
خبير أمريكي لـ الشرق: واشنطن أضاعت فرصاً تاريخية لتحسين علاقاتها مع طهران
Al Sharq
تجتمع القوى العالمية في فيينا لحسم الاتفاق النووي، فيما تتواصل جلسات عديدة وجولات مكوكية يقوم بها أرفع المسؤولين الدبلوماسيين بفرنسا وألمانيا وبريطانيا للتواصل وتقريب
تجتمع القوى العالمية في فيينا لحسم الاتفاق النووي، فيما تتواصل جلسات عديدة وجولات مكوكية يقوم بها أرفع المسؤولين الدبلوماسيين بفرنسا وألمانيا وبريطانيا للتواصل وتقريب وجهات النظر بين الجانبين الأمريكي والإيراني، وفي الوقت ذاته تدخل روسيا وأمريكا على خط التباحث، ويستعرض ممثلو وفد الصين موقفهم خلال المفاوضات. الهدف واحد وهو حسم عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي الإيراني وتكثيف الجهد الدبلوماسي من كل الدول للعمل المشترك لتحقيق النتيجة المرغوبة، وسط مخاوف من الأجندات الخاصة والاعتبارات السياسية والواقع الداخلي الخاص بكل من طهران وواشنطن، كل هذا أوضحه د. جون جازفينان المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط بجامعة بنسلفانيا في فيلادلفيا، والمؤرخ الأمريكي الإيراني ومؤلف كتاب "تاريخ العلاقات الأمريكية الإيرانية منذ 1970 وحتى الآن"، حيث أكد في تصريحاته لـ «الشرق» ضرورة استثمار فرصة المفاوضات من أجل حسم عودة أمريكا وإيران إلى الاتفاق النووي، واستعرض أيضاً وقائع من تاريخ العلاقات الثنائية في قضية الملف النووي وملامح من الانتخابات الرئاسية الإيرانية ودحض الاستنتاجات المتعجلة بتأويلها حسب مسار التفاوض، كما شدد على أن قضية عودة واشنطن للاتفاق النووي بسيطة ولا تحتاج كل هذا، خاصة أنه مجرد قرار بالعودة لاتفاق تم توقيعه والتفاوض حوله بالفعل بين كافة الدول المنخرطة والدول الإقليمية الأخرى في المفاوضات التي سبقت توقيعه عام 2015، كما أكد أيضاً عدم وجود عائق أمام الجانبين لحسم الملف سريعاً خاصة مع الموقف الدبلوماسي الرسمي من قيادات واشنطن وطهران بضرورة الانخراط في مباحثات بناءة ومنتجة للعودة للاتفاق، معتبراً أن أمريكا فوتت الكثير من الفرص التاريخية لتحقيق نتائج إيجابية مع الجانب الإيراني، وأن إطالة الوقت تعيد للأذهان تلك الدبلوماسية غير الفاعلة والمنتجة التي كانت متواجدة خلال العشرين عاماً الماضية وساهمت بتأثر العلاقات من الجانبين، وهو ما يعزز أهمية مفاوضات فيينا الجارية الآن في تحقيق النتائج الإيجابية المرغوبة. ◄ جهد دبلوماسي دولي يقول د. جون جازفينان المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط بجامعة بنسلفانيا: إن مفاوضات فيينا المهمة تهدف إلى عودة واشنطن وطهران مرة أخرى للاتفاق النووي الموقع في عام 2015، واستثمار الجهد الدبلوماسي المهم من القوى الدولية لحسم الاتفاق، وأرى أنه من غير المنطقي ونحن الآن في مطلع أبريل وما زلنا في هذه المرحلة فذلك أمر يثير التساؤل في قضية أراها في تقديري من المفترض أن تكون بسيطة بوضع رغبة كل من إيران وأمريكا في عهد إدارة بايدن والتي تتوافق أجندتهما المشتركة الخاصة بالعودة للاتفاق النووي، فكلتا الدولتين عبر تصريحات دبلوماسية رسمية في مناسبات عديدة أكدتا اهتمامهما العميق باستعادة الاتفاق النووي الإيراني، فالأمر لا يحتاج لكل هذا التعقيد والتحليل في ظل وجود الاتفاق الرئيسي على الطاولة، والأمر يتعلق بالعودة لبنوده ومواصلة العمل المشترك، قبل دوامة ترامب ونهجه في ملف السياسة الخارجية في المنطقة، كما أن المخاوف والاعتبارات الخاصة بأمريكا وإيران وأيضاً أوروبا ودول المنطقة تمت مناقشتها والتفاوض بشأنها في جولات عديدة في مفاوضات الاتفاق الرئيسي، فلا أجد في تقديري حاجة لأن يطول الأمر ويستغرق كل هذا الوقت، وكان من الطبيعي والبسيط أيضاً حتى بالوصف السياسي سرعة استعادة الاتفاق مباشرة بين واشنطن وطهران والبدء في تنازلات من الجانبين تتعلق برفع العقوبات والتزام طهران بشروط التخصيب ورقابة وكالة الطاقة الذرية. ◄ الانتخابات الرئاسية ويوضح د. جون جازفينان، متحدثاً عن المعطيات الخارجية ودورها في التأثير على الموقف الإيراني والأمريكي مؤكداً أنه صحيح توجد معطيات داخلية، منها الانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران وربما يرى البعض أن من دورها أن تصعد لأولويات المناقشة في أي حدث نحو المضي قدماً في الملف الإيراني الأمريكي، ولكن تأويل المفاوضات أو المسار الدبلوماسي بما يتوافق مع الحسابات الداخلية للقوى الإيرانية هو أمر يفتقر في بعض مساعيه للتدقيق، فدائماً ما كانت الانتخابات الرئاسية في إيران تمر بأطوار من التقلب يكون من الصعب معها القفز إلى تحليلات واستنتاجات أولية في ظل طبيعة غير متوقعة للانتخابات الرئاسية الإيرانية، فالواقع السياسي لا يؤشر حتى الآن إلى وجود حتى ما يمكن تسميته رسمياً بالمرشحين أو بتغلب بعض الأصوات على الأخرى في سباق الرئاسة في إيران، كما أنه ما زال هناك ما يقرب من ثلاثة أشهر ونصف الشهر حتى موعد إجراء الانتخابات، ولكن هناك محاور عموماً توجد رغبة في تفاديها وهي بكل تأكيد عدم الرغبة في ظهور صانعي السياسات بصورة غير قوية أمام أمريكا تخصم من الرصيد السياسي أو الشعبي، وأيضاً في الوقت ذاته لتوضيح الصورة فإن أي توافق إيجابي مع الجانب الأمريكي يصب في صالح رفع العقوبات الاقتصادية التي من شأنها أن تحسن من الأوضاع المعيشية والوضع الاقتصادي في طهران ويمكن توظيف ذلك سياسياً بكل تأكيد، وهذه هي ملامح من مشهد السياسة الإيرانية الداخلية والوضع الخاص بانتخابات الرئاسة فمدى تأثيرها صحيح أنه مرتبط بمجرى المفاوضات ولكنه في الواقع ليس هو الأمر الأبرز، ولا حاجة للانتظار لنتائج الانتخابات لحسم القضية النووية التي لا ينبغي تعطيلها وتأجيلها عموماً. ◄ آمال ومخاوف وأكد د. جون جازفينان في تصريحاته لـ الشرق أنه لاستعراض كافة وجهات النظر في مسألة العودة للاتفاق النووي هناك جانبان، فبالنسبة للمتفائلين لاستعادة الاتفاق يبدو ما يحدث طبيعياً ومرحلياً فيما يتعلق برغبة كل إدارة في إظهار القوة قبل البدء في التنازلات أو تهيئة السيناريو الخاص بالعودة للاتفاق النووي سياسياً بما يتطلبه ذلك من فكرة الشكل والصورة العامة والخاصة بالرغبة في أن يظهر الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية أيضاً بمظهر قوي وأن خطوة أمريكا بالشراكة مع الدول الأوروبية في العودة للاتفاق تُظهر وجهاً من العمل الدولي غير الأحادي من جانب الإدارة الأمريكية، ولكن عموماً هناك حذر يخبرنا به تاريخ العلاقات الأمريكية الإيرانية والمليء بالكثير من مماطلات يعقبها تضييع فرص إيجابية أو دبلوماسية غير موثوقة ومؤتمنة، أو بنوع ما من الممكن تسميته بدبلوماسية غير منتجة تستهدف توضيح صورة أو إعلان موقف لخصوم وأنصار سياسيين بقدر دورها في تحقيق نتائج إيجابية، ولهذا تأتي أهمية مفاوضات فيينا في ألا تكون الأحداث الأخيرة محل تصاعد وليس احتواء وترميم أضرار سابقة، وهناك ضرورة لحسم هذا الملف الذي في رأيي بسيط للغاية ويجب عودة واشنطن وطهران سريعاً للاتفاق النووي دون إطالة للوقت ودون تعقيد للمدخلات يضع المخاوف محل الآمال الدولية المعلقة على أهمية استعادة الاتفاق النووي وتأثيره على الاستقرار الإقليمي وعلى الاقتصاد العالمي والكثير من المحددات المهمة التي ينبغي العودة من خلالها سريعاً للاتفاق الرئيسي بسهولة. ◄ الاستقرار العالمي واختتم د. جون جازفينان تصريحاته موضحاً أنه في رأيي ومن ضمن مواضيعي الأكاديمية التي ترصد تاريخ العلاقات الأمريكية الإيرانية، أرى أن الموقف الإيراني كان أكثر وضوحاً وتماسكاً بل وتأصيلاً في الربع عقد الأخير خاصة ما يتعلق بالقضية النووية، ولكني أرصد في المقابل ودون اعتبار ذلك انتقاداً لأمريكا، ولكن في الواقع كانت الإدارات الأمريكية المتعاقبة هي التي لا تتسم بالوضوح ذاته، فكانت مواقفها تجاه إيران غير متوقعة وغير ثابتة وتتغير في مواقفها كثيراً، فكانت إدارة بوش تصر على مبدأ صفر تخصيب بالنسبة لقدرات إيران النووية وأوباما في فترته الرئاسية الأولى كان يرغب في مباحثات جادة ولكن دون التزام أو تغيير فيما يتعلق بنسبة التخصيب، ثم عاد أوباما بعد ذلك ليتقبل فكرة وضع حدود وقيود على عمليات التخصيب في إيران برقابة دولية وحقق نتائج مميزة في العلاقات توجت بالاتفاق النووي، ثم أتت إدارة ترامب وانسحبت بصورة منفردة من الاتفاق واستخدمت سياسة من الضغط الأقصى وتغليظ للعقوبات الاقتصادية، ولكن الأمر مختلف بالنسبة لإدارة الرئيس بايدن ونأمل من الموقف الأمريكي الواضح الإعلان عن الانخراط في الدبلوماسية الهادفة لاستعادة الاتفاق النووي مع الجانب الإيراني وتحقيق تلك النتائج الإيجابية المرجوة ودورها المهم في دعم الاستقرار العالمي.More Related News