المواجهة الدبلوماسية محتدمة بين الغرب وموسكو
Al Sharq
تصاعدت الحرب الدبلوماسية بين روسيا والعواصم الغربية الداعمة لكييف، واشتدت ضراوتها خلال اليومين الماضيين، مع اعلان الاتحاد الاوروبي وعدد من الدول الغربية طرد عشرات
تصاعدت الحرب الدبلوماسية بين روسيا والعواصم الغربية الداعمة لكييف، واشتدت ضراوتها خلال اليومين الماضيين، مع اعلان الاتحاد الاوروبي وعدد من الدول الغربية طرد عشرات الدبلوماسيين الروس، على الرغم من تراجع حدة التصعيد الذي تشنه القوات الروسية ضد أوكرانيا منذ الرابع والعشرين من فبراير الماضي، ودخول البلدين في جولات تفاوضية سواء بالعاصمة البيلاروسية مينسك أو بمدينة إسطنبول التركية للبحث عن توافقات تنهي ما دمرته آلة الحرب. وكشفت الخارجية الفرنسية، أن باريس قررت طرد 35 دبلوماسيا روسيا، مبررة هذه الخطوة بأن الدبلوماسيين الروس الذين شملهم الطرد صدرت منهم أفعال تتعارض مع المصالح الأمنية للبلاد. وبالتزامن مع قرارات الطرد الفرنسية، أعلنت وزارة الخارجية الإيطالية بدورها، عن قرار مماثل يقضي بطرد 30 دبلوماسيا روسيا من أراضيها، لافتة إلى أن المعنيين بهذا القرار تعلقت بهم شبهات تجسس. ولم تقف الدنمارك بدورها بعيدة عن هذا التصعيد الغربي بحق أفراد من البعثات الدبلوماسية الروسية، بل حذت حذو مواقف دول غرب القارة، فقد أعلن السيد يبي كوفود، وزير الخارجية، عقب اجتماع استثنائي لمجلس السياسة الخارجية، أن بلاده قررت طرد 15 دبلوماسيا روسيا، بعد أن وجهت لهم تهما بالانخراط في أنشطة تخريبية معادية. وقال كوفود، في هذا الصدد، إن "هذه خطوة تاريخية نتخذها هنا من الجانب الدنماركي، ونقوم بذلك أيضا مع العديد من الدول الأوروبية لأننا نريد حماية أمننا"، في وقت توعدت فيه وزارة الخارجية الروسية بالرد على طرد دبلوماسييها من روما. من جانبه، أعلن السيد خوسيه مانويل ألباريس وزير الخارجية الإسباني، أن بلاده ستطرد حوالي 25 من الدبلوماسيين الروس وموظفي سفارة روسيا من مدريد على خلفية جرائم حرب ينسب ارتكابها للجيش الروسي في أوكرانيا، قائلا عقب الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء "قررنا طرد الدبلوماسيين والموظفين الروس من السفارة الروسية في إسبانيا حيث يمثلون تهديدا لمصالح وأمن بلادنا"، دون أن يستبعد اتخاذ مزيد من الإجراءات. ولا يمكن فصل موجة طرد الدبلوماسيين الروس من عديد العواصم الأوروبية عن اجراءات مماثلة نفذتها عواصم من دول البلطيق خلال الأيام الأخيرة، مثلما أعلنت السيدة أنالينا بيربوك وزيرة الخارجية الألمانية، بالأمس، أن بلادها قررت طرد عدد كبير من الدبلوماسيين الروس على خلفية العملية العسكرية التي تشنها موسكو ضد سلطات كييف، مشددة على أن هؤلاء الموظفين، الذين يصل عددهم إلى 40 دبلوماسيا، يشكلون "تهديدا للذين يبحثون عن حماية عندنا". وكانت السيدة صوفي ويلمز وزيرة الخارجية البلجيكية، قد أعلنت هي الأخرى، عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي /تويتر/ منذ أيام، أن بروكسل تعتزم طرد 21 دبلوماسيا روسيا للاشتباه في قيامهم بأعمال معادية. وتوضح بعض المؤشرات والقرائن والافادات أن عمليات الطرد التي تقوم بها دول الاتحاد الأوروبي للدبلوماسيين الروس، تأتي بالتنسيق التام بينها، على خلفية ما يجري في أوكرانيا، إذ سبق لهولندا وبلجيكا وإيرلندا وجمهورية التشيك أن أعلنت في 29 مارس الماضي عن طردها لـ43 دبلوماسيا روسيا من أراضيها بسبب الأمر ذاته. جدير بالذكر أن عمليات طرد الدبلوماسيين الروس من عواصم الدول الأوروبية لم تقتصر على الدبلوماسيين الروس فقط، بل سبق أن أعلن الادعاء العام الألماني اتهامه لعالم روسي بشبهة ضلوعه في أعمال تجسس على برنامج الفضاء الأوروبي أريان لحساب بلاده. وفي الوقت الذي تواجه فيه روسيا عقوبات اقتصادية غير مسبوقة وتحديات عسكرية ميدانية تفرضها المقاومة الأوكرانية بدعم أوروبي وأمريكي، لا تملك موسكو غير الرد على المواجهة الدبلوماسية التي تستهدف موظفيها، حيث ذكرت السيدة ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، أن موسكو سترد بشكل مناسب على طرد 30 من دبلوماسييها من إيطاليا. بدوره، ذكر السيد يمتري ميدفيديف الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن، بالأمس، أن موسكو سيكون لها رد بنفس القوة على طرد دبلوماسييها من عدد من الدول الغربية. وتعتبر سياسة الطرد عرفا دبلوماسيا قديما في السياسة الدولية، كما تعد هذه الخطوة أحد أقوى أشكال الإدانة الدبلوماسية التي يمكن للدولة أن تتخذها، إما لتسجيل موقف سياسي معين، وإما للتعبير عن غضبها تجاه أشخاص أو دول أخرى تصرفت تصرفات غير مقبولة، حسب وصف الدولة المستضيفة. وتمثل اتفاقية فيينا المرجعية القانونية للتعامل بين الدول، حيث تشمل المعاهدة أحكاما هامة، أبرزها أنه يجوز للدولة المضيفة، في أي وقت ولأي سبب، إعلان عضو معين من الموظفين القنصليين شخصا غير مرغوب فيه، وأنه على الدولة المرسلة استدعاء هذا الشخص في غضون فترة زمنية معقولة، وإلا فقد يخسر هذا الشخص حصانته الدبلوماسية. *عقوبات أوروبية وكانت أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، حزمة خامسة من العقوبات التي سيتم فرضها على روسيا، جراء تدخلها العسكري في أوكرانيا. وأفادت فون دير لاين، في تصريح صحفي، أن الاتحاد الأوروبي سيفرض حظرا على استيراد الفحم من روسيا بما تصل قيمته إلى 4 مليارات يورو سنويا. وقالت إن حظرا سيتم فرضه على التعامل مع 4 مصارف روسية مهمة، من بينها VTB وهو رابع أكبر بنك في البلاد. وأشارت أن البنوك الأربعة تمثل 23 بالمئة من حصة سوق القطاع المصرفي الروسي، "ما سيزيد من إضعاف النظام المالي الروسي". وذكرت أن الحزمة ستتضمن حظرا على وصول السفن التي تملكها وتشغلها روسيا إلى موانئ الاتحاد الأوروبي. ولفتت إلى أنهم سيفرضون حظرا إضافيا على التصدير بقيمة 10 مليارات يورو، يستهدف القاعدة التكنولوجية الروسية. كما بيّنت أنه سيتم فرض حظر استيراد بقيمة 5.5 مليارات يورو لخفض تدفق الأموال لروسيا والأوليغارشيين. *مجلس الامن ومن نيويورك، دعت واشنطن إلى تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان الأممي، على خلفية جرائمها في أوكرانيا. جاء ذلك في جلسة مجلس الأمن الدولي المنعقدة حاليا بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، لمناقشة "الأدلة المتزايدة على ارتكاب جرائم حرب في مدينة بوتشا الأوكرانية". وقالت المندوبة الأمريكية ليندا توماس غرينفيلد، في كلمتها خلال الجلسة: "عدت الليلة قبل الماضية من رحلة إلى مولدوفا ورومانيا، وبقدر ما تؤلمني القصص التي سمعتها هناك من اللاجئين الأوكرانيين، هناك قصص لن نسمعها أبدًا: قصص الأشخاص الذين رأيناهم في تلك الصور من بوتشا". وأردفت: "رأينا جميعا الصور المروعة. جثث هامدة ملقاة في الشوارع تم إعدامها على ما يبدو بإجراءات موجزة، وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم". وتابعت: "أود أن أذكر هذا المجلس أنه بناءً على المعلومات المتاحة حاليًا، قامت الولايات المتحدة بتقييم مفاده أن أفراد القوات الروسية قد ارتكبوا جرائم حرب في أوكرانيا". وزادت: "بالنظر إلى الكم الهائل من الأدلة، لا ينبغي أن يكون لروسيا موقع في مجلس حقوق الإنسان.. هذه الهيئة التي تهدف إلى تعزيز احترام حقوق الإنسان". وأكدت السفيرة الأمريكية أنه "من الخطورة أن تستغل روسيا عضويتها في مجلس حقوق الإنسان كمنصة للدعاية للإيحاء بأن لديها اهتمامًا مشروعًا بحقوق الإنسان". وأكملت: "ها هي رسالتي لكم جميعًا: حان الوقت الآن لمطابقة كلماتنا بالأفعال. إن تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان هو أمر يمكننا القيام به بشكل جماعي في الجمعية العامة للأمم المتحدة". *اشادة بالوساطة التركية من جهة أخرى، أشادت وكيلة أمين عام الأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو، امس، بتركيا لاستضافتها محادثات سلام بين روسيا وأوكرانيا، وحذرت من أن إطالة أمد الحرب ستضعف المؤسسات العالمية المكرسة للحفاظ على السلم والأمن الدوليين. جاء ذلك في جلسة لمجلس الأمن الدولي في مقر الأمم المتحدة بنيويورك حول أوكرانيا ومناقشة "الأدلة المتزايدة على ارتكاب جرائم حرب" في مدينة بوتشا الأوكرانية، بحسب مراسل الأناضول. ومنذ 24 فبراير الماضي، تشن روسيا هجوما عسكريا في جارتها أوكرانيا، ما خلف أزمة إنسانية وردود فعل دولية غاضبة. وقالت ديكارلو، الثلاثاء، إن "الحرب تدمر أوكرانيا الآن وتهدد مستقبلها أيضا.. وأضرت بالبنية الأمنية لأوروبا". وحذرت من أنه "كلما طال أمد الحرب زاد خطر إضعافها للمؤسسات والآليات العالمية المكرسة للحفاظ على السلم والأمن الدوليين". وأكدت أن "الحالة الأمنية في أوكرانيا تدهورت بشكل خطير، منذ أن قدمت لكم آخر إحاطة لهذا المجلس في 17 مارس (آذار) الماضي". وأوضحت أن "حالة الرعب تعمقت نهاية الأسبوع الماضي مع ظهور صور مروعة لقتلى مدنيين، بعضهم مقيد الأيدي وممددون في شوارع مدينة بوتشا قرب (العاصمة) كييف". وأضافت أن "هذه البلدة كانت تحت سيطرة القوات الروسية، وعثر على جثث عديدة في مقبرة جماعية بالمنطقة نفسها". وتابعت: "هناك تقارير لمنظمات غير حكومية ووسائل إعلام أفادت بعمليات إعدام بإجراءات موجزة بحق مدنيين واغتصاب ونهب في (مدن) تشيرنيهيف وخاركيف وكييف". وقالت المسؤولة الأممية: "بعيدا عن المعارك، استمرت الجهود الدبلوماسية لإنهاء هذه الحرب، ومنها عقد محادثات مباشرة بين الممثلين الأوكرانيين والروسيين". وأردفت: "ونحن نثني على حكومة تركيا لاستضافتها هذه المناقشات للمساعدة في إحلال السلام". وشددت على أهمية "حماية وتأمين جميع المواقع النووية في أوكرانيا بشكل كامل، وأن تتجنب العمليات العسكرية هذه المواقع". وأعربت ديكارلو عن "القلق الشديد إزاء الاستخدام المستمر للأسلحة المتفجرة في أو بالقرب من المناطق المأهولة بالسكان". وأفادت بأن "المفوضية السامية لحقوق الإنسان تلقت مزاعم موثوقة بأن القوات الروسية استخدمت الذخائر العنقودية في مناطق مأهولة 24 مرة على الأقل". وتابعت: "نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير المتعلقة بحالات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري للأشخاص الذين رفعوا أصواتهم ضد الغزو الروسي". ودعت إلى "الإفراج الفوري عن جميع من تم احتجازهم تعسفيا، وبينهم الصحفيون والمسؤولون المحليون ونشطاء المجتمع المدني". وأعربت كذلك عن "القلق بشأن مقاطع الفيديو المزعجة التي تصور إساءة معاملة أسرى الحرب من الجانبين".