
الباحث والخبير الأمريكي باري تاوسوند لـ الشرق: لهذه الأسباب ستعود طالبان لمائدة المفاوضات
Al Sharq
أكد باري تاوسوند خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية والسياسة الدولية والزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد، أن هناك أسباباً عديدة تدفع
أكد باري تاوسوند خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية والسياسة الدولية والزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد، أن هناك أسباباً عديدة تدفع طالبان للعودة لمائدة التفاوض في الدوحة التي يتزايد دورها في خضم التحديات والمعطيات الجديدة في المشهد الأفغاني، مؤكداً أن السياسة لم تنته بعد، بل كانت حاضرة حتى في الانتصارات العسكرية ذاتها والتي تم كثير منها عبر الدهاء السياسي والاتفاقات القبلية بأكثر مما تم عبر التفوق النوعي والتسليحي للحركة، وأشار إلى أن مهمة طالبان ليست باليسيرة في حكم البلاد الأفغانية وهناك نافذة وقت خلال الشهر الجاري لتبيان الملامح الجديدة واستخراج الرسائل المستقبلية من ضوء أفعال الحركة التي تخضع لرقابة دولية وإعلامية مكثفة وخاصة بداخل العاصمة كابول عطفاً على سيناريوهات الأيام الأخيرة، كما أكد في الوقت ذاته أن حركة طالبان تغيرت كثيراً عما كانت عليه قبل عشرين عاماً وكذا الشعب الأفغاني الذي بات أكثر تعليماً وتثقيفا وخاصة في ملف المرأة، كما أكد أيضاً أن خطوة تجميد الحكومة الأمريكية لاحتياطي الحكومة الأفغانية كان متوقعاً تماماً مثل التوقعات برهن المساعدات الدولية بما يتم تحقيقه من تقدم ملموس بشأن التسوية السياسية في الدوحة، مؤكداً أن كل تلك المؤشرات تدفع طالبان لمواصلة الانخراط السياسي والتفاوضي من أجل استثمار مكاسبها العسكرية. ◄ نسخة جديدة لطالبان يقول باري تاوسوند خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية والسياسة الدولية والزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد: إن المخاوف وتزايدها عموماً يجب أن يرتبط بالواقع لا باستحضار سيناريوهات الماضي، فحركة طالبان في النسخة الثانية من توليها زمام الأمور في المشهد الأفغاني تبدو أكثر استنارة كما أن الحركة تغيرت كثيراً فيما يتعلق بانخراطها الدولي أو ممارستها السياسية، ربما لم يتوقف كثيرون أمام الخطوة التي قامت بها حركة طالبان في العام الماضي بتوقيعها لاتفاقية مع اليونيسف خاصة بآلاف المدارس، وهناك نقاشات عموماً دائرة على مستوى القادة داخل الحركة ذاتها بشأن موازنة المعايير في تقديم تنازلات عديدة فيما يتعلق بصراعات الأيدلوجية والهوية في مقابل أمن وسلامة الشعب الأفغاني ذاته والذي تغير هو الآخر أيضاً على مدار العشرين عاماً الماضية، فالشعب الأفغاني بات أكثر تثقيفا وتعليما بكل تأكيد ومكوناته بات بها طبقة وسطى والكثير من الفتيات والسيدات أصبحوا أكثر ثقافة وتعليماً أيضاً وبدى الأفغانيون أكثر اتصالاً وانخراطاً مع العالم وذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية ما غيَّر كثيرا من المعادلات التي كانت قائمة في تسعينيات القرن الماضي إبان توليها للسلطة، وعموماً حتى لا ترتفع التوقعات بأن الحركة باتت أكثر ليبرالية أو ما إلى ذلك، لكن الحركة باتت أكثر براغماتية في تغليب الأولويات وموازنة المعايير وعدم التمسك بتعنت عن صراع الهوية أمام تحقيق المكاسب السياسية، فالأفكار عموماً بعضها ما زال حاضراً وترصده تقارير الأمم المتحدة عن المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة طالبان من قبل وتقييد حرية تعليم الفتيات وذلك حتى في العام الماضي، ولكن بصفة عامة سيكون هناك الكثير من التنازلات على أرض الواقع في هذا الصدد، خاصة أن معطيات المشهد ما زالت كثيرة مع تركيز دولي وعالمي بمحطات ووكالات الأنباء الدولية على تطورات الأحداث في كابول ووجود آلاف القوات الأمريكية ما زالت لديها القدرة على التحرك حتى الآن إذا ما استدعت الأمور ذلك، ولكن القناعة الحقيقية بالرغم من وجود تخوفات مشروعة هو أننا أمام نسخة جديدة من حركة طالبان، ولكن هناك حاجة لنرى كيف تتطور الأوضاع في الشهر الجاري ومقارنتها بطبيعة الأوضاع خارج العاصمة لنرى ملامح ذلك. ◄ المنطق العسكري ويتابع تاوسوند تصريحاته موضحاً: عموماً المشهد في الواقع يجب أن تلقى عليه نظرة أكثر تفحصاً من معطياتها الخارجية، صحيح أن القوة العسكرية المسلحة لأفغانستان كانت سبباً في السيطرة على البلاد وكونها حركة مسلحة بالأساس، ولكن في أرض الواقع أغلب الولايات تم السيطرة عليها عبر اتفاقات بينها وبين الحركة، فهي انتصارات لا تعكس تفوق قدرات طالبان عسكرياً وامتلاكها لأسلحة متطورة أو ما إلى ذلك، ولكن لتفوق الحركة سياسياً بما تمتلكه من أدوات ويرجع ذلك لفشل الجيش الأفغاني وأيضاً لهشاشة بنية الدولة الأفغانية والتي تركزت سلطتها الحكومية في العاصمة وحدها. ◄ دور الدوحة ويؤكد باري تاوسوند الخبير بمجلس شيكاغو للعلاقات الدولية: إن الدوحة لديها دور كبير بكل تأكيد عموماً في عملية سحب القوات الأمريكية، واستفادت طالبان كثيراً من المباحثات التي خاضتها مع ممثلي الإدارة الأمريكية، فالأمر لا يتوقف عند الرئيس السابق دونالد ترامب والاتفاق التاريخي الخاص بسحب القوات الأمريكية، ولا حتى بقرار بايدن مواصلة الالتزام بمساعي المفاوضات في سحب القوات، ولكن الأمر يرجع بالأساس لعشر سنوات مضت منذ أن دشنت حركة طالبان مكاتبها في الدوحة في ظل إدارة الرئيس أوباما والتي كان جو بايدن نائباً للرئيس فيها، ومن بوابة الدوحة استطاعت حركة طالبان أن تتبنى قدرة على التفاوض وتوقيع المعاهدات التنموية ثم العسكرية واتفاقات السلام واكتسبت بكل تأكيد ممارسة سياسية وشرعية تفاوضية مهمة، ولكن الخيارات العسكرية بالنسبة للحركة كانت دائماً تسبقها لمائدة التفاوض التي تريد العودة إليها في ثوب السيطرة والانتصار حتى يكون لها المزايا التفاوضية مع المجتمع الدولي والجبهات المنخرطة. ◄ مهمة صعبة ويوضح باري تاوسوند: إن الأمور ليست كلها يسيرة بالنسبة لحركة طالبان لإحكام سيطرتها على البلاد الأفغانية، فعليهم البقاء على ولائهم وتعهداتهم تجاه المجموعات المتمركزة في الولايات كما كانت تفعل حكومة أفغانستان وفشلت فيه على مدار العشرين عاماً الماضية، وهي مهمة ليست سهلة في مقابل وجود انقسامات بداخل الحركة ذاتها، فهناك الجبهة الدبلوماسية الرسمية والمنخرطة في مباحثات الدوحة وكان لها دور كبير للغاية في تحقيق العديد من المكاسب على صعيد شرعية الحركة وكانت بعثتها التفاوضية الرسمية التي تقدم الحركة أفكارها من خلالها أمام المفاوضين الأمريكيين والدوليين، مثل الملا عبد الغني برادر نائب زعيم تنظيم طالبان والذي عاد إلى ولاية قندهار ومن الممكن أن يصبح رئيساً أو مسؤولا رفيع المستوى وسيكون لديه الكثير من النفوذ، ولكن القادة العسكريين على أرض الواقع من الممكن أن ينظروا لأنفسهم كصانعي الحدث وهم من فازوا بالمعركة وسيكون لديهم أيضاً مطالبهم بمناصب وأماكن رئيسية وحيوية في السلطة، فبكل تأكيد مثلها مثل أي حركة غيرها من الحركات بل والأحزاب السياسية الكبيرة لديها في داخلها أجندات متغايرة وتوجهات مختلفة لأفرادها بمعادلة دائمة ما بين النفوذ والمخاوف والشكوك، فالمهمة لن تكون باليسيرة بكل تأكيد، وهو أيضاً ما يعيدنا للحاجة إلى التفاوض، وبالأساس يغلب على المعاهدات القبلية التي ربحت بها طالبان السيطرة على الولايات الأفغانية طابع الرشوة والمصالح المشتركة، فالسياسة لم تنتهِ في المشهد، والبقاء على تلك الضمانات والتعهدات ليس حتمياً، فالخيارات السياسية أمام طالبان والعودة لمفاوضات الدوحة بصورة إيجابية من منطلق سيطرتها لتحقيق المكاسب التي تتطلع إليها وتساعدها على الوفاء بتعهداتها وموازنة قواها في حكم البلاد الأفغانية، وخاصة بعض الخطوات التي كانت متوقعة بتجميد أمريكا لاحتياطي الحكومة الأفغانية، ورهن المساعدات الدولية والموقف الأممي في مجلس الأمن بما ستقدم عليه طالبان في المستقبل.More Related News