أقره البرلمان بعد شد وجذب.. هل يلبي قانون "الدعم الطارئ" تطلعات الشعب العراقي ؟
Al Sharq
بعد أسابيع من الشد والجذب والأخذ والرد، وافق مجلس النواب العراقي (البرلمان) /الأربعاء/، على قانون الدعم الطارئ الذي يهدف إلى تشريع مدفوعات طارئة لا سيما في قطاع
بعد أسابيع من الشد والجذب والأخذ والرد، وافق مجلس النواب العراقي (البرلمان) /الأربعاء/، على قانون "الدعم الطارئ" الذي يهدف إلى تشريع مدفوعات طارئة لا سيما في قطاع الكهرباء وتحقيق "الأمن الغذائي"، ليكون بديلا لموازنة عام 2022 التي تعذر إقرارها بسبب حالة الانسداد السياسي التي يعيشها العراق منذ عدة أشهر. وسيسمح القانون الجديد للعراق بدفع مستحقات مالية تطالبه بها إيران لإعادة ضخ احتياجات البلاد من الغاز، لكنه ما زال بحاجة لموافقة رئيس الجمهورية برهم صالح ليصبح نافذا، مع تخوفات من أن يطعن فيه بعض المعارضين أمام المحكمة الاتحادية (أعلى سلطة قضائية في البلاد)، والتي سبق أن أجهضت محاولة تمريره في منتصف مايو الماضي، بعد دعوى أقامها نائب برلماني قال فيها إنه لا يحق للسيد مصطفى الكاظمي رئيس حكومة تصريف أعمال إرسال مشاريع قوانين جديدة، أو طلب قروض أو تعيين شخصيات في مناصب عليا للدولة، كما لا يمكنه إعفاء ولا إعادة هيكلة الوزارات والدوائر الحكومية. وتبلغ القيمة المالية المخصصة لتنفيذ القانون 25 تريليون دينار عراقي، أي ما يقارب 17 مليار دولار، من بينها ملياران و746 مليون دولار مخصصة لدعم قطاع الكهرباء "لتسديد المديونية الخارجية وديون استيراد وشراء الغاز والطاقة"، كما تم تخصيص 3 مليارات و200 مليون دولار لشراء القمح والشعير. وقال مجلس النواب العراقي، في بيان، إن التصويت جرى بحضور273 نائبا على مقترح قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، الذي يهدف إلى "تحقيق الأمن الغذائي وتخفيف حدة الفقر، وتحقيق الاستقرار المالي في ظل التطورات العالمية الطارئة". واختلفت آراء السياسيين والمحللين العراقيين بشأن القانون الجديد، فرأى بعضهم ألا غنى عنه خصوصا في ظل الأزمات التي يعيشها العراق، وبسبب الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي وارتفاع تكاليف المعيشة، بينما رأى آخرون أنه لا يلبي طموحات الشعب العراقي، وكان الأولى البحث عن حل دائم لمشاكل البلد، وآلية للخروج من الأزمة السياسية التي تخنقها منذ أكثر من ثمانية شهور. ومن بين المدافعين عن القانون الجديد، السيدة محاسن حمدون عضو اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، والتي قالت في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن هذا القانون يمس حياة المواطن العراقي بشكل مباشر، وخصوصا من ناحية الأمن الغذائي، والميزانية المرصودة له قسمت بعدالة بين القطاعات التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر. من جانبه، قال السيد هيثم الجبوري المستشار الفني لرئيس الوزراء العراقي، لـ/قنا/، إن القانون الجديد مهم، ولا يجب إلغاؤه، مضيفا "هناك تداعيات سلبية خطيرة يمكن أن تنعكس على المواطن جراء إلغاء مشروع قانون الأمن الغذائي"، ومشيرا إلى أن الحكومة لديها خيارات أخرى كثيرة منها إعادة توجيه نظام (1 / 12) من الموازنة التشغيلية الكلية إلى القطاعات المهمة، كما يمكن تحويل المشاريع الاستثمارية إلى حسابات المحافظات "فهناك أموال في بعض المحافظات يمكن استخدامها في المشاريع المستمرة والمقرة سابقا". إلى ذلك، أكد النائب أحمد الأسدي (عن الإطار التنسيقي)، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن الإطار صوت لصالح قانون الأمن الغذائي بعد تضمينه تخصيصات مهمة "وتحديدا تلك المادة الواضحة التي تلزم الحكومة بالعمل وفق قرار المحكمة الاتحادية وتسقط أي مادة في القانون تتعارض مع قرار المحكمة"، قائلا "استطعنا تضمين تخصيصات لإكمال عودة المفسوخة عقودهم من القوات المساندة والأجهزة الأمنية، وخصصنا أموالا كافية لإعمار بعض المحافظات، وأموالا كافية لمعالجة أزمة الكهرباء والبطاقة التموينية".
وفي الجهة المقابلة، أعلن النائب المستقل وعضو اللجنة المالية النيابية مصطفى سند، تعليق عضويته في اللجنة احتجاجا على ما أسماه "التلاعب" ببعض فقرات قانون "الدعم الطارئ". وقال سند، في مؤتمر صحفي، إن القانون تعرض للتلاعب في كثير من فقراته "لأغراض سياسية"، حيث تم، على سبيل المثال، إلغاء فقرة منه بعد عرضها للتصويت داخل الجلسة البرلمانية. ومن جانبه، كشف الخبير القانوني علي صباح عن وجود "تناقض" في حجم الأموال المخصصة للقانون، حيث قال لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، "يوجد تناقض في تخصيص الأموال في الجداول المرفقة فالقيمة الكلية للمبالغ المخصصة هي 25 ترليون دينار، إلا أن المتابع سيلاحظ، مثلا، أن الأموال المخصصة لتنمية الأقاليم أكثر من تلك المخصصة للموارد ووزارة الزراعة والمياه والنازحين، وكان يفترض أن تكون الأولوية في القانون للحنطة والشعير والمياه والنازحين لأن البلد يعيش محنة". وأوضح أن مشروع القانون، قبل التصويت عليه، كان ينص على أن الرقابة على الأموال تكون من اختصاصات ديوان الرقابة المالية، أما بعد التصويت عليه وتمريره فإنه لم ينص على "الرقابة".. مضيفا: "تم رفع الرقابة على الأموال.. 25 تريليون دينار مبلغ طائل، ومن المفروض أن تكون هناك حسابات ومواطن صرف وسجلات ورقابة في الأقاليم والمحافظات، أما ألا تكون هناك رقابة، فذاك يثير الاستغراب في هذا القانون". وبدوره، حدد الخبير المالي والاقتصادي محمود داغر، جانبين إيجابيين في إقرار قانون "الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية"، أولهما نفسي، حيث سيعطي القانون طمأنينة للتجار بأن مخازنهم ستبقى مستقرة، والجانب الآخر هو أن هناك منافس للتجار من خلال دعم السلة الغذائية، لكنه أشار إلى أن هناك مشكلة، تتمثل في التوسع في القانون إلى مواد أخرى واستثمارات وتعليمات، قائلا إن القانون يجب أن يقتصر على دعم المواد الغذائية، المستوردة والمنتجة محليا. وفيما يخص الديون، قال الخبير المالي محمود داغر إن العراق ملزم بتسديد ديونه الخارجية البالغة 24 مليار دولار، وفق جدول زمني محدد ولا يمكن تأخير السداد، كما أن عليه تسديد الدين الداخلي الذي اقترب من 70 تريليون دينار، وهو أحد الأسباب المهمة للتضخم. أما كتلة /ائتلاف دولة القانون/ بزعامة نوري المالكي، فقد اعتبرت أن "قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي"، لا يمكن تطبيقه، رغم إقرار مجلس النواب له وإجازته، إلا إذا تشكلت حكومة جديدة. وقال الائتلاف، في بيان اليوم، إن القانون، ورغم تضمنه فقرات مفيدة للطبقات الشعبية والشرائح الاجتماعية المختلفة من المفسوخة عقودهم وأصحاب الشهادات العليا والفلاحين، إلا أنه يصطدم بقرار المحكمة الاتحادية، التي أقرت بأنه غير دستوري وأصدرت ضده قرارا. أما عضو اللجنة المالية بالبرلمان العراقي النائب ناظم الشبلي، فقال في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن القانون اعتمد على الوفرة المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط، مشيرا إلى أن اللجنة لم تمنح الحكومة حق التصرف بالأموال التي طلبتها في وقت سابق ضمن مشروعها الذي رفضته المحكمة الاتحادية العليا. ولفت الشلبي إلى عدم إمكانية إبقاء الحال بما هو عليه في الوقت الراهن، وإدخال البلاد في انسداد جديد يتعلق بالجانب المالي، مؤكدا أن المبالغ المالية المخصصة للتنمية تم توزيعها على أساس الكثافة السكانية ونسبة الفقر. وكان السيد مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء العراقي، قد أكد يوم /الثلاثاء/ الماضي أن غياب الموازنة لهذا العام من بين المشكلات التي أثرت في تأخير دفع المستحقات لإيران . ورغم أن العراق بلد غني بالنفط، إلا أنه يعاني من أزمة في الطاقة والكهرباء ويعتمد على إيران لتأمين ثلث احتياجاته من الغاز. وفشل الفرقاء السياسيون في العراق على تعيين رئيس لمجلس الوزراء رغم مضي أكثر من 8 شهور على الانتخابات التشريعية المبكرة، كما عجزت الأطراف السياسية الأساسية في البلاد عن الاتفاق على الميزانية العامة للدولة. /قنا/