
بعد عام على الحرب الروسية - الأوكرانية.. هل لا تزال أوروبا متماسكة في وجه روسيا أم التباين بات واضحا؟
Al Arab
بعد عام على الحرب الروسية - الأوكرانية، تحول العالم إلى عالم غير منظم متعدد الأقطاب، أصبحت فيه الجغرافيا السياسية هي المصطلح الأساسي..كل شيء أصبح "
بعد عام على الحرب الروسية - الأوكرانية، تحول العالم إلى عالم غير منظم متعدد الأقطاب، أصبحت فيه الجغرافيا السياسية هي المصطلح الأساسي..كل شيء أصبح "جيوسياسيا". فقد تحولت آسيا الوسطى والقوقاز والبلقان وإفريقيا والمحيط الهندي والمحيط الهادئ إلى ساحات معركة على النفوذ بين قوى مثل الصين والاتحاد الأوروبي وروسيا، سواء من خلال تمويل مشاريع البنية التحتية أو إبرام صفقات في التجارة أو التعاون العسكري أو الدبلوماسي، كما عملت الحرب في أوكرانيا على زعزعة الأمور، فأضعفت قبضة روسيا على الجمهوريات السوفيتية السابقة في آسيا الوسطى، ونشوء خلافات حادة بين دول الاتحاد الأوروبي، فيما يتعلق بالمساعدات الأوكرانية، سواء التسلح أو عدم الانجرار للمشاركة في الحرب. إعادة التنظيم الجارية حاليا أو المشهد العام لتبعيات الحرب في أوكرانيا، في حالة من الفوضى حقيقة واضحة، لكنها مؤقتة على الأرجح.. وحتما، ستؤدي الحرب في النهاية إلى إضعاف روسيا وأوروبا وإرهاقهما، في حين أن المنتصرين الرئيسيين من هذا الوضع هما الولايات المتحدة والصين. زادت الحرب الروسية - الأوكرانية من حدة النزاعات والمواجهة، فضلا عن الاتجاه العالمي الحالي للدول لتشكيل كتل تتمحور حول واشنطن وبكين، فالصين تفكر في الحرب من منظور هدفها الاستراتيجي طويل الأمد المتمثل في أن تصبح القوة الرائدة في العالم بحلول عام 2049، وعلى الرغم من أن بكين تدعم موسكو، فإنها تجنبت القيام بتحركات قد تنفر الغرب منها. الصين لا تنأى بنفسها، ولكنها عززت علاقتها الوثيقة مع روسيا، ففي تقريرها السنوي الذي نشر هذا الشهر، قالت أجهزة الاستخبارات الإستونية: إنه من السابق لأوانه النظر إلى تأييد شي جين بينغ المتحفظ للحرب الروسية كعلامة على الابتعاد عن موسكو، فالدعم قد لا يكون توافقا كاملا، والصين لا تقدم لروسيا مساعدات بحجم تلك التي توفرها واشنطن لأوكرانيا، لكن علينا أن ننظر إلى الوقائع، لقد تعززت العلاقات الاقتصادية. في الواقع، تعني الحرب أن موسكو تخاطر بأن تصبح مجرد تابع لبكين وأن تدور في فلكها، فروسيا ليست في وضع يسمح لها بالتفاوض مع الصين التي ستأخذ ما تشاء من روسيا دون أن تعطي روسيا ما تريد مثل الأسلحة أو المكونات الإلكترونية المهمة، ومع ذلك يمكن للأيديولوجيا أن تتقدم على عدم التوازن الاقتصادي، ولا ينبغي تحليل العلاقة من منظور عقلاني فحسب. ويراهن الكرملين على تنويع علاقاته الجيوسياسية والاقتصادية والاستراتيجية مع الشرق الأوسط وإيران وإفريقيا للحد من اعتماده على الصين، كما أن ترسانة روسيا النووية الهائلة تجنبها أيضا أن تصبح خاضعة تماما. وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، تمثل الحرب الروسية - الأوكرانية فرصة لأن يظهر قدرته على التحرك كجهة فاعلة رئيسية، فضلا عن المخاوف التي رصدها المراقبون من استمرار دوره كتابع لواشنطن من جديد، فلم يكن أداء أوروبا سيئا جدا، فقد أظهرت مرونتها وقدرتها على الاستجابة بسرعة كبيرة منذ بداية الحرب، من خلال تقديم الدعم العسكري، ومساعدة اللاجئين، وخفض اعتمادها في مجال الطاقة على روسيا. وإجمالا.. الاتحاد الأوروبي لبى الاحتياجات العاجلة.. لكن هل استعد للمستقبل ومكانته على الخارطة العالمية؟.. فما زال أمامه عمل يتعين القيام به.. وأيضا يبدو من الواضح حاليا أن هناك كتلتين.. واحدة أميركية وأخرى صينية مع حلفائها وروسيا.. فهل ستصبح أوروبا كتلة ثالثة أم لا.. أم ستتحالف مع الأمريكيين؟