
المستشار السابق بالبنتاغون والـ CIA لـ الشرق: مفاوضات الدوحة الأخيرة الأقرب لتحقيق السلام في أفغانستان
Al Sharq
قال ميلفن آلان غودمان، المسؤول السابق بوكالة الاستخبارات المركزية CIA بملف مكافحة الإرهاب، والخبير الأكاديمي المخضرم بمركز السياسة الدولية بواشنطن، والمستشار السابق
قال ميلفن آلان غودمان، المسؤول السابق بوكالة الاستخبارات المركزية CIA بملف مكافحة الإرهاب، والخبير الأكاديمي المخضرم بمركز السياسة الدولية بواشنطن، والمستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية وكلية الحرب الوطنية بالبنتاغون، إن الجولة الجديدة من مفاوضات الدوحة وما أعقبها من تحركات ونشاط دبلوماسي لها دلالات بها الكثير من الأهمية، خاصة مع التمثيل الدبلوماسي رفيع المستوى والمشهد على أرض الواقع والحاجة السريعة والماسة لحسم وتسوية الخلافات. واعتبر أن استئناف مفاوضات الدوحة الأعلى مستوى يجعلها الأكثر قرباً من إمكانية تحقيق عملية سلام، والانخراط في إستراتيجية سلام شاملة تنتقل من المقترحات حول الإفراج عن المعتقلين ونظام الحكم والهوية والحقائب الوزارية، إلى رؤية أكثر شمولاً لمستقبل أفغانستان ما بعد انسحاب القوات الأمريكية. وأكد في حديثه لـ الشرق على إدراك الإدارات الأمريكية المتعاقبة لأخطائها وفشل الأجندات المتناقضة التي لم يكن معها سبيل سوى ضرورة سحب القوات الحتمية من أجل أن يكون التفاوض منتجاً بين الأطراف الأفغانية بتحقيق التسوية السياسية والتي كانت غير ممكنة باستمرار التواجد العسكري الأمريكي، واستعرض أيضاً عددا من الملامح المهمة للداخل الأفغاني وطبيعته المتغيرة ومركزية الإدارة وأسباب تزايد الأنشطة العسكرية، مبدياً تفاؤله بمفاوضات الدوحة وأهميتها في تحقيق نتائج مهمة في الفترة المقبلة. ◄ مباحثات على أعلى مستوى وقال ميلفن آلان غودمان، المسؤول السابق بوكالة الاستخبارات المركزية CIA بملف مكافحة الإرهاب: إن أجندة مباحثات الجولة الجديدة في استئناف مفاوضات الدوحة أبدت مؤشرات مهمة من بينها ما له أوجه دبلوماسية وسياسية وأوجه عسكرية أيضاً، وما يختلف في جولة المفاوضات الجديدة هي كونها في المستوى الأعلى لها مقارنة بمفاوضات العشرة أشهر الماضية، وذلك بحضور وفود رفيعة المستوى بكامل الصلاحيات وشخصيات بارزة، وأيضاً الرغبة في الحسم وبداية عملية السلام. ومن الممكن البناء على مخرجات الأيام الأخيرة على أنها وضعت بالفعل لبنة لعملية السلام المنتظرة في المشهد الأفغاني، مشيرا إلى تحرك المبعوث الأمريكي الخاص لتحقيق السلام في أفغانستان زلماي خليل زاد والذي يستمر في مهام منصبه منذ إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب عطفاً على ما قدمه من جهود ملموسة حققت نتائج متميزة في الدوحة في اتفاق انسحاب القوات الأمريكية الذي تم توقيعه بين واشنطن وطالبان في اتفاق 29 فبراير التاريخي. وأضاف أن مناقشات الدوحة الأخيرة شملت أجندة عمل دفعت زلماي خليل زاد لينطلق من قطر إلى أفغانستان للقاء مصادر عسكرية رفيعة وعرض الصيغ المقترحة للسلام وبحث سبل تحقيق التسوية السياسية في خضم اللحظة التاريخية التي تفرضها المرحلة الجارية، كما أنه في الوقت ذاته ينقل موقف إدارة الرئيس بايدن الداعمة لمجرى التفاوض في قطر ورغبة أمريكا التي تركت مسألة الحكومة الأفغانية الجديدة لطرفي التفاوض، كما حرص خليل زاد على التواصل مع دول الجوار مثل باكستان لطمأنة المخاوف المتصاعدة جراء أعمال العنف من جهة، وإعطاء دفعة توسط في مستوى العلاقات الذي تأثر كثيراً بين أفغانستان وباكستان في الأشهر الأخيرة. ◄ الإرادة الأفغانية وأوضح ميلفن آلان غودمان أن تحقيق السلام في أفغانستان وإنهاء عقود الحرب الأهلية هو السبيل لتحقيق الإرادة الحقيقية للأفغانيين في حكم بلادهم والتي كانت تاريخياً مطمعاً وموطئاً للغزاة من جهات عديدة سواء من الإمبراطوريات الفارسية والبريطانية والمنغولية والإسكندرانية وحتى في التاريخ الحديث، فالاتحاد السوفيتي تمكن من السيطرة على أفغانستان ونجحت مقاومة طالبان بدعم أمريكي، ثم قامت أمريكا بإزاحة طالبان من السلطة في 2001 عقب أحداث سبتمبر وغرقت في أطول حرب أمريكية منذ ذلك الحين، وبعد رحيل القوات العسكرية الأمريكية مؤخراً لا ينبغي أن يعيش الأفغانيون في نفس حالة المستقبل المجهول والتشتت والفوضى التي فاض الكيل بها طوال العقود الماضية. وتابع "للأسف كان هناك الكثير من الأكاذيب والمغالطات التي صاحبت التوجهات الانتخابية السياسية للإدارات الأمريكية المتعاقبة في التأثير على المشهد الأفغاني، وبكل صراحة أساس التواجد الأمريكي في أفغانستان ليس فقط في تقويض هجمات القاعدة أو استهداف أسامة بن لادن وقتله، ولكن الهدف غير المعلن من التحركات الأمريكية في أفغانستان كان هو إرساء حكومة أفغانية بأطر متعاونة مع الإدارة الأمريكية، وكانت هناك أهداف للأسف تفوق الأهداف الاستخباراتية والأمنية التي كانت حاضرة، ولكنها في الواقع لم تكن لتبرر التواجد في أفغانستان كل هذه الأعوام، والاعتراف بهذه الحقائق والشروع في خطوة الانسحاب التي أعلن عنها منذ إدارة أوباما وتبنتها إدارة الرئيس ترامب بنجاح في مفاوضات تاريخية في الدوحة، واستكملتها إدارة بايدن بناء على ما تحقق من خلالها والتزمت بمضامينها من انسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو، ووضع حد لأطول حرب أمريكية، وأيضاً هناك مسؤولية أمريكية ودولية، ويجب أن تكثف واشنطن من دورها فيها من خلال تنشيط ودعم ودفع مجريات التفاوض في الدوحة للوصول إلى نتائج مهمة، خاصة أن مخرجات المفاوضات الأخيرة وتمثيلها الرسمي يوضحان أنها الأعلى مستوى والأكثر قرباً من إمكانية تحقيق عملية سلام. ◄ تجديد التعهدات ويؤكد ميلفن آلان غودمان الخبير الأكاديمي المخضرم بمركز السياسة الدولية بواشنطن: إنه بالفعل نجحت طالبان في السيطرة على مناطق عديدة انسحبت منها القوات الأمريكية، ولكن المهم إدراك فشل النظرة القاصرة بكون قيادات طالبان يماطلون في المفاوضات وغير عازمين على المضي قدماً في أهدافها، بل على العكس تماماً في تقديري فإن طالبان تبحث من خلال أنشطتها العسكرية الأخيرة إلى وضع في طاولة التفاوض يخولها من تحقيق غاياتها، فلا شك أن هناك رغبة في التعاون مع المجتمع الدولي وأن يكون للحكومة الجديدة علاقات متشابكة مع الجهات الدولية الفاعلة وهذا ما لمسناه في تحركات قادة طالبان في موسكو وغيرها من العواصم العالمية والإقليمية لطمأنة المخاوف العديدة من توسع سيطرة طالبان الأخيرة في الساحة الأفغانية، ودائماً ما يحرص قادة طالبان أيضاً على تأكيد التزامها بجزء رئيس من اتفاق الدوحة والخاص بعدم منح ملاذ آمن للقاعدة أو التنظيمات الإرهابية لشن هجمات من الخارج على الولايات المتحدة كجزء من الوفاء بتعهداتها إزاء ذلك، ومن الواضح أن ما يتحرك مؤخراً في المفاوضات ومخرجاتها الأخيرة والأنشطة الدبلوماسية الفرعية حولها، أن هناك بادرة لعملية سلام واتفاق من شأنه أن ينطلق من الفرعيات الخاصة بالإفراج عن المعتقلين وشكل وملامح نظام الحكم والحقائب الوزارية وقضايا المرأة وغير ذلك من التحديات العديدة، إلى إستراتيجية مهمة ينبغي أيضاً إدراك أن توفر أمريكا لطالبان ما تحتاجه على مائدة التفاوض عبر ممثليها الرسميين وعلاقاتها مع حكومة الجمهورية الأفغانية الإسلامية، وأيضاً إدراك الهوة الفارقة بين الكيانات الرسمية والمشهد في الواقع الأفغاني بديناميته المتغيرة والصعبة، ومدى هشاشة الدولة الأفغانية المؤسسية بعيداً عن العاصمة وأيضاً عدم قدرة العناصر الأمنية الأفغانية حتى بالمساعدة الأمريكية على تحقيق الغلبة العسكرية على مقاتلي طالبان، وكل تلك المشاهد تعزز الأجواء التي تذهب بنا إلى إستراتيجية محتملة سيتم طرحها في الدوحة لبدأ عملية سلام حقيقية وشاملة ومستدامة طال انتظارها في المشهد الأفغاني.More Related News