
الإبعاد أداة الاحتلال لتفريغ القدس من أبنائها
Al Sharq
بقلبٍ قَبَضه الحزنُ ونظرةِ وداعٍ أخيرة ألقاها على حيّ عين اللوزة في بلدة سلوان بالقدس المحتلة، خرج مراد العباسي -42 عامًا- من بيتِ طفولتِه إلى الضفة الغربية تاركًا
بقلبٍ قَبَضه الحزنُ ونظرةِ وداعٍ أخيرة ألقاها على حيّ عين اللوزة في بلدة سلوان بالقدس المحتلة، خرج مراد العباسي -42 عامًا- من بيتِ طفولتِه إلى الضفة الغربية تاركًا خلفه أسرته وأهله وأقاربه وذكريات حواري بلدته بقرار ظالم من سلطات الاحتلال الإسرائيلي حيث يدّعي أنه يشكل خطرًا على أمن الدولة، فيما يضع التفاصيل في ملفٍ سريّ. ويقول العباسي لـ الشرق: "الاحتلال يسعى لتفريغ القدس من ساكنيها وأهلها لأسباب واهية وبلا أسباب فيتخذ القرارات الظالمة بحقهم في حين يدعي أنه يضع التهم في ملف سريّ ولا يكشف عنها". ويضيف: "ها هو يبعدني عن بلدتي ومسقط رأسي ويعمل على تشتيتي ظانًّا أنني إن ابتعدت عن القدس سأنساها أو أنني سأستقر في أي مكانٍ آخر غيرها، هذا مستحيل فإنني عائد إليها لا محال، ولن يكون إبعادي للضفة الغربية إلا إبعادًا مؤقتًا ". ويؤكّد العباسي أن زوجته وأولاده الستةّ لن يتركوا القدس ويلحقوه لأنهم لن يقبلوا بتحقيق مراد المحتلّ بتفريغ القدس من أصحابها "لن يلحقونني لأنني عائد ولن أطيل البعد، يقيني بالله كبير وبعجز الاحتلال أيضًا كبير مهما تجبّر". ويروي العباسي لـ الشرق أن أهله وبيته لا يفارقون مخيلته، فمشهد أولاده وهم يقطفون ثمار الزيتون واللوز يحاصره، وكذلك رائحة زهور اللوز والبرتقال والياسمين في حديقة منزله، ونكهة القهوة المُرّة مع الأحبة تحت ضوء القمر، وعبق دخان فرن الطين الذي لطالما نضجت فيه أقراص الزعتر والجبن والبيض من صنعِ والدته. يُذكر أن مراد العباسي من مواليد القدس، وابن عائلة أصيلة في سلوان، لكن جده خرج من القدس في نهاية الستينيات إلى رام الله بضع سنوات. وفي عام 1967، عند احتلال القسم الشرقي من المدينة، أحصت سلطات الاحتلال من يسكنون في المدينة ومنحتهم هويات يُعتبرون بموجبها "مقيمين في القدس". عندما عاد جدُّ مراد إلى القدس، كانت عملية الإحصاء قد انتهت، فلم يحصل وأبناؤه على "الهوية المقدسية". وأوضح العباسي، أنه في عام 2001 تزوج من امرأة تحمل هوية القدس، وفي عام 2004 تم اعتقاله بسبب دخوله إلى القدس بدون تصريح، وعلى أثر ذلك تعرض للسجن الفعلي إضافة إلى قرار مع وقف التنفيذ. على أثر ذلك، سكن مراد عباسي في بلدة أبو ديس، وواصل التردد على مدينة القدس من خلال فتحات في الجدار الفاصل، كما عمل مديرًا للأمن في مستشفى المقاصد، ثم افتتح مكتب تاكسي خاصًا به في حي عين اللوزة، أحد أحياء سلوان. وأضاف أنه في عام 2015 حصل على "تصريح لم شمل" كونه متزوجٌا من امرأة مقدسية، وبموجبه يستطيع السكن في مدينة القدس، إلا أن سلطات الاحتلال جمدت تصريح لم الشمل الخاص به، ما دفعه إلى إغلاق المكتب لاستثمار ثمنه في تكاليف الدعوى التي حاول من خلالها تثبيت حقه في لم الشمل، لكن النهاية كانت عكس توقعاته، فقد خسر القضية. وبيّن العباسي، أنه بعد بيع مكتب التاكسي الخاص به عمل في مطعم في حي رأس العمود، فطلبت منه سلطات الاحتلال تقديم "ورقة مشغل" تثبت أنه يعمل بعيدًا عن حي عين اللوزة، وبعد تقديم هذا الإثبات، استدعت سلطات الاحتلال صاحب المطعم وأبلغته أنه لا يجوز تشغيل مراد عباسي لديه "لأنه يشكل خطرًا على أمن الدولة". يقول: "تركت العمل حتى لا أسبب لصاحب المطعم مشاكل، ومن ثم توجهت للعمل في مطعم آخر في سلوان، ولكن بعد خمسة أيام أعطتني المحكمة قرارًا بالإبعاد عن القدس". ولا ينوي العباسي الاستسلام لقرار إبعاده عن المدينة "هم يريدون مني الاستسلام، لكنني أصر على العودة إلى القدس".