بعناية إلهية.. مستشفى حمد في غزة يعيد الحياة لطفلة سقطت من الطابق الرابع
Al Sharq
لم تتوقّع والدةُ نور الإسلام -3 سنوات ونصف- أن تلك الصغيرة الممدّدة على سرير العناية المكثفة جثةً صامتةً مدة شهر كامل بلا حركة
لم تتوقّع والدةُ نور الإسلام -3 سنوات ونصف- أن تلك الصغيرة الممدّدة على سرير العناية المكثفة جثةً صامتةً مدة شهر كامل بلا حركة ولا نطق ولا أي استجابةٍ لدموعها بجوارِها ستعود للحياة من جديد في مستشفى سمو الشيخ حمد للتأهيل والأطراف الصناعية. في ساحة بيتها الواقع في حي الشجاعية شرق مدينة غزة تلعب نور اليوم بحب مع أخواتها الستّ لعبة الغُميضة، وبين الفينة والأخرى تستقبل حضنًا من إحداهنّ، بعد أن اتّفقنّ أن يُلبينَ كل طلباتِها، سيّما أنهن كُنَّ على يقين أن حياتها انتهت بوقوعها من الطابق الرابع خاصة وأن الأطباء جميعًا كانوا إذا ما سألت والدة نور عن حال صغيرتها كان ردهم الثابت "ادع لها بالرحمة" في إشارةٍ أن لا أمل في نجاتها. تقول والدة نور "للشرق":" كان في حارتنا عرس لأقاربنا والناس مجتمعون بكثرة، وكنت أنا وبناتي فوق سطح المنزل بصحبة الجدة والعمات نستعد للاحتفال بعيد ميلاد إحدى بناتي بعد العصر، فكانت الأجواء مليئة بالفرح وجميعنا بانتظار عودة والد نور من عمله". وتضيف:" نزلتُ السلالم تسبقني نور، ولم تمض بضع دقائق حتى اختفت عني، لقد ذهبتْ للنافذة تراقب قدوم والدِها، وأظنها سمعت صوت "زامور" دراجة نارية ظنّته آتٍ من دراجة والدِها الذي اعتادت انتظار قدومِه بشغف". لقد سقطت نور من الطابق الرابع، وبعد وقت قصير نظرت الأم من النافذة لتجدها ملقاةً على الأرض، صرخت بأعلى صوتها تنادي أحدًا ينقذها ثم هرعت إليها هي وكل من في العمارة حتى وصلت إليها ووجدت الدم قد نزف من أنفها وفمها. تعبر:" لم أتوقع أنها ما تزال حيّة وسرعان ما امتلأ البيت بالناس القادمين للعرس، وقاموا بنقلها لمستشفى الشفاء، قبل أن ألحقهم وأنا لا أستطيع تمالك نمسي ودموعي من هول الصدمة". حبيبة أبيها نور هي فاكهة البيت ونورُه، هي سبب ضحكة أبيها والأكثر تعلقًا به، هي معنى الحياة في البيت وأساسه وفق والدتِها التي أمضت بجوارِها في مستشفى الشفاء شهرًا كاملًا تناجي الله وتذرف الدمع أمام ابنتها التي لا يغيب عن أنفِها الأكسجين لحظة علّه تعالى يستجيب لها وتعيش نور. تعلق:" لم يُعطِني الأطباء بصيص أملٍ واحدٍ بإمكانية عودتها لطبيعتها فكل ما كانوا يخبرونني به أن أطلب من الله الرحمة، فكنت أدعو الله أن تبقى نور حيّة حتى وإن لم تعد تمشي أو حتى تتكلّم أو تسمع، المهم ألا يغيب جسدها عني". إثر السقوط من الطابق الرابع أصيبت نور بنزيف حاد في الدماغ وكسر في الجمجمة، فباتت جثةً بلا حِراك ممددة على سرير المستشفى، لقد فقدت كل شيء قبل أن تذهب لمستشفى حمد وتحصل على الرعاية الكاملة. وحول هذا تقول "للشرق" الطبيبةُ في قسم التأهيل ريهام أبو الحصين:" تم قبول الطفلة بعد إجراء الفحوصات اللازمة وتقييم حالتها، وتمّ إدخالها قسم المبيت حيث الرعاية المتكاملة". وتضيف:" قدت المستشفى اجتماعًا ضم فريق التأهيل المكون من طبيب وممرض وأخصائي علاج طبيعي وأخصائي علاج وظيفي وأخصائي نطق وبلع وأخصائي تغذية وأخصائي اجتماعي ونفسي، ليحدد كل واحد منهم دوره الخاص وأهدافه في تلك الحالة التي لم يسبق وأن تقدمت للمستشفى حالة مثلها وفي نفس عمرها حيث كانت الطفلة بعمر العامين فقط". أفضل حال قضت نور في مستشفى حمد شهرًا جديدًا استعادت فيه كل شيء ، كل المعطيات كانت في تحسّن وحالٍ أفضل، تحركت أصابعها، نطقت وأول ما نطقت قالت "بابا" ، بدأت بالمشي، بدأت بالمضغ والبلع بأمان ، واستعادت الوعي بنسية 100% وفق الطبيبة ريهام. لكنها ما تزال تزور مستشفى حمد زيارات دورية، لمتابعة العلاج حتى النهاية. خرجت نور وأنارت بيتها بعد غيابٍ طويل، وأعادت بعودتها البسمة لكل من فيه، توضح أم نور:" لقد شّلّت حياتنا بغياب نور، حتى صغيراتي لم يعد لديهنّ رغبة في الطعام ولا في الدراسة أو الذهاب للمدرسة، فالابن غالٍ جدًا، إنه قطعة من الروح". وتابعت:" لقد رّدّت لي روحي، برجوع ابنتي لطبيعتها بعد فقدان الأمل وظنّنا أن مستقبلها قد انتهى، لم ينته مستقبلها بل عاد للإشراق من جديد بفضل الله ثم قطر ومستشفى حمد، الذي أراه من أعظم المؤسسات في القطاع، فلست أدري ماذا كان سيحل بنور وبنا لولا وجود هذه المستشفى في قطاع غزّة حيث لا بديل عنها ولا شبيه". وأكملت:" مهما قدمتُ شكري لقطر وللمستشفى ولصندوق قطر للتنمية الممول لها، فإنه غير كافٍ أمام الجهد العظيم الذي بُذِل في عودة ابتسامة ابنتي ومشيتها وأمام كلمة بابا وماما التي غابت عني طويلًا، إنها أشياء عظيمة لا تقدر بثمن". وختمت:" أوصلوا تحياتي وامتناني لصاحب السمو أمير قطر تميم بن حمد والأمير الوالد الكريم فإنه يعيش في قلوبنا وعطاءاته نتعثر بها في كل خطواتنا".