
الشرق تناقش ظاهرة الإنتاج الأدبي النسوي
Al Sharq
كان للأديبة القطرية قصب السبق في إنتاج الأجناس الأدبية التي كانت وقت ظهورها جديدة على المشهد الأدبي، عندما تصدرت هذا المشهد الأختان شعاع ودلال خليفة بإنتاجهما الأدبي
كان للأديبة القطرية قصب السبق في إنتاج الأجناس الأدبية التي كانت وقت ظهورها جديدة على المشهد الأدبي، عندما تصدرت هذا المشهد الأختان شعاع ودلال خليفة بإنتاجهما الأدبي في الأعمال الروائية، مطلع عقد التسعينيات الماضي، وما أعقب هذه الخطوة من إنتاج وفير امتد من الرواية إلى الخواطر، إلى غير ذلك من أجناس أدبية، كان للمرأة فيه دور كبير، تعزز بمرور الوقت إلى أن وصل إلى الوقت الحالي. من هنا، تطرح الشرق عبر استطلاعها التالي مناقشة ظاهرة الإنتاج الأدبي النسوي على مائدة عدد من المبدعات، للوقوف على نوعية الإنتاج النسوي، ومقارنته بأدب الرجال، على خلفية هذه الظاهرة، بتنامي إبداعات المرأة القطرية، حيث تعزو الكاتبات هذا الصعود إلى عالم الإبداع إلى المستوى الثقافي الذي وصلت إليه المرأة القطرية، علاوة على الجوانب الاجتماعية، فضلاً عن مهاراتها في توظيف أدوات العصر وتقنياته بشكل جيد. تقول الكاتبة بدرية حمد إن المرأة القطرية تفوقت على الرجل في غزارة إنتاجها الأدبي منذ الثمانينيات وحتى وقتنا هذا، "وربما كان الإنتاج الأدبي للمرأة على الساحة الأدبية محدوداً في الثمانينيات بحكم القيود الاجتماعية التي كانت مفروضة عليها آنذاك، إلا أنه أصبح غزيراً بمرور السنوات خاصة في السنوات القليلة الماضية بحكم زيادة الاهتمام بأهمية تقديم الدعم المادي والمعنوي للكتاب الرجال والنساء على حد سواء من قبل المسؤولين عن الحراك الثقافي، سواء من الجهات الحكومية والرسمية أو عن طريق الاجتهادات الشخصية لبعض المهتمين بالثقافة والكتابة والنشر". وحول الجنس الأدبي الذي يستحوذ على إبداعات المرأة بشكل يفوق غيره. ترى أن "المرأة بدأت بشكل محدود في كتابة المقال والخواطر النثرية ثم القصة القصيرة لكنها لم تجرؤ على الدخول في عوالم كتابة الرواية، إلا في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات لتكون بذلك قد سبقت الرجل في هذا المجال، حيث نلاحظ أن الرجال يميلون لكتابة المقالات المتنوعة الأدبية والاجتماعية والسياسية بشكل أكبر من كتابة القصة والرواية، لكن ذلك لا يعني أن بعض الكتاب الرجال لا يميلون إلى هذا الجنس من الأدب، والذين فاجأونا بمهاراتهم العالية في كتابة الرواية بشكل أعمق. وقد يكون الرجل بدأ متأخراً عن المرأة، إلا أنه جاء قوياً ومؤثراً عند بعض الأقلام المتميزة". وتتابع: "إن المرأة بطبيعتها تميل إلى رصد التفاصيل وتهتم بتحليل المشاعر للشخصيات وقت حدوث الحدث، سواء كان التحليل مبنيا على ما تراه من ردود أفعال الشخصيات أو بناء على تصوراتها الخاصة المعتمدة على خيالها الخصب، لذا كان كتابة الرواية بالنسبة لها فضاء لا متناهٍ تشعر فيه بحريتها في السرد والوصف مستخدمة كل أسلحتها الخاصة في التعبير".معايير اجتماعية تقول الباحثة والناقدة كلثم عبدالرحمن: "إذا تأملنا في تاريخ الأدب يتبين لنا أن الحركة الأدبية تعكس أصوات أدباء وأديبات على حدّ سواء، وكل عصر يتميز بذوق مختلف عن العصر الآخر، كما أن كل عصر يتميز بصناعة تختلف عن غيره، فما كان مطلوبا في عصر من العصور قد يكون مستهجناً في غيره من العصور، ومن هنا كان الشعر صوتًا اجتماعيًا تميز به الأدباء أكثر من الأديبات ذلك أن طبيعة المجتمع الجاهلي والأموي وحتى وقت قريب كان ذا طبيعة يُسمع فيها صوت المرأة على استحياء وبكثير من التردد". وتتابع: "في قراءتنا للأدب القطري نستطيع أن نقدّر الإنتاج الإبداعي بالمعايير الاجتماعيّة أيضاً، فلو قارنا مجموع ما ينتجه الكتّاب وما تنتجه الكاتبات نجد ترجح كفّة الكاتبات، فما نسمعه اليوم من بروز دور المرأة القطرية في الإنتاج الأدبي صحيح، ومظنّ هذا هو الثقافة والحضور الاجتماعي والاتصال بالعالم الخارجي بشكل أكبر، بالإضافة إلى الأسباب النفسية في الشعور بالذات الذي تمخض عنه الإسهام في معالجة القضايا أدبياً، والرغبة في إثبات حريّة الرأي أدبياً والترويج لهذه الفكرة، فالكتابة الأدبيّة للمرأة بمثابة الفعل التأسيسي نحو ما تنشد إليه، فالأدب هو وطن الحريّة، ووطن العطاء لما هو مختزل ومسلوب في الواقع، ويمكننا إيجاز ذلك بأن الأدب هو مشروع الكينونة المستمرّة للمرأة القطريّة". وتلفت إلى أن اكتساح الرواية لمجال الإبداع، "لأنها بطبيعتها المرنة تنزع إلى إثبات الهويّة المطلقة ورسم ملامحها بمتشكلات عدّة، تضع فيه الكاتبة قيمها وغاياتها وما تطمح في إرسائه واقعياً في كثير من الأحيان مستند إلى قواعد المجتمع والدين، كما أن أدواتها المعرفيّة والثقافية ساهمت في التعبير عن انتمائها الفاعل بالنقد مرة والتجديد مرة أخرى".تحديات الحياة الكاتبة خولة مرتضوي تقول: "قد يبدو للوهلة الأولى أن الإنتاج الأدبي للمرأة القطرية يفوق إنتاج الرجال، وهذا زعم غير مكتمل الأركان، لأن تعداد النساء في التشكيل السكاني يفوق تعداد الرجال، وعليه فإن قاعدة التساوي التي يجب أن تُبنى عليها معايير التوق بالإنتاج العددي غير موجودة، ثم إذا افترضنا، جدلًا، أنَّ عدد النساء الكاتبات يساوي عدد الكتاب الرجال ممَّن يكتبون في المجال الأدبي، نجد أنَّ عملية التقييم، من حيث التفوق أو الإخفاق يجب ألا يُقاس أبدًا على زخَم الإنتاج وحده، بل على جودة الإنتاج كذلك". وتضيف أن الكتابة الأدبية جنس يستهوي المرأة بشكلٍ عام، "فالطبيعية الفطرية الشاعرية للمرأة تجعلها تلجأ للأدب فتبوح معبرة فيه، عبر مختلف الأجناس التعبيرية الأدبية، عما يختلج روحها وقلبها، وعمَّا تعتبره صعبًا في الإفصاح المباشر وسهلًا في التعبير المبطَّن في الكلمات. ووفقًا لذلك نجد أنَّ المرأة، مالت بشكل كبير وملحوظ إلى مجالي القصة والرواية واكتسح إنتاجها في هذين الصنفين الأدبيين في فضاء الفكر الإنساني الكلاسيكي والمعاصر". وتعرب عن اعتقادها بأن المرأة، على مختلف الظروف الحياتية التي وُلدت وعاشت فيها، حاولت من خلال منبرَيّ القصة والرواية أن تعيش حيوات جنب حياتها، لتطلّ منها على آفاق رحبة قد لا تكون حقيقة في واقعها المعاش. والملاحظ في هذا المجال، انشغال بنات جيلنا في إنتاج إصدارات متواترة تحت ما يُسمى بمفهوم (أدب المرأة)، وهو عبارة عن تلك المتون الأدبية التي تكتبها النساء أولًا وترتبط ارتباطًا وثيقًا بقضايا النساء والدفاع عن حقوقهن وتمكينهن في الحياة والمجتمع، وهذه الكتابات، على اختلاف جودتها اللغوية والفكرية والأبستمولوجية، تزخر بلغة مرهفة ومشاعر عميقة ونظرات دقيقة لجوانب الحياة وتحدياتها".فن الواقع الكاتبة عائشة الخليفي تعتبر أن النساء بطلات في الواقع وامتدت أمجادهن إلى صفحات الأعمال الأدبية، ونستذكر في هذا السياق "شهرزاد" في العمل الأدبي العظيم "ألف ليلة وليلة" والذي أعطى الجانب النسوي فيما بعد قلم التعبير على شكل رواية أو خواطر أو شعر. وتقول: إن "الإنتاج الأدبي النسوي يتميز بغزارة تفوق إنتاج أدب الرجال، لأن إبداع المرأة وُرث من رحم المعاناة والألم كونها في مجتمع شرقي ودائماً ما تُنظر إليها على أنها الطرف الأضعف في أي معادلة مهما تقدمت، مما مكنها من سرد الأحداث على عدة مستويات من الزمن والوعي". وتلفت إلى أنه ببزوغ الرواية القطرية عام ١٩٩٣ لأول رواية بعنوان "العبور إلى الحقيقة" للكاتبة شعاع خليفة، "نجد أن بدايات الرواية القطرية تشكلت بأقلام النساء". وفيما يتعلق بنوعية الجنس الأدبي النسائي الذي يفوق غيره من الأجناس الأدبية، ترى أن جنس الرواية الواقعية كبنية أدبية مرتبطة بالمجتمع وما يصحبه من صراع وتحديات، استحوذ على نصيب الأسد لدى القراء خاصة في المجتمعات العربية، بالتحديد الخليجية، والذي يتسم بتركيب الصور المعقدة المكتسبة من الواقع المبني والمليء بالكلمات مزدوجة الصياغة وتحويلها إلى عمل أدبي قادر على إبراز معاناة الإنسان وانكساره وشقائه، وسيطرة الكاتبة على طريقتها في تصوير الشخصيات والزمن والمكان وانصياع الكيان الإنساني لها، فوحدها الرواية تمتلك مساحة فنية واسعة للتجسيد والتعبير، وقد لا تكون هذه المساحة موجودة في الأجناس الأدبية الأخرى كالقصة القصيرة أو الشعر أو النص المسرحي. وتتابع: إن تحويل الواقع إلى فن يُكسبه جمال ويجعله مختلفا، ولديَّ تجارب مختلفة في هذا الصدد تتمثل في روايات "لغاية آخر نفس" و"غربة الروح" و"أماني مؤجلة" وجميعها تحاكي الواقع بصوت أنثوي". وترى أن جنس "أدب الفانتازيا" بتصميمه الغريب تفوق على نظرائه من الأجناس الأدبية الأخرى واستحوذ على اهتمام بالغ في السنوات القليلة الماضية، ويبرز الروائي أسامة المسلم، والذي يتربع على قمة هذا النوع من الأدب من خلال أعماله الأدبية التي جسدت بطولاتها "نساء" ومن أبرزها "ملحمة البحور السبعة" و"بساتين عربستان" ووصف النساء من خلال رواياته بالبطلات الخارقات.دعم المبدعات تؤكد الكاتبة زهرة اليوسف أن المرأه القطرية شهدت تطورًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة من خلال النشاطات الأدبية التي تعكس اهتماماتها الثقافية والأدبية لكونها قد حظيت بدعم متواصل في هذا المجال لاسيما من وزارة الثقافة والرياضة أو من الملتقى القطري للمؤلفين الذي يدعم الكتاب القطريين بأنشطة مستمرة على مدار العام. وتقول إن المرأة القطريه تختص بثقافتها المرنة المستوحاة من الثقافة الخليجية وغيرها وفي أغلب الأوقات تحاول المرأة القطرية طرح ومعالجة قضايا هامة ومواضيع تخص تكوين الشخصية الأسرية ومدى تأثيرها على المجتمع، لذلك يكون تعبيرها باستمرار عن القضايا التي تشكل عائقاً اجتماعياً، حيث تحاول المرأة القطرية معالجة تلك القضية أو العائق من خلال رواية أو إبداع خيالي تشكل فيه عملاً أدبياً متكاملاً وقد يكون تفوقها على الرجل هو معايشتها لتلك القضايا في الواقع أكثر من الرجل فتسجل موقفها من خلال تلك الكتابات الذي يكون متنفسا لها ولكثير من المشاكل المحيطة بها.More Related News