة قطر بهذه المناسبة، تحت شعار "التعليم الجيد الشامل للجميع"، تعبيرًا عن إيمانها العميق بضرورة نشر الوعي والتثقيف بخصوص مرضى التوحد، والتأكيد على أهمية دمجهم وتمكينهم ليصبحوا ثمرة وإضافة إيجابية في عملية التنمية الشاملة، التي تسعى لها دولة قطر، وأقرتها في رؤية قطر الوطنية 2030. وفي رسالة بمناسبة اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد، أكد السيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، أن الأمم المتحدة تدعم حقوق الأشخاص المصابين بمرض التوحد في المشاركة الكاملة في المجتمع طبقا لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وانسجاما مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030. ويؤكد غوتيريش أن خطة عام 2030 تمثل التزاما بالحد من عدم المساواة عن طريق الإدماج الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لجميع الأشخاص بمن فيهم ذوو الإعاقة، وذلك متجسدٌ في تعهدها بألا يترك أحد خلف الركب. ومع ذلك، لا يزال العديد من الأشخاص المصابين بمرض التوحد يعيشون في عزلة يعانون فيها من التمييز ومن الانفصال عن مجتمعاتهم داخل المؤسسات بل وحتى في منازلهم. وقال الأمين العام للأمم المتحدة: "في هذا اليوم العالمي للتوعية بمرض التوّحد، دعونا نعيد تأكيد التزامنا بعالم شامل ومنصف ومستدام للأشخاص المصابين بالتوّحد".. مشددا على كيفية دعم الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص المصابين بالتوحد في المشاركة الكاملة في المجتمع، بما يتماشى مع اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وخطة التنمية المستدامة لعام 2030، والتي تتعهد بعدم ترك أحد يتخلف عن الركب. وبينما تمثل أجندة عام 2030 التزاما بالحد من عدم المساواة من خلال الإدماج الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للجميع، بما في ذلك الأشخاص ذوو الإعاقة، قال غوتيريش "لا يزال العديد من الأشخاص المصابين بالتوّحد يعيشون في عزلة، ويتعرضون للتمييز والانفصال عن مجتمعاتهم، أو في المؤسسات أو حتى في منازلهم". وتابع غوتيريش: "لقد أدت جائحة كوفيد-19 إلى تفاقم العديد من حالات عدم المساواة هذه من خلال فقدان أو تقليل الخدمات في المدرسة والمنزل والمجتمع.. نحن بحاجة إلى ضمان أن تكون حقوق ووجهات نظر ورفاهية الأشخاص ذوي الإعاقة، بمن فيهم المصابون بالتوّحد جزءا لا يتجزأ من البناء قدما بشكل أفضل بعد الجائحة". وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أن الحل يكمن في المزيد من أنظمة الدعم المجتمعية للأشخاص المصابين بالتوّحد، وقال "يجب علينا أيضا إنشاء أنظمة تعليمية شاملة وبرامج تدريبية تمكّن الطلاب المصابين بالتوّحد من الوصول إلى المسار التعليمي الذي يختارونه. ويجب أن نجعل الحلول التقنية متاحة للأشخاص المصابين بالتوّحد للعيش بشكل مستقل في مجتمعاتهم." وتشير معطيات منظمة الصحة العالمية إلى أن شخصًا واحدًا من كل 160 شخصًا يعاني من اضطرابات طيف التوحد، حيث تُعَد هذه التقديرات رقمًا متوسطًا، تتفاوت معدلاته بدرجة كبيرة بين الدول، وذلك وفقًا للدراسات العلمية. وذكر غوتيريش أن كل هذه الجهود يجب أن تتمحور حول التشاور الفعال مع الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم. وستقيم الأمم المتحدة حدثا افتراضيا في 8 أبريل احتفالا باليوم العالمي للتوعية بمرض التوّحد، تحت شعار "التعليم الجيد الشامل للجميع". وعلى الرغم من التقدّم المحرز خلال العقد الماضي نحو زيادة الوصول إلى التعليم بشكل عام، وبالنسبة للأشخاص المصابين بالتوّحد على وجه التحديد، تسببت الجائحة في تعطيل التعلّم مما أدّى إلى تراجع التطورات وتعميق عدم المساواة في التعليم. ويرتبط الموضوع ارتباطا جوهريا بتركيز احتفال العام الماضي على "الدمج في مكان العمل" حيث شدد مشاركون في الاحتفالية على الحاجة الماسة لتعزيز التعليم الجيد الشامل للأشخاص الذين يعانون من طيف التوّحد، حتى يتمكنوا من تحقيق إمكاناتهم وتحقيق النجاح المستدام في سوق العمل. ويتم تنظيم الحدث هذا العام من قبل إدارة التواصل العالمي التابعة للأمم المتحدة، وإدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، بدعم من شركاء المجتمع المدني بما في ذلك شبكة الدعوة الذاتية للتوحد ومشروع التوحد العالمي ومؤسسة سبشلستيرن.
وتكشف بيانات جهاز التخطيط والإحصاء أن عدد المصابين بطيف التوحّد المسجلين بمراكز ذوي الإعاقة في الدولة يبلغ 1465 شخصًا في العام 2020، بواقع 599 قطريًّا (480 ذكرًا و119 أنثى)، بينما بلغ عدد غير القطريين نحو 866 مصابًا يتوزعون بين (687 ذكرًا و179 أنثى). وتولي دولة قطر اهتمامًا خاصًّا بفئة المصابين بطيف التوحّد، ويتمثل ذلك في الخدمات المقدمة لهم عن طريق المراكز المتخصصة، والعناية الطبية اللازمة بالمراكز الصحية والمستشفيات، وقد حققت الدولة نجاحات ملموسة، خاصة خلال السنوات الماضية في هذا المجال حيث أصدر مجلس الوزراء القرار رقم (26) لسنة 2019 المتعلّق بإنشاء اللجنة الوطنية المعنية بشؤون المرأة والطفل وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، واشتملت مهامها على "رصد أوضاع حقوق ذوي الإعاقة"، ومن بينهم ذوو التوحّد، وضمان تطبيق السياسات الداعمة لهم. كما قامت دولة قطر بدور مهم في رفع الوعي باضطراب طيف التوحّد على المستوى الدولي، ففي عام 2007، قدمت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، دعمها للحملة التي دعت إلى تحديد اليوم العالمي للتوعية بالتوحّد خلال الدورة الـ 62 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي تمت الموافقة عليها بالإجماع من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وإضافة إلى تحديد الثاني من شهر أبريل يومًا عالميًّا للتوعية بالتوحّد، فقد شجع القرار الدول الأعضاء على اتخاذ التدابير اللازمة لرفع مستوى الوعي حول مرض التوحّد في مجتمعاتهم. وقد أطلقت دولة قطر الخطة الوطنية للتوحّد (2017 / 2022) التي تهدف إلى تحسين سُبل حياة الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحّد وأسرهم، فضلًا عن نشر الوعي والاهتمام بالأسرة، والتركيز على الجوانب التعليمية والصحية، والاهتمام بالمرافق والتدخل المبكر والبنية التحتية، بالإضافة إلى استمرارية الرعاية والتطوير الهادف في التعليم والمشاركة الاجتماعية. وسعيًا للمساهمة في استراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر، أجرى معهد الدوحة الدولي للأسرة، عضو مؤسسة قطر، دراسة حول صحة الأسر التي تعيش مع اضطراب طيف التوحّد حيث أظهرت النتائج أن العائلات التي تضم أطفالًا من ذوي التوحّد تواجه صعوبات في الحصول على خدمات جيدة في الوقت المناسب، كما يواجه آباء وأمهات أطفال التوحّد تحديات تتعلّق بالدعم الاجتماعي والعاطفي والرعاية قصيرة الأمد، إضافة إلى تأثر العلاقات بين الزوجين والأشقاء سلبًا. كما أظهرت نتائج الدراسة أن التحديات لا تتوقف عند هذا الحد، حيث يتحمل الآباء والأمهات ضغوطًا مالية إضافية، في محاولة تأمين صحة أطفالهم، ووقفت عند إظهار العديد من الآباء والأمهات قلقًا شديدًا بشأن مستقبل أطفالهم. وفي هذا السياق، قالت الدكتورة هلا السعيد، مديرة مركز الدوحة العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، وخبيرة شؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: إن دولة قطر حققت تقدمًا ملحوظًا في جميع أهداف الخطة الوطنية للتوحّد (2017 / 2022)، لافتة إلى أن ثمار هذه الجهود برزت من خلال دمج المصابين في المدارس، وتوفير كافة الخدمات الصحية والتعليمية لهم. ولفتت إلى أهمية تضافر الجهود الرسمية والشعبية للاهتمام بشريحة طيف التوحّد من حيث التدخل المبكر، وإدراك حجم المشكلة والتكيّف معها، مضيفة أن عدد مراكز ذوي الإعاقة بلغت نحو 28 مركزًا في دولة قطر، حيث تقدم خدمات متنوعة من الرعاية الطبية والتعليمية والإرشاد والتوعية، وهذا يعكس اهتمام الدولة بهؤلاء المصابين. وأشارت الدكتورة هلا السعيد إلى أن طيف التوحّد يُصنّف إلى ثلاثة أنواع: بسيط، ومتوسط، وشديد، وأن التدخل المبكر يساهم بشكل فعّال في معالجة الحالات البسيطة، ويضع أسسًا عملية وتربوية للتعامل مع بقية الحالات، وتستمر لمراحل حتى استكمال عملية الدمج الكامل لفئة طيف التوحّد، مشددة على ضرورة زيادة الوعي المجتمعي للأسر في التعامل مع حالات طيف التوحّد، وتجاوز حالات الجهل والخجل الاجتماعي. وذكرت مديرة مركز الدوحة العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، أن الكثير من العائلات تواجه حالة من الإنكار، وترفض بشدة إصابة أطفالها باضطراب طيف التوحّد، على الرغم من توافر مؤشرات وجوده بين بعض الأسر، واستطردت قائلة: "هناك مجموعة من العلامات تعتبر مؤشرات وجرس إنذار مبكر للعائلة على حالة طيف التوحّد، مما يستوجب على الأبوين الانتباه لها والقيام بعملية التدخل المبكر، واتخاذ ما يلزم من إجراءات للتعامل معها، حتى يتسنى لهم التكيّف والتعامل مع الحالة، ووضع ترتيبات كافية لاكتساب المهارات المطلوبة". يشار إلى أن التوحّد هو حالة تستمر مدى الحياة، تؤثر على كيفية تواصل الفرد وتفاعله مع الآخرين، وعلى كيفية إدراكه العالم المحيط به، ويُستَخدم في وصف هذه الحالة تعبير "طيف التوحّد" نظرًا لأن الأفراد المصابين بها يتأثرون بطُرق مختلفة وبدرجات متفاوتة، والسبب في معظم الحالات لا يزال غير معروف. وعلى الرغم من إمكانية اكتشاف الخصائص في مرحلة الطفولة المبكرة، إلا أنه غالبا لا يتم تشخيص الإصابة بالتوّحد إلا بعد فترة طويلة. وقالت منظمة الصحة العالمية إن قدرات واحتياجات المصابين بالتوّحد تختلف ويمكن أن تتطور بمرور الوقت.. بينما يمكن للبعض العيش بشكل مستقل، يعاني البعض الآخر من إعاقات شديدة ويحتاجون إلى رعاية ودعم مدى الحياة.