
تونس نموذجا.. هل تُمهِّد الشعبوية الطريق إلى الاستبداد؟
Al Jazeera
من خارج الطيف السياسي أتى قيس سعيد، مثله مثل دونالد ترامب، وهو يقود موجة تعاطف شعبوي كارهة للنخبة وفشلها وعجزها.. بيد أنه ربما يصبح جسرا تعبر عليه نخبة أسوأ، وستكون نخبة يصعب إزاحتها من السلطة حينئذ.
أصدرت المطربة التونسية لطيفة أغنيتها "يحيا الشعب.. يسقط كل عدو الشعب" احتفالا بالإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي "قيس سعيد" بحل البرلمان وإسقاط الحكومة وضم السلطات الثلاث القضائية والتنفيذية والتشريعية إلى صلاحياته رئيسا للدولة التونسية، وتتحدَّث كلمات الأغنية عن شعب موحَّد متجانس مكوَّن من كتلة فضفاضة شديدة العمومية ("إحنا نساءها إحنا رجالها.. إحنا شبابها وَرد جبالها.. إحنا الفلاحة وعمالها إحنا الشعب")، وهو شعب يخوض معركة ضد مَن سمَّتهم كلمات الأغنية مجموعة من السماسرة وبائعي الأراضي. قد يكون طبيعيا ألا تهتم أغنية أو عمل فني بالتوصيفات السياسية الدقيقة عن ماهية الشعب ومكوناته رغم البُعد السياسي الواضح للأغنية، لكن ماذا عن الخطاب السياسي التونسي نفسه، بالأخص خطاب الرئيس قيس سعيد؟ يُعَدُّ قيس سعيد رئيس جمهورية ذا طينة خاصة، فالأستاذ الجامعي المتقاعد الذي أفنى حياته في دراسة الفقه الدستوري، وصل إلى قصر قرطاج بلا حزب ولا تاريخ نضالي ولا مال ولا دعم إقليمي أو دولي، وذهبت أغلب التوقُّعات قبيل انتخابه إلى أنه سيكون الرئيس الأضعف في تاريخ البلاد، لا سيما في ظل استقطاب سياسي حاد بين الإسلاميين والعلمانيين. بيد أنه سرعان ما كشَّر عن أنيابه وأظهر سعيه لاحتكار السلطات كافة في يده، ليدخل في مواجهة علنية مع حركة النهضة صاحبة التكتل الأكبر في البرلمان "المُجمَّد" وحلفائها، مُنذِرا بانهيار كامل للتحوُّل الديمقراطي في تونس بعد عشر سنوات من عملية ديمقراطية متعثِّرة وصعبة. فشل الطبقة السياسية التونسيةMore Related News