
بقدم واحدة وعكازين... فريق كرة قدم لمبتوري الأطراف في إدلب
Al Sharq
يتوجه الشاب أحمد اليوسف إلى مكان التدريب كل يوم بحماس كبير، تاركاً خلفه جميع الهموم والأعباء الحياتية، حيث تمكن أخيراً من العودة إلى ملعب كرة القدم اللعبة المحببة
يتوجه الشاب أحمد اليوسف إلى مكان التدريب كل يوم بحماس كبير، تاركاً خلفه جميع الهموم والأعباء الحياتية، حيث تمكن أخيراً من العودة إلى ملعب كرة القدم "اللعبة المحببة إلى قلبه"، ولكن هذه المرة بقدم واحدة وعكازين، بعد بتر قدمه جراء إصابة حربية منذ أربع سنوات. "في البداية فقدت الأمل كلياً بالعودة للعب الكرة، واكتفيت بمتابعة المباريات بحسرة، لكن فريق المبتورين منحني أملاً كبيراً لأندمج في المجتمع من جديد، وأعود لتحقيق حلمي بأن أكون لاعباً محترفاً" يقول الشاب أحمد (30 عاماً) الذي أصيب بشظية قذيفة بترت قدمه اليمنى، ويضيف: "شكلت الإعاقة نقطة تحول قاسية في حياتي، وحين انضممت إلى فريق مبتوري الأطراف لكرة القدم، شعرت بأنني عدت إلى الحياة، وتحسنت نفسيتي، وزادت ثقته بنفسي." تم تأسيس فريق مبتوري الأطراف في مدينة إدلب عام 2017 ليكون مساحة للعلاج النفسي من الوصم الذي قد يتعرض له ذوو الإعاقة، ومساعدة من فقدوا أطرافهم جراء الحرب الدائرة في سوريا، على تخطي محنتهم ومتابعة حياتهم بعزيمة، ودمجهم في المجتمع من جديد، وتنمية قدراتهم البدنية. * فريق الأمل محمد شيخ الحدادين (32 عاماً) معالج فيزيائي وحكم كرة قدم ومؤسس الفريق يقول للشرق: "من خلال عملي في مركز العلاج الفيزيائي، وجدت أن العديد من الشباب المبتورين يعانون من حالة نفسية سيئة، لكنهم في الوقت نفسه يجتمعون على محبة رياضة كرة القدم، ويتابعون المباريات بشغف، ومن هنا لمعت فكرة تشكيل الفريق." وينوه أنه أسس الفريق وأطلق عليه اسم فريق "الأمل" لأنه يؤمن بمقولة "لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة". ويشير محمد أن الفريق تأسس بعدد 6 لاعبين، لكنه حالياً يضم 40 لاعباً، من عمر 17 عاماً حتى عمر 45، ويشمل الفريق مبتوري أطراف سفلية يلعبون، ومبتوري أطراف علوية لحراسة المرمى، ويخضع كافة اللاعبين لتدريبات مكثفة لتعويدهم على النشاط والحركة، باعتبار أنهم يعتمدون في لعبهم على عضلة ساق واحدة، لذلك يقوم بإجراء تمارين تتناسب مع صحة اللاعبين البدنية، بهدف تقوية عضلاتهم. ويؤكد شيخ الحدادين أن نشاطات الفريق الرياضية لا تتوقف عند كرة القدم، حيث يتم تدريب الشبان على الشطرنج وكرة الطاولة وألعاب الحديد والسباحة وفق برنامج متكامل، ويتابع المدرب: “ تكون المباريات ودية بين أعضاء الفريق، أو مع فرق أخرى، لتجسيد روح المنافسة والمتعة، وللعبة قواعد لا يمكن تجاوزها، حيث لا يجوز للاعب لمس الكرة بالعكاز، كما يشترط بحارس المرمى أن يكون بذراع واحدة." يؤكد محمد أن الفريق يواجه العديد من الصعوبات، منها قلة الدعم، وضعف الاهتمام بذوي الإعاقة، حيث لم تتبنّ هذا الفريق أي جهة منذ تشكيله، فيما يعتمد الفريق على تبرعات فردية بسيطة من الأصدقاء والنوادي الرياضية الأخرى، ويعاني نقصاً كبيراً في التمويل. * أحلام وطموحات "الأحلام والطموحات لا حدود لها، وقد تمكنا من تجاوز الإعاقة وانطلقنا نحو تحقيق أهدافنا بعزيمة"، بهذه الكلمات عبر الشاب هيثم الصالح (28 عاماً) من مدينة سراقب عن مشاعر الرضا والسعادة بالانضمام إلى فريق الأمل، يتحدث للشرق بقوله: "تحولت فجأة من شاب مفعم بالحيوية والنشاط إلى مصاب حرب، فقد الأمل بالمستقبل، وأنهكه الألم والإحباط." يشير الصالح أنه كان واقفاً أمام باب منزله حين سقطت قذيفة هاون من نظام الأسد بالقرب منه، وتسببت ببتر قدمه." بعد فترة من العلاج تمكن الشاب من الحصول على طرف صناعي، لكن الضغوطات النفسية أثرت عليه بشكل كبير، فاختار المكوث في المنزل تجنباً لنظرات الشفقة من عيون الآخرين." يبين الصالح أنه حين سمع بالفريق تحمس كثيراً لرؤية اللعب، وكانت فرحته عارمة بالانتساب للفريق، ليستعيد الثقة بنفسه، ويثبت لنفسه وللآخرين أنه قادر على ممارسة حياته الطبيعية كأي شخص. أبو فؤاد (50 عاماً) نازح من معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي إلى مدينة إدلب، يتابع مباريات الفريق وتدريباته باستمرار، ويؤمن أن الإعاقة لا يمكن أن تكون مانعاً أمام النجاح وعن ذلك يقول: "يلعب أعضاء الفريق بأداء مدهش وحماس بالغ، ورغبة في النجاح، وأعتقد أن تشكيل الفريق هو طوق النجاة لعشرات اللاعبين، ورسالة إلى أصحاب الهمم بأنه لا يوجد مستحيل، ويمكن لكل منهم أن يصل بالإصرار والإرادة إلى هدفه وطموحاته، مهما كانت الظروف والعقبات."More Related News