إلى أين تتجه المرحلة الجديدة في السودان؟
Al Sharq
عقب الاحداث المتسارعة التي شهدها السودان أول أمس، دخلت أغلب مناطق البلاد حالة شلل تام وسط تواصل الاحتجاجات رفضا لقرارات قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان،
عقب الاحداث المتسارعة التي شهدها السودان أول أمس، دخلت أغلب مناطق البلاد حالة شلل تام وسط تواصل الاحتجاجات رفضا لقرارات قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، التي وصفت بالانقلاب العسكري. وشملت هذه القرارات حل مجلسي السيادة والوزراء وفرض حالة الطوارئ في البلاد، إثر حملة اعتقالات واسعة طالت عددا من المسؤولين المدنيين في الحكومة والمجلس الانتقالي من بينهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في حين أكد البرهان أن هذه الخطوات ضرورية من أجل تصحيح مسار الثورة في البلاد، بعد أن وصلت الأوضاع إلى مرحلة خطيرة تهدد السودان. *شلل تام وعقب يوم واحد من قرارات البرهان التي أثارت موجة غضب واسع في السودان، نفذت 14 مدينة سودانية، عصيانا مدنيا شاملا، وسط تواصل احتجاجات آلاف السودانيين في عدة مناطق في البلاد. ونقلا عن موقع أخبار السودان، عمد المتظاهرون الى وضع متاريس في الطرق الرئيسية والفرعية وحرق الإطارات لمنع القوات الأمنية من تفريق الاحتجاجات التي ينظمونها داخل الأحياء، مع السماح لسيارات الاسعاف بالمرور. كما قررت السلطات السودانية تعليق جميع الرحلات من وإلى مطار العاصمة السودانية الخرطوم، حتى نهاية الشهر الحالي، بسبب الظروف التي تمر بها البلاد، وفقا لتصريحات مدير الطيران المدني السوداني لرويترز. وأفادت مراسلة قناة الغد من الخرطوم، بأن الأوضاع الميدانية في السودان، وخاصة العاصمة تشهد شبه شلل تام. وقالت المراسلة، إن شبكات الإنترنت ما زالت مقطوعة، وإن هناك حالة من الغليان في الشوارع، خاصة مع تنفيذ الكثيرين من المواطنين حالة من العصيان المدني، فالحياة متوقفة ما عدا التظاهرات فقط. وأشارت إلى إشعال المحتجين الإطارات وإغلاق الطرق، مع الانتشار الأمني المكثف، لافتة إلى أن الحديث عن أرقام القتلى في تزايد. وفي وقت سابق، تواصلت الاحتجاجات الليلية في السودان على الرغم من إعلان حالة الطوارئ في البلاد، وتأتي تلك المظاهرات في ضوء دعوات لإعلان عصيان مدني شامل دعت له قوى الحرية والتغيير. وفي غضون ذلك، قررت مجموعة الميثاق الوطني رفع الاعتصام الذي كان موجودا أمام القصر الرئاسي بالخرطوم، استجابة لإعلان حالة الطوارئ وقرارات البرهان. كما أعلن المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، تمسكه بإلغاء مسار شرق السودان المضمّن في اتفاقية جوبا للسلام وإقامة منبر تفاوضي خاص بقضية شرق السودان، وتكوين حكومة كفاءات وطنية وفقا للوثيقة الدستورية. *تصريحات وردود وفي ظل هذه الأحداث المتسارعة، تعهد قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بتحقيق انتقال سياسي وتشكيل حكومة كفاءات تمثل كل السودانيين، بينما جاء رد مكتب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك سريعا، حيث قال في بيان إن ادعاءات البرهان بحماية للثورة لن تنطلي على الشعب السوداني. وبخصوص تصريحات البرهان المتعلقة بحمدوك، التي أكد خلالها أنه سيتم اطلاق سراحه، وإنه موجود في بيته ويتمتع بصحة جيدة، مشيرا الى أنه لم يكن في وسعه العمل بحرية لأنه كان مقيدا من الناحية السياسية، طالب مكتب رئيس الوزراء في بيان على فيسبوك، بإخلاء سبيل حمدوك وجميع من معه فوراً. وقال البيان، إن الشعب سيحمي رئيس الوزراء، الذي قاد ثورة سلمية طويلة الأجل دون أن تراق قطرة دم واحدة. وكان البرهان، قد أشار أمس في مؤتمر صحفي الى أنه تم الاستحواذ على المرحلة الانتقالية من قبل مجموعة دون ان يتطرق الى تفاصيل أكثر، مضيفا أن ذلك أصبح مهددا لوحدة السودان. وقال إن الجيش قام بمعالجة بعض الأزمات عجزت عنها وأهملتها الحكومة، مشددا "اتخذنا هذا الموقف لإعادة البريق لثورة الشعب السوداني"، ومنع الفتنة والاحتقان. وأضاف "هدفنا رؤية حكومة انتقالية تقود البلاد وتفرّغ القوات المسلحة لمهامها بعيدا عن السياسة". وتحدث البرهان عن مبادرة حمدوك الاخيرة، مؤكدا انه دعمها قبل اختطافها من طرف "مجموعة صغيرة"، على حد تعبيره، متهما قوى الحرية والتغيير بالاستفراد بالمشهد السياسي في السودان، واقصاء القوات المسلحة. وفي يونيو الماضي أعلن حمدوك عن مبادرة حول الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال الديمقراطي من أجل توحيد مكونات الثورة والتغيير وتحقيق السلام الشامل والانتقال الديمقراطي وتوسيع قاعدته وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر "حرية، سلام، عدالة"، وفق ما صرح به آنذاك. *المرحلة الجديدة وفي أول مؤتمر صحفي له منذ الإجراءات الأخيرة، رسم البرهان ملامح المرحلة الانتقالية الجديدة، التي ألمح إلى أنها قد تمتد لعام ونصف العام، مشددا على عزم القوات المسلحة استكمال هياكل العدالة في أسبوع. وقال إن أبرز ملامح المرحلة الانتقالية المقبلة، ستكون تشكيل مؤسسات بينها مجلس للوزراء، ومجلس سيادة، إضافة إلى مجلس تشريعي، واستكمال هياكل العدالة، بما فيها المحكمة الدستورية ومجلسا القضاء العالي، والنيابة. وشدد على أن الحكومة المقبلة لن تشمل أي قوى سياسية، وستتشكل من كفاءات وطنية مستقلة، فيما قد يُسمح بانضمام شباب شاركوا في الثورة إلى المجلس التشريعي المرتقب. وأوضح البرهان أن المجلس السيادي الذي سيتشكل لن يتدخل في السياسة مع فتح الحكومة المقبلة أمام الأقاليم، بمعدل وزير لكل ولاية، لكن دون أن يضم أي قوى سياسية، على أن يشرك فيها كافة السودانيين، وهو توجيه سيعطى لرئيس الحكومة المقبل.