
إلى أين تتجه الأزمة في تونس؟
Al Sharq
مرّ أسبوع منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد، إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، وتجميد اختصاصات
مرّ أسبوع منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد، إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، وتجميد اختصاصات البرلمان لمدة 30 يوما، ورفع الحصانة عن النواب، بالاضافة الى إنهائه مهام عدد من أصحاب المناصب العليا وتعيين آخرين لتسيير شؤون البلاد، ودون الاعلان عن خريطة طريق المرحلة المقبلة في تونس ولا يزال المشهد السياسي يشهد نوعا من الضبابية، لاسيما انه لم يتم تكليف رئيس الحكومة بعد، وسط ترقب كبير من داخل وخارج البلاد. وكان الرئيس سعيّد، قد أوضح أنه اتخذ تلك القرارات الاستثنائية لإنقاذ الدولة، في حين انقسمت مواقف الكتل البرلمانية بين الرفض والتأييد. *مبادرة خفية دعت حركة النهضة، عقب اجتماع لمكتبها التنفيذي أمس، الرئيس قيس سعيد إلى تغليب المصلحة الوطنية والعودة لمقتضيات الشرعية الدستورية والتزام القانون وفسح المجال لحوار يلتزم الجميع بمخرجاته. وشددت الحركة في بيان، على ان الاستفراد بالحكم لن يكون مخرجا فعالا للأزمة، بل سيزيد في انتشار الفساد والمحسوبية والظلم. وجددت رفضها للإجراءات الاستثنائية، معتبرة أنها تشكل خرقا للدستور والقانون وفيها اعتداء صريح على مقتضيات الديمقراطية والحقوق الفردية والمدنية للشعب التونسي، وتورط مؤسسات الدولة في صراعات تعطلها عن القيام بواجبها في خدمة الوطن والمواطن. وأشارت الحركة في البيان، الى أن "تلك الإجراءات لا تمثل حلا للمشكلات المتراكمة بقدر ما تضيف مخاطر جديدة إلى معاناة الشعب التونسي، بضرب الاستقرار والأمن الاجتماعي والاقتصادي للشعب". كما عبرت عن التزامها بمواصلة النضال من أجل الدفاع عن مصالح الشعب التونسي، والعودة السريعة للعمل الطبيعي للمؤسسات، واستعدادها لتقديم كل التضحيات والتنازلات اللازمة في سبيل ذلك. ومن جهته، صرح القيادي بحركة النّهضة ووزير الصحة السابق عبد اللّطيف المكي، في مقابلة مع الأناضول، بأن الحركة بدأت نوعًا من المبادرة الخفية، وهناك تحرك باتجاه حوار وطني لتجاوز الوضع المتأزم. وشدد المكي على أن حركة النهضة لن تتأخر في أي جهود وطنية للخروج من الوضع الاستثنائي الراهن. ويرى القيادي بالنهضة، أن تبعات ما يحدث في تونس ستكون سلبية، معلّلا ذلك بأن التّدابير الاستثنائية وضعت البلاد في حالة غموض. *الحوار الوطني وفي مقال بصحيفة "نيويورك تايمز"، كتب راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة والبرلمان التونسي، "تونس كانت ديكتاتورية من قبل ولا يمكن أن تعود كما كانت". وعاد الغنوشي في مقاله، بالذاكرة الى احتجاجات الربيع العربي في تونس، وذكر أنها كانت سببا في إنهاء أكثر من 5 عقود من الديكتاتورية التي اتسمت بالفساد وقمع المعارضة والتخلف الاقتصادي، على حد تعبيره. وأوضح "ان الاضطرابات اليوم ليست بحثا عن الحرية، لكنها استياء من مسيرة التقدم الاقتصادي". وكتب الغنوشي، "حكم الفرد الواحد ليس الحل لمشكلات البلاد الاقتصادية، والديكتاتورية تؤدي دائما إلى زيادة الفساد والمحسوبية وانتهاك الحقوق الفردية وعدم المساواة". وانتقد زعيم حركة النهضة، القرارات الرئاسية الأخيرة، مشيرا الى أن المادة 80 تنص على أنه يجب استشارة رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب قبل اتخاذ تلك القرارات، وأن يكون البرلمان في حالة انعقاد مستمر للإشراف على تصرفات الرئيس خلال هذه المرحلة. وأعرب عن أمله في أن يشرع الرئيس سعيد في حوار وطني للخروج من الأزمة، واختتم مقاله، "لقد تجاوزت تونس مشكلاتها بالحوار الوطني في الماضي، ونحن قادرون على فعل ذلك مرة أخرى". *حرية التعبير من جانب آخر، أكد الرئيس سعيّد، خلال استقباله لصحفيين من "نيويورك تايمز"، أن حرية التعبير تبقى مضمونة وأنه لا مساس إطلاقا بالحريات في تونس. وقال الرئيس خلال اللقاء للوفد الصحفي، "أردت أن ألتقي بكم لتفنيد كل الشائعات التي تروج لها وسائل الإعلام"، مشددا على أن تونس وعلى الرغم من الأزمة التي تمر بها تعمل على ضمان الحقوق والحريات وأن ما أصدره من قرارات جاء بناء على دستور البلاد. وأضاف موجها رسالة للصحفيين، "إن وجدتم بعض الصعوبات في بعض المناطق أو الإدارات فهي ليست مقصودة لكنها إجراءات للحفاظ على سلامتكم وسلامة الدولة التونسية". وطالب الوفد الصحفي بأن يبلغ رسالته للشعب الأمريكي وكل شعوب العالم. ويأتي اللقاء، في أعقاب إخلاء سبيل مراسل "نيويورك تايمز" ماسينيسا الأكحل، بعد توقيفه حوالي ساعتين، في حي التضامن أكبر حي شعبي في محيط العاصمة التونسية. وشدد الرئيس سعيد على أن الإجراءات الأخيرة تهدف الى إعادة حقوق التونسيين المنهوبة، مضيفا، "إن العدالة لا بد أن تأخذ مجراها". وقال "أعلم جيدا النصوص الدستورية واحترامها ودرستها، ولن أتحول بعد هذه المدة كلها إلى ديكتاتور كما قال البعض". وتابع "لن أبدأ مرحلة جديدة في حياتي تقوم على الديكتاتورية التي أمقتها ولكن هؤلاء يتخفون وراء بعض اللصوص، ليمارسوا ديكتاتورية غير ظاهرة، هناك مئات المليارات التي تم نهبها من الشعب التونسي، فما تم القيام به بعد صبر طويل في ظل الدستور، ليس انقلابا وأكره الانقلابات، ولكني أكره في الوقت ذاته أن يتم ضرب تونس من الداخل”. * الدفاع عن الديمقراطية وفي السياق، وصف الرئيس سعيد، دعوة بعض القادة السياسيين في البلاد للنزول إلى الشارع، مخالف للدستور والإجراءات القانونية. وجاء تصريح الرئيس ردا على ما قاله رئيس البرلمان وحركة النهضة راشد الغنوشي، في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، إنه إن لم يكن هناك اتفاق بشأن الحكومة المقبلة، فإنه سيدعو الشارع للدفاع عن ديمقراطيته، وفرض رفع الأقفال عن البرلمان. وكان راشد الغنوشي رئيس البرلمان، قد دعا إلى حوار وطني في البلاد، في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية، مبديا استعداد حزبه لأي تنازلات من أجل إعادة الديمقراطية. لكنه نبه في الوقت نفسه إلى أنه إن لم يكن هناك اتفاق حول الحكومة القادمة، ستكون هناك دعوة الى الشارع للدفاع عن الديمقراطية. من جانبه، قال وليد الحجام المستشار الدبلوماسي لسعيد، "إن الرئيس يعمل ليل نهار من أجل تكليف رئيس حكومة، وتشكيل حكومة جديدة تنطلق في العمل وفق خريطة طريق واضحة المعالم، تقدم رسائل طمأنة للداخل التونسي والخارج". *تعيينات وإعفاءات ومنذ 25 يوليو الماضي، تتواصل حملة إعفاءات وإقالات عملا بمراسيم رئاسية صدرت بالجريدة الرسمية للبلاد، وأصدرالرئيس سعيّد، أول أمس، أمرا يقضي بإنهاء مهام محمد علي النفطي كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج. كما تم إعفاء الأزهر لونغو المدير العام للمصالح المختصة لوزارة الداخلية، التي تشمل جهاز الاستخبارات. وكلف الرئيس، مستشاره الأمني رضا غرسلاوي بتسيير وزارة الداخلية بعد أن أقال رئيس الحكومة هشام المشيشي الذي كان مكلفّا بإدارة شؤون الوزارة بالنيابة. ويشار إلى أن غرسلاوي تم انتدابه عام 1996 في الإدارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية حيث باشر مهامه برتبة محافظ شرطة. كما تقلد طيلة مسيرته المهنية العديد من المناصب منها مدير الإدارة العامة للأمن الرئاسي وتلقى العديد من التدريبات داخل وخارج البلاد في صلب اختصاصه "الاستعلام ومكافحة الإرهاب" و"الدعم اللوجستي".More Related News