ابتسامة طفل مقدسي تكسر القيد وتقهر المحتل
Al Sharq
لم يرهبه اعتقالهم ولا كثرة عددهم ولا أسلحتهم وقنابلهم، ولا حتى القيد الذي شدّوه على معصميه حتى تحبّس الدّم بهما وصارا أزْرقيْن، فليست تلك هي المرة الأولى التي يعتقل
لم يرهبه اعتقالهم ولا كثرة عددهم ولا أسلحتهم وقنابلهم، ولا حتى القيد الذي شدّوه على معصميه حتى تحبّس الدّم بهما وصارا أزْرقيْن، فليست تلك هي المرة الأولى التي يعتقل فيها الفتى محمد الفاخوري. كان محمدٌ -14 عاما- جالسا عند باب العامود أهم وأجمل أبواب مدينة القدس المحتلة، برفقة أبناء عمته الذين جاءوا لبيته لزيارتهم، حيث تزامن وجوده مع مسيرة الأعلام للمستوطنين الصهاينة، وهناك تمّ اعتقاله. يقول محمد لـ"الشرق": "اعتقلني عدد كبير من جنود الاحتلال وتجمعوا حولي وكأنني متهمٌ بجريمة عظيمة، ثم قيدوني بالمرابط البلاستيكية، لكنني قابلت ذلك بابتسامة كبيرة". ويضيف:" حينها طلبوا مني ألا أتفوّه بكلمة مع أبناء عمومتي الذين كانوا ينادون عليّ ويدعمونني ببعض كلمات التحدي، وحين رددت عليهم ببضع كلمات مفادها أنني سأكون بخير، شد الجندي الرباط حول معصمي بقوة ولفّ بذراعه على رقبتي وضغط بعنف، وضربني بركبته بقوة في معدتي التي أعاني من مشاكل فيها". كانت ابتسامة محمد طبيعية وعفوية، فكل من يعرفه يحب فيه ابتسامته التي لا تفارق وجهه وفق ما قالت والدته ريهام الفاخوري لـ"الشرق"، لكنه في هذه المرة حافظ عليها في أحلك الظروف. ويتابع محمد: "ناهيك عن أنني دائم الابتسام، فقد كنت أشعر أن من واجبي أن تظل ابتسامتي على وجهي، ففيها تحد وصمود كبير، وكنت على يقين أنها ابتسامة تقوي كل المقدسيين والفلسطينيين ممن حولي وهي التي تقهر المحتل في ذات الوقت، ولذلك التقطتها الكاميرات سريعا". ويكمل:" وبكل الأحوال فأنا لا أخاف من محتل سرق أرضي، بل هو من يخاف مني لأنه ليس صاحب الحق، ولولا أسلحتهم وعتادهم العسكري لما تجرأوا على لمس أي رجل فلسطين أو امرأة أو حتى طفل". ابتسامته التي التقطتها الكاميرات، سرعان ما شاهدتها والدته عبر شاشة التلفاز، لتقول: "كانت تنتابني كل مشاعر الألم والقلق، فهو ابني وفلذة كبدي ويؤلمني أن تخزه الشوكة فما البال ان وقع بين يدي محتلّ صهيوني حاقد؟ لقد كان موقفا صعبا عليّ، لكن رغم ذلك فقد كانت ابتسامته سببا في تهدئتي قليلا". *تهمة ملفّقة اقتيد محمد الى الزنزانة في مركز تحقيق المسكوبية، وبعد أن غفا قليلا لشدة التعب والارهاق، حيث اعتاد الاستيقاظ مبكرا والذهاب لمدرسته الساعة السادسة والنصف، بدأ السجان يطرق الباب بقوة الساعة الواحدة فجرا ويضيء الكشاف في عينيه من أجل اقتياده للتحقيق، ليكتشف أن تهمته الملفّقة هي أخذه لعلم من أعلام المستوطنين والقائه العلم في سلة القمامة. ثم بعد ذلك تم عرضه على ما يسمى بمحكمة الاحتلال ليتم النطق بالحكم، وكانت والدته ريهام حاضرة، تعلق: "لو تفوّهت بكلمة فان قوات شرطة الاحتلال ستخرجني من المحكمة لذلك فانني اكتفيت بابتسامتي الواسعة طوال الوقت، أردت أن أوصل رسائل كثيرة لمحمد من خلالها". وتقول: "أنا أمه وأعرف مدى تأثير ابتسامتي سيكون عليه، ستكون أبلغ تعبير، انها ابتسامة تشعره بثقتنا جميعا فيه، وثقتنا قبل ذلك كله بالله بأنه سيكون معه لأننا أصحاب الحق، وهذا ما تربينا عليه وربّينا عليه أولادنا". وتضيف:" حاول السجّان الذي يجاور محمد أن يمنعني من تلك الابتسامة لأنه يعرف مدى تأثيرها النفسي الايجابي على ابني، من خلال البحلقة بوجهي، وتلك أساليب لا تفوتنا أو تصعب علينا تفسيرها، فلم تهمني نظرته، بل قابلته بنفسِها وما تزال ابتسامتي على وجهي". وتتابع: "لكن ابني من دفع ضريبة ابتسامتي، حيث أخبرني حين خرج من السجن أنه وبمجرد خروجي من المحكمة قام السجان بضربه ضربا مبرحا لم يحتمله". *حبس منزلي خرج محمد بعد أن حكم بالسجن لأربعة أيام في سجن المسكوبية، ثم حبسا منزليا له ولوالدته مدة ثلاثة أيام فتكون والدته هي سجّانه. وكما اقتيد محمد للسجن مبتسما خرج منه مبتسما، فليست تلك هي المرة الاولى التي يعتقل فيها انما الثالثة، وكذلك من قبله أخوه صالح الذي اعتقل ثلاث مرات. تعلق على ذلك والدته بالقول:" اننا ندفع ضريبة سكننا في القدس وتحديدا منطقة العيسوية، فهي دائمة المواجهات مع جنود الاحتلال، وفيها المحتل مستمر في تلفيق التهم للصغار والكبار من أجل استفزاز المواطنين المقدسيين وترحيلهم وهذا ما لن يحدث أبدا". وتضيف:" أذكر قبل عدة سنوات كيف اعتقل الجيش الصهيوني ابني الأكبر وكان عمره 12 عاما فقط، وكيف لفّق له تهمة بكل بساطة". *عنصرية وعربدة وتتابع:" كنت خرجت من البيت لأشتري لهم ملابس العيد، وأغلفت الباب بالمفتاح على أطفالي ليصلني الخبر بعد 45 دقيقة فقط من خروجي أنهم اعتقلوا ابني صالح بتهمة "تطبيش" الحجارة على الاحتلال من فوق سطح المنزل، في حين انهم لا يملكون مفتاحا لاعتلاء السطح ولم يتمكنوا حتى من فتح الباب للجيش نفسه بسبب عدم امتلاكهم المفتاح". وتواصل:" انها مهزلة وعنصرية وظلم وعربدة، لكن كل هذا لن يغير ثباتنا وصمودنا وبقاءنا على أرضنا حتى تحرير القدس وكل فلسطين".More Related News