
خارطة طريق للحل أم خيار المواجهة.. إثيوبيا إلى أين؟
Al Sharq
تقترب التطورات الميدانية المتسارعة في إثيوبيا، من اللحظة الفاصلة، بين خياري المواجهة والحل السياسي للأزمة المتصاعدة منذ عام بين الحكومة المركزية وجبهة تحرير تيغراي.
تقترب التطورات الميدانية المتسارعة في إثيوبيا، من اللحظة الفاصلة، بين خياري المواجهة والحل السياسي للأزمة المتصاعدة منذ عام بين الحكومة المركزية وجبهة تحرير تيغراي. وتتزايد الضغوط على الحكومة الإثيوبية برئاسة آبي أحمد مع إعلان تحالف واسع من تسع فصائل، لتنسيق جهودها العسكرية والسياسية من أجل إسقاط الحكومة الاثيوبية. وأثار تقدم مقاتلي جبهة تحرير تيغراي على الأرض، وسيطرتها على مدينتي ديسي وكمبلوتشا الإستراتيجيتين، وتقدم حلفائها من جبهة تحرير الأورومو نحو مدينة كميسي (340 كيلومترا جنوب العاصمة أديس أبابا)، وبالمقابل الاجراءات التي اتخذتها الحكومة مثل إعلان حالة الطوارئ واستدعاء الاحتياط والمتقاعدين من القوات للخدمة من جديد، موجة من القلق وازدادت التكهنات من جولة دموية جديدة من هذا الصراع المستمر، والذي تسبب في مقتل الآلاف ونزوح أكثر من مليوني شخص عن ديارهم. ومع ازدياد حدة القتال وتهديدات مقاتلي تيغراي والأورومو بالزحف إلى العاصمة، وجّه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أمس، رسالة إلى الاثيوبيين، حيث أشار الى أن "هناك تضحيات يجب القيام بها، لكن تلك التضحية ستنقذ البلاد وتضعها على الصخر". وفي إشارة الى احتدام أزمة النزاع في اثيوبيا، قال آبي أحمد عبر صفحته الرسمية "فيسبوك"، إن "آخر أصعب مخاض هي لحظة ولادة الطفل، ويعد هذا أيضا وقتا صعبا بالنسبة إلى ولادة الأبطال"، مضيفا "لدينا ضعف عدد الأصدقاء الذين أداروا ظهورهم لنا.. جمع الأوراق لا يجعلها تعمل، لكن جمع الأوراق يجعل الغابة لا تُقهر". وتأتي رسالة رئيس الوزراء الاثيوبي، عقب بيان لمجلس الأمن الدولي، دعا فيه الأطراف في إثيوبيا إلى وقف القتال والتفاوض على وقف دائم لإطلاق النار وتهيئة الظروف لبدء حوار وطني إثيوبي شامل لحل الأزمة وإرساء أسس السلام والاستقرار في أنحاء البلاد. وأعرب البيان عن "القلق العميق إزاء توسع وتكثيف الاشتباكات العسكرية في شمال إثيوبيا، وتأثير الصراع على الحالة الإنسانية في البلاد، واستقرارها وكذلك المنطقة الأوسع". ودعا أعضاء المجلس في بيانهم، إلى احترام القانون الإنساني الدولي، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق من أجل معالجة أسوأ أزمة مجاعة في العالم منذ عقد بإقليم تيغراي الذي تمزقه الحرب. كما سيعقد مجلس الأمن جلسة طارئة بشأن الأزمة الإثيوبية الاثنين المقبل. * الجبهة المتحدة وتصاعد التحدي الذي تواجهه الحكومة الإثيوبية في حربها منذ نحو العام في إقليم تيغراي شمال البلاد، مع إعلان 9 فصائل، عن تشكيل تحالف جديد أُعلن عنه من واشنطن وأطلق عليه اسم "الجبهة المتحدة للقوات الفدرالية والكونفدرالية الإثيوبية". وشكل التحالف قيادة لتنسيق جهوده العسكرية والسياسية، ومن أبرز مكوناته "جيش تحرير أورومو" و"جبهة تحرير تيغراي" و"حركة آغاو الديمقراطية"، ويهدف أساسا إلى إسقاط حكومة أبي أحمد، "سواء بالقوة أو بالمفاوضات وتشكيل حكومة انتقالية". واستنكرت الحكومة الإثيوبية تشكيل التحالف ووصفته بأنه "عمل دعائي"، وقالت إن "بعض الجماعات فيه لها تاريخ من العنف العرقي"، في حين وجهت وزارة الدفاع الإثيوبية نداء لأفراد جيشها المتقاعدين للالتحاق بصفوف القوات المسلحة، في ظل اتساع رقعة الصراع وتصاعد تهديدات تيغراي والقوات المتحالفة معها بالزحف إلى العاصمة أديس أبابا. وكانت جبهة تحرير تيغراي، أعلنت منذ أيام سيطرتها على عدة مدن إستراتيجية في إقليم أمهرة (شمالي البلاد)، بعدما استولت على جميع مناطق إقليم تيغراي في يونيو الماضي، مشيرة الى أن مقاتليها باتوا على مسافة مئات الكيلومترات من العاصمة، كما صرح جيش تحرير أورومو، حليف تحرير تيغراي، بأن العاصمة قد تسقط في غضون أسابيع. وأدت هذه التطورات على الأرض، الى إعلان حالة طوارئ في كل أنحاء البلاد. * مفاوضات غير مشروطة في غضون ذلك، أمرت واشنطن دبلوماسييها غير الأساسيين في السفارة الأمريكية في إثيوبيا وأقربائهم بمغادرة البلاد بسبب تصاعد النزاع الدائر في شمال البلاد بين مقاتلي إقليم تيغراي والقوات الحكومية. وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان نُشر أمس "أمرت الخارجية الموظفين غير الأساسيين التابعين للحكومة الأميركية وأفراد عائلاتهم بمغادرة إثيوبيا بسبب النزاع المسلّح واضطرابات مدنية". وقالت السفارة في موقعها على الإنترنت إن "حوادث الاضطراب المدني والعنف العرقي تقع من دون سابق إنذار، الوضع مرشح لمزيد من التصاعد ويمكن أن تنشأ عنه أزمات في سلاسل الإمداد وانقطاعات في الاتصالات وتعطل في السفر". وبدوره، حثّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، كل الأطراف الاثيوبية على إلقاء السلاح والعودة إلى الحوار، كمحاولة لوضع حد للصراع المحتدم. ودعا بلينكن، جبهة تحرير شعب تيغراي بصفة خاصة، الى وقف تقدمه نحو أديس أبابا فورا، حيث جرت مباحثات مكثفة بين المبعوث الخاص للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان، ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإثيوبي دميقي موكنن، ووزيري الدفاع إبراهام بلاي والمالية أحمد شيدي، سعيا للوساطة لوقف الحرب المندلعة منذ نحو عام. وفي هذا الصدد، نقل مراسل الجزيرة عن مصدر دبلوماسي، أن أديس أبابا لم تقبل بمقترحات فيلتمان لإجراء مفاوضات غير مشروطة، إذ تواجه الحكومة حاليا جبهة تيغراي باعتبارها جماعة "إرهابية" وتطالب بانسحاب مسلحيها فورا من إقليم أمهرة دون شروط مسبقة، وهو ما أدى الى اختلاف بين الجانبين الأمريكي والإثيوبي، بشأن طبيعة المفاوضات، إذ قالت أديس أبابا إنها هي من تحدد ذلك دون تدخل أطراف خارجية، بحسب المصدر نفسه. * انتهاكات جسيمة وفي سياق متصل، نقلت شبكة "سي ان ان"، عن مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية أن إثيوبيا سوف تخسر فرص الاستفادة من برنامج تجاري أمريكي مربح بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، في حال لم تتخذ خطوات مهمة نحو إنهاء الصراع المستمر قبل حلول عام 2022. وأكد هؤلاء المسؤولون، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تعتزم فرض عقوبات واسعة، بموجب أمر تنفيذي، على المتورطين في الصراع الجاري في إثيوبيا. وكان بايدن، قد بعث برسالة إلى الكونغرس، الثلاثاء الماضي، أكد فيها أن أديس أبابا، لم تلتزم بمتطلبات المادة 104 من قانون النمو والفرص في أفريقيا "أغوا"، مشيرا إلى وجود انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دوليًا، بينما أعلنت وزارة التجارة الإثيوبية، أنها تشعر بخيبة أمل شديدة إزاء التهديد بالانسحاب من قانون "أغوا" الذي تدرسه الحكومة الأميركية حاليًا، مضيفة في بيان، أن هذه العقوبة سوف تؤثر على المكاسب الاقتصادية الكبيرة لاثيوبيا التي سوف تؤثر بدورها بشكل سلبي على النساء والأطفال. وتعهدت الوزارة ببذل كل الجهد لتصحيح أي أخطاء غير مقصودة بحلول الأول من يناير 2022. وفي مقال لـ"فورين بوليسي" نشر الشهر الماضي، كتب مامو ميهريتو، وهو أحد مستشاري أبي أحمد، أن قانون "أغوا" ساعد في زيادة صادرات إثيوبيا إلى الولايات المتحدة من 28 مليون دولار في العام 2000 إلى نحو 300 مليون دولار عام 2020 مع اندراج قرابة نصف هذا المجموع تحت قانون "أغوا". وأضاف أنّ "استبعاد إثيوبيا من قانون أغوا سيوجّه ضربة خطيرة لرفاه ملايين العمال ذوي الدخل المنخفض، فيما تسجّل الصناعة التحويلية في إثيوبيا مستويات إنتاج شهرية قياسية". وقانون "أغوا" هو تشريع وافق عليه الكونغرس في مايو 2000، لمساعدة اقتصادات أفريقيا، وتحسين العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة، وفتح الأسواق الأمريكية أمام بضائع تلك الدول التي من بينها إثيوبيا.