المجالس.. مدارس للعادات والتقاليد القطرية
Al Sharq
مع دخول شهر رمضان المبارك، عادت الحياة مرة أخرى إلى مجالس أهل قطر، تلك المجالس التي تعكس كرم الضيافة وفتح الأبواب للجميع من بعد صلاة التراويح وحتى قبل موعد السحور. وتعد
مع دخول شهر رمضان المبارك، عادت الحياة مرة أخرى إلى مجالس أهل قطر، تلك المجالس التي تعكس كرم الضيافة وفتح الأبواب للجميع من بعد صلاة التراويح وحتى قبل موعد السحور.
وتعد مجالس أهل قطر ملتقى يجتمع فيه الأقارب والأصدقاء للسمر وتبادل أطراف الحديث، كما تعتبر مدارس نشأت فيها الأجيال، وتعلمت منها وتناقلت العادات والتقاليد، وحافظت على الثقافة القطرية والهوية الوطنية. ولا شك في أن المجالس تراث تناقلته الأجيال وحافظت عليه، ولم يتنقل شكل المبنى فقط بل طبيعة أهله أيضا.. ففي المجلس يُنْصِت الصغير للكبير، ويتعلم الصغار كيفية دخول هذا الفضاء المهيب، والبدء بالسلام الذي يعد تنبيها لدخوله، ومن ثم يخرج "راعي المجلس" لاستقبال ضيفه بالترحيب الحار الذي يزيد السرور لدى كل وافد على المكان.. وبمرور العقود بات المجلس يمثل سمة أساسية في الحياة القطرية، نظرا لقربه من المنازل، وهو عبارة عن غرف منفصلة تسمح للزوار بالاجتماع بعيدا عن المساحات الأكثر خصوصية. ويعد تقديم القهوة العربية عادة أساسية في المجالس القطرية والخليجية، لاسيما أنها الطقس الأول الذي يقدم للضيف عند قدومه إلى المجلس.. وهناك العديد من العادات والتقاليد الأخرى التي لا يمكن تجاهلها خلال الوجود داخل هذا المكان "الاستثنائي" و"العربي الأصيل". وفي هذا السياق، أكد السيد صالح غريب، الباحث في التراث، خلال حديثة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، الدور الاجتماعي الكبير الذي تلعبه المجالس القطرية في حياة الأهالي والعائلات، موضحا أن المجالس مثلت منذ ظهورها على مر السنوات فضاء لالتقاء الأهل والأصدقاء والمعارف لمناقشة المواضيع الاجتماعية، أو قضايا الشأن العام في المنطقة التي توجد فيها المجالس، أو في عموم الدولة، حتى بات منبرا للنقاش والسجال وتلاقح الأفكار. ولفت غريب إلى أن التوافد على المجالس يزداد في شهر رمضان لطبيعة هذا الشهر الفضيل، وخصائصه الدينية والاجتماعية القائمة على زيادة التقارب والتآلف بين الناس، وللدور الكبير الذي ظلت تشكله عبر التاريخ في التقاء الأفراد لقراءة القرآن والسمر وتناول وجبة السحور الرمضانية المعروفة بـ"الغبقة"، مشددا على القيمة المضاعفة للمجالس قبل اكتشاف وسائل التواصل الحديثة، وخلال العقود الأخيرة. وأوضح أن المجالس ظلت منذ ظهورها فضاءات للتعلم ومصدرا للأخبار والنقاشات، لافتا إلى أنها تلعب دورا دينيا مهما خلال شهر رمضان من خلال قراءة القرآن على امتداد الشهر وختمه في نهايته. وأضاف الباحث في التراث أن التوافد عليها عادة ما يكون في الفترة الزمنية التي تلي نهاية صلوات التراويح وحتى ساعة متأخرة من الليل قبل السحور، موضحا أن هذه المجالس مفتوحة أمام جميع الفئات العمرية للمجتمع القطري، ولا يقتصر الحضور فيها على كبار السن، بل يشمل الصغار الذين يهرعون للنهل من تجارب الآباء والأجداد. وقال السيد صالح غريب، لـ/قنا/، إن أولياء الأمور يحرصون على اصطحاب أبنائهم للمجالس للتعلم من كبار السن آداب الجلوس والحديث وطرق المشاركة في النقاشات العامة والحفاظ على التراث والتقاليد القطرية، إلى جانب طرق "صب القهوة" التي تبدأ دائما من يمين إلى يسار مجموعة الجالسين.