ثورة سوتشو إمام.. كيف سحق الأتراكُ الفرنسيين في شوارع مرعش؟
Al Jazeera
كانت قصة مدينة مرعش في جنوب وسط الأناضول واحدة من القصص الثورية الملهمة في تاريخ مقاومة الأتراك للاحتلال الفرنسي، فكيف دخل الفرنسيون إلى المدينة؟ وكيف انتفض سوتشو ورجاله؟ وإلى ماذا انتهت ثورتهم؟
بعد الانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني عام 1909، وارتقاء جماعة الاتحاد والترقي، وفي القلب منها جمعية تركيا الفتاة، إلى سدة الحكم في الدولة العثمانية مع مجموعة من السلاطين الضعفاء الذين لم يبلغوا مكانة السلطان عبد الحميد ولا حتى اقتربوا منها، دخل العثمانيون في دوامة من الصراعات التي خطَّطت لها وافتعلتها الإمبراطوريات الأوروبية الصاعدة وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا وروسيا.
لقد استطاعت هذه القوى أن تُمزِّق اللحمة الداخلية بين أهم مكونات الدولة العثمانية وهم العرب والأتراك، وقرَّبت الأرمن وجعلتهم ذراعا لها، كما اقترب أشراف الحجاز بزعامة الشريف حسين وأبنائه وعلى رأسهم الأمير فيصل إلى الإنجليز، وصاروا أئمة الثورة ضد السياسة العثمانية الجديدة التي كان لها أخطاؤها، في حين انخرط العثمانيون بزعامة الثلاثي أنور باشا وجمال باشا وطلعت باشا في الحرب الإيطالية ثم حروب البلقان التي فقدت فيها الدولة العثمانية أقساما شاسعة من البلقان، ثم دخلوا الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، وهم لا ناقة لهم فيها ولا جمل، متورطين في صراع بين الألمان والنمساويين وحلفائهم من المجر والبلغاريين من جانب، وبين البريطانيين والفرنسيين والإيطاليين والروس والأميركيين من جانب آخر.
صراع كان في بدايته غير متكافئ، فما بالنا بنهايته. لقد سمح هذا الثلاثي الذي استولى على الحكم العثماني، ومعهم السلطان والصدر الأعظم (رئيس الوزراء) اللذان لا رأي لهما ولا مكانة، سمحوا بدخول سفينتين حربيتين ألمانيتين عام 1914 إلى مضيق البوسفور، وبدأت هذه السفن في قصف الموانئ الروسية على البحر الأسود، وكما يصف المؤرخ التركي "كمال بَيديللي" فإن "هذه الحادثة وقعت دون علم الحكومة بما في ذلك السلطان والصدر الأعظم، وقد قوبلت بالحيرة والدهشة، أما دول الحلفاء فقد ردَّت على الدولة العثمانية بإعلان الحرب"[1].