
الاستعلاء الناصري.. هكذا ساهمت سياسات عبد الناصر بانفصال مصر والسودان؟
Al Jazeera
مصر والسودان، علاقة متجذّرة، تتراوح تجاذباتها بين التحالفات والصراعات، إلا أن قصة مساعي الوحدة بين القُطرين، ومن ثم فشلها، شكلت محطّة فارقة بصفحات التاريخ.. حكاية سنوات الخداع من البداية بهذا التقرير.
لا تبدو العلاقة بين مصر والسودان علاقة عابرة، سواء على مستوى التاريخ المشترك، أو التداخل الجغرافي، بل يمتزج في تفاصيلها التاريخية علاقة ممتدة من الثبات والرسوخ ووحدة المصير، وعلاقة البحث عن الشريك والأخ والاتحاد معه، والأمان بوجوده، وطالما انتبه قادة أفذاذ عبر التاريخ إلى أهمية هذه العلاقة، فإذا كانت الحضارة المصرية القديمة لا تزال تشهد بهذه العظمة فإن السودان لم يغب عن هذه الحضارة، ولا تزال آثار مناطق شمال السودان وتشابهها الكبير مع حضارة مصر شاهدة على هذا التمازج والتأثر والتلاقح منذ آلاف السنين. الظاهر بيبرس، أدرك في القرن الثالث عشر الميلادي الأهمية الإستراتيجية والجيوسياسية للسودان واستطاع بعد سلسلة طويلة من الحروب أن يضم مملكة النوبة إلى مصر والتوغل في عمق السودان، وأدرك مثله محمد علي باشا في القرن التاسع عشر أن تأمين منابع النيل، والسيطرة على الذهب، لن يكون إلا بضم السودان، لكن ما بدأ بغرض استغلالي نفعي بحت في أول الأمر سرعان ما جعلته الأيام وحدة أبرزت ملامح الشخصية القومية المصرية والسودانية المتشابهة، فظل مليك مصر يُطلق عليه "ملك مصر والسودان" حتى في سنوات الاحتلال البريطاني. حين دخل البريطانيون محتلين مصر سنة 1882م وبعدما قاموا بإنفاذ قرار إلغاء الجيش المصري بمرسوم الخديو الضعيف والمتواطئ توفيق، عُين السير إيفلين دود قائدا عاما للجيش المصري في 16 يناير/كانون الثاني سنة 1883، وكانت السياسة البريطانية منذ اللحظة الأولى تدرك خطورة وحدة مصر والسودان على أهدافها الرامية إلى استغلال البلدين، ونشر التنصير في أفريقيا انطلاقا من السودان، لذا، فقد أمرت السلطات البريطانية الخديو توفيق بسحب آخر قائد مصري من السودان عبد القادر باشا حلمي واستبداله بالبريطاني هيكس الذي عُين رئيسا لأركان الجيش السوداني[1].More Related News