الحروب الصليبية تدفع الفقهاء لتحريم "الجبن الرومي" والبابوات لحظر تجارة المسلمين.. مناهضة التطبيع الاقتصادي مع الخصوم
Al Jazeera
يرصد هذا المقال ظاهرة المقاطعة الاقتصادية للخصوم عبر التاريخ؛ فيتوقف عند أبرز وقائع اعتمادها أداةً سلمية للتأثير السياسي على الأنظمة الحاكمة وسلاحا فعّالا في كسب الحروب، وإسهام علماء الدين في توظيفها.
قال الإمام القرافي المالكي (ت 684هـ/1285م) في ’الذخيرة’: "صنّف الطرطوشي (المالكي ت 520هـ/1126م).. في تحريم جبن الروم كتابا، وهو الذي عليه المحقِّقون؛ فلا ينبغي لمسلم أن يشتري من حانوت فيها شيء منه لأنه يُنجِّس الميزانَ والبائعَ والآنيةَ". ولن يكتمل فهمُ الدافعِ للجزم بتحريم هذا النوع من السلع إلا إذا استحضرنا أن هذا الموقف الشرعي -في مبتدئه ومنتهاه- الذي اتخذه هذا الإمام العظيم جاء في سياق عصره الذي خيمت عليه أجواء الحروب الصليبية الساخنة والباردة، وتداعيات صراعاتها المريرة التي دامت قرونا في مركز العالم الإسلامي، حيث عاش الطرطوشي نصف حياته بين الشام ومصر. إن قصة تحريم "الجبن الرومي" هذه تعود جذورها إلى أيام الإمام مالك بن أنس (ت 179هـ/796م) الذي تردد في الإفتاء بحرمته؛ ففي ’البيان والتحصيل’ لابن رشد الجد المالكي (ت 520هـ/1126م) أن مالكاً سُئل "عن جبن الروم الذي يوجد في بيوتهم، [فـ]ـقال: ما أحب أن أحرِّم حلالا، وأما أن يكرهه رجل في خاصة نفسه فلا بأس بذلك، وأما أن أحرّمه على الناس فلا أدري"!!More Related News