انتخاب رئيس جديد للعراق ينتظر توافق القوى السياسية وقرار المحكمة الاتحادية
Al Sharq
بعد مرور أكثر من 4 أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة في العراق، لا تزال مسألة انتخاب رئيس الجمهورية معلقة حتى الآن بين القوى السياسية الكردية، في الوقت
بعد مرور أكثر من 4 أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة في العراق، لا تزال مسألة انتخاب رئيس الجمهورية معلقة حتى الآن بين القوى السياسية الكردية، في الوقت الذي تتجه فيه القوى السياسية نحو تكثيف حواراتها للتوصل إلى توافق على المرشح لرئاسة العراق. وأجرى العراق في العاشر من أكتوبر الماضي انتخابات تشريعية مبكرة للخروج من أزمة سياسية عصفت بالبلاد بعد مظاهرات شعبية كبيرة شهدتها مناطق الوسط والجنوب في عام 2019 احتجاجا على البطالة، وسوء الأوضاع الاقتصادية. وبموجب عرف سياسي متبع في العراق منذ 2006، فإن الأكراد يشغلون منصب رئيس الجمهورية والسنة رئاسة البرلمان والشيعة رئاسة الحكومة. ويبدو أن السباق لن يكون سهلا هذه المرة للحصول على منصب رئاسة العراق، فهناك حكم منتظر من قبل المحكمة الاتحادية، والذي سيحسم من هو الرئيس العاشر لجمهورية العراق، خاصة وأن هناك خلافات قانونية ظهرت إزاء قرار هيئة رئاسة البرلمان العراقي فتح باب التشريح مجددا أمام المرشحين لشغل منصب رئيس البلاد. وأعلن البرلمان العراقي في وقت سابق قائمة جديدة تضم 33 مرشحا لمنصب رئيس الجمهورية. ووفق بيان للدائرة الإعلامية للبرلمان، فإن 59 مرشحا تقدموا لتولي منصب رئيس الجمهورية وجرى استبعاد 26 لأسباب أبرزها عدم توفر الخبرة السياسية وعدم الحصول على شهادة جامعية. ونشر البرلمان أسماء المرشحين المؤهلين لتولي المنصب وهم 33 مرشحا أبرزهم: برهم صالح (مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، رئيس الجمهورية الحالي)، وريبر خالد (مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني). وجراء خلافات بين القوى السياسية لم يتمكن البرلمان في 7 فبراير الجاري، من عقد جلسة مخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية من بين 24 مرشحا لعدم اكتمال النصاب القانوني للحضور. وتنص المادة (72 ب) من الدستور على انتخاب رئيس جديد للعراق خلال مدة أقصاها 30 يوما من انعقاد أول جلسة للبرلمان المنتخب، وقد انقضت هذه المدة بالفعل باعتبار أن البرلمان عقد أولى جلساته في 9 يناير الماضي. وللحيلولة دون حدوث فراغ رئاسي قررت المحكمة الاتحادية العليا في 13 يناير الماضي، الإبقاء على الرئيس برهم صالح في منصبه الذي يتولاه منذ أكتوبر 2018، حتى انتخاب رئيس جديد. وتنص المادة 70 من الدستور على أن ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيسًا للجمهورية بأغلبية ثلثي عدد أعضائه (220 نائبا من أصل 329). وأعلن البرلمان في 31 يناير الماضي، قائمة تضم 25 مرشحا لمنصب رئيس الجمهورية، لكن في 13 فبراير الجاري، قررت المحكمة الاتحادية استبعاد وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني من التنافس بسبب عدم توفر شروط الترشح. وقررت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، في الثالث عشر من فبراير الجاري، تثبيت برهم صالح رئيسا للبلاد إلى حين انتخاب خليفة له. وذكرت المحكمة، في بيان، أنه تقرر استمرار برهم صالح بممارسة مهماته لحين انتخاب رئيس جديد للعراق، رغم انتهاء ولايته بانتهاء دورة مجلس النواب، موضحة أن القرار صدر بالاتفاق، وأصبح باتا وملزما للسلطات كافة استنادا لأحكام الفقرة الثانية من المادة (72) والمادة (94) من دستور البلاد لعام 2005. وتزامن إعلان المحكمة عن استمرار صالح في مهامه مع إصدارها قرارا بعدم ترشيح القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري لمنصب رئاسة الجمهورية لمخالفته أحكام المادة (68) من دستور العراق لعام 2005. وكان الرئيس العراقي المنتهية ولايته برهم صالح، قد تقدم في الثامن من فبراير الجاري، باستفسار للمحكمة الاتحادية العليا بشأن الفراغ الدستوري الحاصل بعد فشل مجلس النواب في اختيار رئيس جديد للبلاد، والنظر في إمكانية مواصلة مهامه إلى حين اختيار شخصية أخرى لقيادة العراق. كما أجلت المحكمة الاتحادية مطلع الشهر المقبل، دعوى الطعن بقرار إعادة فتح باب الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية. وتجد الأطراف المدعية في تأجيل الدعوى لغاية الأول من الشهر المقبل، ضرورة لتدقيق الدلالات المقدمة وتفحصها للخروج بقرار يضمن حماية الأعراف الدستورية وهو قرار سيكون ملزماً لجميع الأطراف. وتوجد مخاوف من إطالة أمد هذه الخلافات ما يؤدي إلى عرقلة العديد من الملفات المهمة، ومن بينها موازنة العام الحالي وغيرها، فضلا عن التأكيد على خطورة انعكاس الصراعات السياسية على المشهد الأمني في البلاد.
ويرى الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي حصل على 31 مقعدا في الانتخابات التشريعية الأخيرة، أن منصب رئيس الجمهورية هو استحقاق انتخابي لا يحتمل التأجيل، وأن مرشحه (ريبر خالد) هو الذي يستحق الترشح لأنه يحظى بدعم الكتلة الكردية الأكبر في البرلمان. وقال السيد "محما خليل" النائب بالبرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: "إننا نعلم كعرف سياسي، استحقاق رئيس الجمهورية للبيت الكردي، والحزب الديمقراطي الكردستاني يملك أكثر عدد من المقاعد البرلمانية وبالتالي سيدعم مرشحه لرئاسة العراق، وهذه الآلية الديمقراطية معمول بها في العراق"، مشير إلى أن لدى الحزب الديمقراطي مرشح واحد ومستوفي كافة الشروط وهو السيد ريبر خالد. في المقابل، جدد حزب /الاتحاد الوطني الكردستاني/، الذي حصل على 18 مقعدا بالبرلمان العراقي، ثقته بمرشحه الوحيد برهم صالح لرئاسة العراق. وقالت السيدة "ريزان الشيخ دلير" عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، في تصريح مماثل لـ /قنا/ "إن المرشح لمنصب رئيس الجمهورية لحد الآن لم يحسم بين كل الكتل السياسية، بالرغم من أن المرشح الأبرز للمنصب هو مرشحنا السيد برهم صالح، ومن المفترض أن يصوت الجميع له". وأضافت "ليس جميع أعضاء التحالف الكردستاني مع مرشح الحزب الديمقراطي، وندعو الكتل السياسية للاتفاق على مرشح رئيس الجمهورية الذي يمتلك الإمكانية لحل جميع المشاكل الموجودة داخل العراق"، على حد تعبيرها. بدوره، أكد السيد "أيوب أحمد" عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، عدم وجود توافق بين الحزبيين الكرديين إلى هذه اللحظة، وقال إنه يرى أن التوافق سيكون في النهاية لصالح المرشح برهم صالح. وأضاف "أن تطبيق مبدأ التوافق داخل البيت الكردي سيرفع من حظوظ برهم صالح لرئاسة الجمهورية". وكان السيد "محمد البلداوي" النائب عن تحالف /الفتح/، الذي حصل على 17 مقعدا بالانتخابات الأخيرة، قد أكد في وقت سابق عزم التحالف على التصويت لصالح "أية شخصية تتعهد بحفظ وحدة العراق وتعزز مكانته". فيما قال السيد "محمد حسن القدري" النائب عن /ائتلاف دولة القانون/ الذي يملك 33 مقعدا بالبرلمان، إن "قرار المحكمة الاتحادية بشأن فتح باب الترشح مرة أخرى أمام الحزب الديمقراطي الكردستاني سيضع النقاط على الحروف وسيسهل من تمرير رئيس الجمهورية". من جانبه، شدد المحلل السياسي العراقي صباح العكيلي، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ على أن العراق في الوقت الحالي يحتاج إلى وجود تفاهم ونضوج في اتفاق الكتل السياسية حول الشخصية المختارة لمنصب رئيس الجمهورية. وأضاف العكيلي أن "الكرة في ملعب الأكراد ولا بد من الوصول إلى تفاهمات ورسم عملية سياسية جدية وواقعية بين الكتل السياسية لتقرب خارطة الطريق في مسألة اختيار رئيس جديد للبلاد وأيضا تشكيل الحكومة المقبلة لتجاوز كل الأزمات التي يعاني منها العراق حاليا".