الأدب الألماني ومعاناة التعسف السياسي
Al Sharq
لعل من أهم ما يلفت النظر في مسيرة الأدب العالمية أن الحراك السياسي والتوجه الإستراتيجي يؤثر بشكل كبير على عميلة بزوغ الأدب سواء بشكل إقليمي أو بشكل عالمي وهذا
لعل من أهم ما يلفت النظر في مسيرة الأدب العالمية أن الحراك السياسي والتوجه الإستراتيجي يؤثر بشكل كبير على عميلة بزوغ الأدب سواء بشكل إقليمي أو بشكل عالمي وهذا ما قد يجعلنا نميل الى أن التحيز السياسي في معظم الأحوال يكون هو الميزان الذي يرفع من قيمة أدب ما أو يحط من قدر نوعية أخرى من الأدب على أساس الجنسية أو العرق من ناحية ارتباط هذا العرق بتوجه سياسي معين حتى ولو كان الأديب ذاته غير خاضع لهذا النوع من التوجه، وهذا ما ينحو إليه ماثيو إنجليك مؤلف كتاب الأدب الألماني والتعسف السياسي وهو في الحقيقة كتاب طرح الأسبوع الماضي في المكتبات النمساوية في فيينا وكانت حفلة التوقيع في مربع متاحف ليوبولد الشهير ومن المتوقع أن يثير الكتاب ضجة إعلامية كبيرة بحكم أنه يتحدث بصراحة عن نظرية اختفاء الأدب الألماني من الساحة العالمية في الحقبة النازية وما بعدها حتى منتصف ستينيات القرن الماضي، ويتساءل هنا ماثيو أنجليك: هل تم حجب الأدب الألماني بشكل متعمد كجزء من حزمة العقوبات التي فرضت على ألمانيا بعد هزيمة الحرب العالمية الثاينة ؟ بل ويؤكد أنجليك أنه حتى ما سمح له بالظهور من الأدب الألماني وعبور الحدود هو أدب ألمانيا الغربية على اعتبار أن الجزء الشرقي من ألمانيا كان في معية العدو الأوحد للغرب في فترة الحرب الباردة، بل وبرر أنجليك رواج أعمال أديب أماني مثل توماس مان في هذه الفترة على أساس أن توماس مان كان معارضا قاسيا للفكر النازي بل كان أيضا يعامل بوصفه مواطنا سويسريا قد حصل على نوبل عام 1929. ان ما أظهره الغرب الأمبريالي من تعسف تجاه الأدب الألماني على حد تعبير أنجليك قد تعدى الكتاب الجدد في هذ الفترة بل لقد تم تهميش الأدباء العظماء مثل شيللر وجوته وغيرهم حتى أنه يذكر أن معارض الكتاب في أوروبا فيما بين عامي 1945 و1961 كانت تستبعد منها وبشكل مقصود كل أعمال الكتاب الألمان العظماء كما توقفت مشاركات ألمانيا في فعاليات المسرح والسينما الأوروبية في هذه الفترة بحجة تطهير الساحة من الفكر النازي. في المجمل يرى أنجليك أن الأدب الألماني تعرض للغبن مدة ثلاثين عاما كاملة كنوع من العقاب السياسي مما أثر على مسيرته العالمية بل ويجد أنجليك أن الأدب النمساوي أيضا لاقى نفس المصير لكن بصورة أقل.