الشاعرة الدكتورة زكية مال الله لـ الشرق: دعم الكُتّاب يثري الواقع الثقافي بإبداعات متميزة
Al Sharq
تحفل مسيرة الشاعرة الدكتورة زكية مال الله العيسى بسيرة أدبية حافلة بالعطاء الأدبي الغزير، ما جعله عُرضة للترجمة إلى لغات عالمية، وموضعاً في الوقت ذاته، للعديد من
تحفل مسيرة الشاعرة الدكتورة زكية مال الله العيسى بسيرة أدبية حافلة بالعطاء الأدبي الغزير، ما جعله عُرضة للترجمة إلى لغات عالمية، وموضعاً في الوقت ذاته، للعديد من الدراسات والأبحاث الأكاديمية، ما يجعلها موسوعة يحق للمشهد الثقافي القطري أن يفتخر بها وبرصيدها الإبداعي. من هنا، كان لقاء الشرق بالدكتورة زكية مال الله، والتي تعد أول شاعرة قطرية تصدر ديوانًا شعريًا، ما يعكس بدوره مدى الاهتمام الذي تحظى به المرأة القطرية، وإسهاماتها الثقافية، خلاف مجالات أخرى عديدة. ولم يتوقف إنتاجها عند قرض القصيدة، بل أبدعت في أنواع أدبية وفنية أخرى، كان لها فيها نصيب من الاحتراف والهواية. هذه المحاور وغيرها ، كانت مرتكزاً للعديد من التساؤلات التي أجابت عنها الدكتورة زكية مال الله، بالإضافة إلى التوقف عند إطلاقة المشهد الثقافي المحلي، وما يواجهه من تحديات، وذلك على نحو ما ورد في سياق الحوار التالي: ◄ برأيكِ، ما التطور الفكري والأدبي الذي ترصدينه بين صدور ديوانك الأول «في معبد الأشواق»، عام 1985 ، وبين صدور ديوانك الأخير»وردة لا تذبل» ، الصادر عام 2021؟ ► ديواني «في معبد الأشواق»، كان النطفة التي تخلقت منها دواويني الشعرية التالية على مدى 36 عاما. هناك تطور في الكلمة (الفكر المعنى)، والرؤية ، والاستلهام للمواقف والأحداث والشخوص وسبر للأعماق والتفاصيل اليومية والمشاعر الذاتية وإبحار عبر مواسم وفصول وطقوس كي أصل إلى مرافئ شعرية أكثر جذباً للقارئ وواقعية وشفافية وارتقاءً بالمعاني والكلمات، وتدرجت عبر هذه المرحل من الشعر العمودي إلى التفعيلة والحر وقصيدة النثر والحوارية والسرد والمباشرة والترميز سعياً للوصول إلى أساليب متميزة وموسومة بالتجديد والابتكار.مرآة الذات◄ يلاحظ القارئ في ديوانك «من دونك يا أمي» جنوحا إلى البوح الأنثوي والعشق الصوفي، فما سر الربط بين هذه الثنائية التي قد تبدو في كثير من أعمالكِ؟ ► هناك سمتان متآلفتان في ذاتي الشاعرة، هما: الأنثى والجنوح إلى المحبة الإلهية التي تتجلى في أعمالي الشعرية، وتنعكس بالهالة الصوفية كما يسميها المتلقي. الشعر هو مرآة الذات والصفحات البيضاء التي يخط عليها القلم مكنون الأحاسيس والمشاعر الخاصة الخافية، لذلك فقصائدي هى بوح وترميز للأنثى الكامنة فيَّ والمحبة الأعظم التي تستأثر بخيالي وتسكن لها نفسي، وهى محبة الله التي هى أصل كل إبداع.◄ طرقتِ في إبداعك العديد من مجالات الشعر المختلفة، ما بين المسرحية الشعرية والملحمة الشعرية، والرواية الشعرية، فما سر هذه الخلطة التي ميزت أسلوبك الشعري، بما جعلكِ تبهرين المتلقي بأنواع شعرية مختلفة؟ ► لأنني دومًا أجنح نحو التجديد والتطوير لذلك ارتأيت الخروج من حوش القصيدة المباشرة إلى فضاءات شعرية أخرى متعددة ورحبة، فالكلمة الشعرية ليس بالضرورة أن تكون في شكل قصيدة، إذ هناك أشكال ربما تستأثر بإبهار القارئ أكثر وتستحوذ على مواقع الإعجاب لديه وبإمكانها أن توثق وتؤرخ للأحداث والرؤى مثل القصيدة، وتضمن للقلم إبداعاً متميزاً وحضوراً لافتاً.الهروب للطبيعة◄ يُلاحظ في أعمالك أيضاً ما يمكن وصفه هروب إلى الطبيعة من الناس، فكيف أفادتكِ الطبيعة في توظيف مفرداتكِ الشعرية؟ ► الطبيعة هى الأم الحنون التي أفر إليها منذ نشأتي من كل ما يضج حولي وفي داخلي البحر، والسماء، والأرض، والمطر، والشمس، والطيور، والعشب، والنخيل، ومفردات أخرى كثيرة تجدها في أغلب قصائدي وكتاباتي النثرية، فأنا أحتاج دائماً إلى التوحد مع أصل المخيلة ورحابة الفضاء الذي تتمدد فيه أواصر الابتداع ويشع وميض الدفق اللامحدود والابتعاد عن الضجيج والتوتر، الذي يفرزه الاحتكاك بالبشر والالتحام بالواقع الحيوي، واستفدت من الطبيعة لإثراء مفرداتي الشعرية وتخصيب الخيال في كل حين وآن.◄ مع تنوع أسلوبكِ الشعري، يبدو معه تنوع في اهتماماتكِ في الفنون البصرية، فكيف يمكن للمبدع أن يوازن بين ما يجنح إليه خياله، وبين ممارسته لهواياته؟ ► التنوع في الاهتمام بأكثر من فن هو فعل ينبع من الاحتفاء بمواهبي الفنية، فأنا أرسم وأخط وألون وأطرز المشغولات اليدوية، وأصور وأصمم الأزياء والديكورات المنزلية، وهذه الهوايات لا تتعارض مع المواهب الشعرية، ولكنها تضيف النقوش على قوالب الكلمات وتزخرف القوارير التي تنضح بالمعاني وتوازن بين فيض الخيال لمسات الأصابع، حتى يبرز العمل حراً متميزاً وثرياً بزخم النفس وروعة الانجاز والإبداع.مخزون فكري◄ كما كان حرصكِ على إثراء المكتبة الأدبية بالعديد من ألوان الطيف الأدبي، كانت لكِ ثمة مصنفات أخرى أثرت المكتبة الصحية، فضلاً عن المكتبة العلمية، فهل هذا يعني أن الأديب لا ينبغي له أن ينغلق على إبداعه، وأن عليه أن يواكبه باهتمامات أخرى؟ ► إذا كان الأديب ينتمي إلى تخصص آخر سوى الأدب والشعر، ويمتلك القدرة على استثمار علومه وخبراته في مجال تخصصه ، فإن عليه أن يشرع أبواب ذاته ومخزون فكره، وينطلق في إبراز ما يحتويه وعاءه من علم وفكر من شأنه أن يخدم المجتمع، ويثري المكتبة الإنسانية بما تجود به مواهبه. ولذلك، حرصت على أن يكون لدىَّ إصدارات علمية في مجال تخصصي الصيدلة والأعشاب والعلوم الطبية ، وسعيت للحصول على تخصص علمي جديد وهو التغذية الصحية، وأصدرت فيه كتابين، وذلك للعلاقة الحميمة بين الدواء والغذاء وأهميتهما لسلامة وصحة الإنسان، والعلم غذاء للعقل والشعر ارتواء للنفس، وبهما يكتمل جمال الروح.◄ في ظل اهتمامكِ بالقراءة، برأيكِ كيف يمكن إعداد جيل قطري يتطلع إلى القراءة، ويسهم في إثراء واقعه الثقافي؟ ► القراءة تبدأ منذ مرحلة الطفولة وهذه مهمة المدرسة والأسرة بالمنزل، ولابد من إدراج منظومة الحث على القراءة في المناهج المدرسية وتعليم الطلبة كيفية القراءة المثمرة، وإبراز وسيلة تنميتها والبحث في سبل الوصول إلى الكتب بطريقة سهلة ، والتعريف بأن القراءة تشمل الكتب ووسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت، والأجهزة التي تختصر الطرق للوصول إلى منابع المعلومات، وكذلك تشجيع الكُتّاب والمؤلفين على إصدار الكتب ودعمهم المادي والمعنوي، سعياً لإثراء الواقع الثقافي بالإبداعات المتميزة التي تشجع الجيل الجديد على البحث عن الكتاب وترسيخ وجوده في مكتبة البيت.تحديات ثقافية◄ وبرأيكِ، ما هى التحديات التي تواجه المشهد الثقافي المحلي، والتي يمكن أن تضاف إلى تدني نسب القراءة؟ ► المشهد الثقافي المحلي حالياً يشهد نمواً وتطويراً ملحوظاً مع إنشاء الملتقى القطري للمؤلفين، ودور النشر القطرية، ولكن هناك تحديات مثل ارتفاع أسعار الطباعة والنشر وأسعار الكتب وضعف وسائل الإعلام والترويج للكتب الجديدة، وكذلك عدم استحداث الوسائل والطرق الحديثة لاستقطاب القراءة في المقاهي والمكتبات العامة ومواجهة الزخم الإلكتروني الذي يستأثر بالقراءة ، وقلة الدعم المادي للمؤلفين والناشرين ، وأيضاً عدم استثمار الإرث الثقافي والفني لدى المبدعين القدامى من الشعراء والفنانين الكتاب القطريين، وتلقينه للجيل الجديد وشرحه وعرضه بالندوات والأمسيات والمعارض الدولية. ◄ أمام زخم المؤلفات الصادرة عن الجيل الصاعد، إلا أن هناك من يراها تفتقر للعديد من المقومات الأدبية، فكيف يمكن تصويب ما يعتريها من خلل؟ ►الإبداع ساحة مفتوحة للجميع، ولكل كاتب الحرية التامة للطباعة والنشر، ولكن هناك محطات من المفترض أنها تستوقف المؤلف لمراجعة الكتاب وصلاحيته للطباعة والنشر مثل الجهات الرقابية المخولة بذلك، وكذلك إقامة ندوات لمناقشة الكتاب وتقييم وشرح محتواه بواسطة مختصين ونقاد للتوجيه والتقويم وإفادة المؤلف بالملاحظات والاقتراحات التي تحفزه للأمام وترتقي بالإصدار نحو الأفضل.◄ وما هى «الوصفة الأدبية» التي يمكن تقديمها للجيل الناشئ من المبدعين؟ ►الوصفة الأدبية للشباب تكمن في ضرورة تنمية الشغف بقراءة الكتب المفيدة ، وتخصيب الخيال والفكر بالمعلومات القيمة وإثراء المفردة الكتابية بالكلمات والمعاني الهادفة والرؤى المتجددة، وكذلك التنوع في مصادر الثقافة مثل الكتب والمجلات والصحف ووسائل الاتصال الاجتماعي وبرامج الإذاعة والتلفزيون والأسفار والرحلات . ومن المهم، حضور المعارض الدولية للكتاب داخل وخارج قطر، والتواصل مع الكتاب والفنانين والمثقفين وزيارة المكتبات الوطنية، وتلقين الأبناء والأحفاد أهمية الثقافة للإنسان وفاعليتها في تطوير المجتمع، ومواكبة النمو الاقتصادي والحضاري برعاية المثقفين والعلماء والمفكرين وتحفيز الفنون والآداب. أهمية الترجمةMore Related News