![قطر وفرنسا.. خطوات حثيثة لتأمين غد مشرق](https://alarab.qa/get/maximage/20220530_1653885239-525.jpg)
قطر وفرنسا.. خطوات حثيثة لتأمين غد مشرق
Al Arab
أسس راسخة من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والتعاون في مختلف المجالات، ترتكز عليها العلاقات بين دولة قطر والجمهورية الفرنسية، لتأمين غد أفضل لأجيال الحاضر
أسس راسخة من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والتعاون في مختلف المجالات، ترتكز عليها العلاقات بين دولة قطر والجمهورية الفرنسية، لتأمين غد أفضل لأجيال الحاضر والمستقبل، إذ يرتبط البلدان الصديقان بعدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم التي تشمل المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية والأكاديمية والتقنية، فضلاً عن الاتفاقات العسكرية. ويأتي لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وفخامة الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية الصديقة الذي عقد اليوم في باريس تعزيزا لعلاقات الصداقة والتعاون المشترك القائم بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها في مختلف المجالات، حيث بحث سمو الأمير المفدى مع فخامة الرئيس الفرنسي أبرز المستجدات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين، ووجهات النظر بشأنها. وتدشن مباحثات سمو الأمير المفدى مع فخامة الرئيس الفرنسي مرحلة جديدة من علاقات التعاون والتنسيق بين البلدين، كونها الأولى التي يقوم بها سمو الأمير المفدى للعاصمة الفرنسية بعد فوز فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون بفترة رئاسية ثانية، كما تكتسب أهمية كبيرة، نظرا لتزامنها مع التطورات الدولية المتلاحقة على أكثر من صعيد، والتقلبات في أسواق الطاقة والمواد الأولية والغذائية، والتي تتطلب التواصل والتشاور على أعلى المستويات بين البلدين الصديقين من أجل تعزيز وتطوير العلاقات والارتقاء بها نحو آفاق أرحب، لما فيه خير ومصلحة البلدين والشعبين الصديقين. وتعود العلاقات بين البلدين إلى العام 1971، إذ احتفلا الجانبان العام الماضي بمرور خمسين عاماً على تأسيس العلاقات، حيث تم افتتاح أول سفارة لدولة قطر في باريس عام 1971، كما شهدت السنوات الأخيرة دفعة قوية للعلاقات بين البلدين، لا سيما منذ الزيارة التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى فرنسا في سبتمبر عام 2017، فضلاً عن نمو العلاقات المتواصل منذ مطلع التسعينيات في مختلف المجالات. وتوطدت العلاقات بين البلدين واتسع نطاقها وتعمقت جذورها خلال السنوات الأخيرة نتيجة اللقاءات المتتالية لقيادتي البلدين والزيارات المتبادلة لكبار المسؤولين والوفود السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الدوحة وباريس، والتي عكست في مجملها الرؤى والمصالح المشتركة والتقارب في وجهات النظر بين البلدين حيال القضايا الإقليمية والدولية، فضلا عن متانة التعاون الاستراتيجي في مجالات الاقتصاد والاستثمار والدفاع ومكافحة الإرهاب. وفي سياق المشاورات المتواصلة بين قيادتي البلدين، قام فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون بزيارة إلى الدوحة في ديسمبر الماضي، استقبله خلالها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وبحث معه علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصادية والاستثمارية والدفاعية والأمنية والتعليمية والتنموية، وبما يحقق المصالح المتبادلة للبلدين الصديقين. كما جرى خلال المباحثات تبادل الرأي ووجهات النظر حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك على المستويين الإقليمي والدولي وخصوصاً مستجدات الأوضاع بالمنطقة. ووقع الجانبان، خلال الزيارة، مذكرة تفاهم في مجال الاقتصاد والمالية وخطاب نوايا حول التعاون الثقافي، كما صدر بشأنها بيان مشترك أجمل مواقف البلدين تجاه التعاون الثنائي في مختلف القطاعات ومن القضايا الدولية الراهنة ذات الاهتمام المشترك. وجدد البيان شكر فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية لسمو الأمير المفدى على المساعدة الكبيرة التي قدمتها دولة قطر في إجلاء الرعايا الفرنسيين وعائلاتهم من أفغانستان، وفي حماية الأفغان المعرضين للخطر، كما أشاد بالتعاون الوثيق بين البلدين لإيصال 40 طناً من المساعدات العاجلة إلى العاصمة الأفغانية كابول على متن رحلة قطرية. ويحرص حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وفخامة الرئيس ايمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية الصديقة على مواصلة تعزيز التعاون البلدين في المجال الاقتصادي، لا سيما في ظل إقامة العديد من الشركات القطرية والفرنسية شراكات طويلة الأمد في قطاعات رئيسية، فضلا عن اتفاق الجانبين على تعزيز التعاون المؤسسي بينهما في القطاع الزراعي وإيجاد طرق جديدة لتمويل المشاريع، مثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص. وأعربت قيادتا البلدين عن رغبتهما في توسيع هذا التعاون ليشمل مجالات جديدة مثل الابتكار والتحول إلى استخدام الطاقة المتجددة والنظيفة، لا سيما في إطار أهداف التنويع الاقتصادي المنصوص عليها في رؤية قطر الوطنية 2030، وبالتعاون مع البرنامج الاقتصادي /فرنسا 2030/، الذي يعتمد على التكنولوجيا والرعاية الصحية والمناخ من خلال التوجه نحو السيارات الكهربائية الصديقة للبيئة وغيرها من القطاعات ذات التكنولوجيا المبتكرة. وحدد الجابنان الرياضة كمجال رئيسي للتعاون، حيث اتفقا على استكشاف شراكات جديدة في هذا المجال، خاصة وأن البلدين سيستضيفان حدثين رياضيين رئيسيين، هما بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 التي تستضيفها دولة قطر، ودورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس. وتجسيدا للإرادة السياسية لقيادتي البلدين للارتقاء بهذه العلاقات وتطويرها إلى مستوى يخدم مصالح الشعبين الصديقين، عقدت بالدوحة في مارس الماضي الجولة الأولى للحوار الاستراتيجي بين البلدين، وشمل عدداً من القضايا السياسية والاقتصادية ومستجدات الساحة الدولية، إضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك، من بينها المصالحة التشادية والتطورات السياسية في لبنان وأفغانستان والقضية الفلسطينية والتطورات في ليبيا والملف النووي الإيراني، بالإضافة إلى التأكيد على ضرورة الحل الدبلوماسي للأزمة في أوكرانيا واحترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني خلال هذه الأزمة. وتعد فرنسا من أهم الشركاء الاستراتيجيين لدولة قطر، حيث بلغ عدد الشركات الفرنسية العاملة بالدولة 418 شركة، بينها 120 شركة بملكية فرنسية بنسبة 100 بالمائة، و290 شركة برأس مال مشترك، وثماني شركات مرخصة من قبل مركز قطر للمال، وثلاثة مكاتب تمثيل للجمهورية الفرنسية. ووفقا لبيانات جهاز التخطيط والإحصاء، فإن التجارة البينية بين قطر وفرنسا، وصلت عام 2021 إلى ما يزيد عن 6.3 مليار ريال، منها 2.85 مليار ريال واردات تمحورت حول مستلزمات الطائرات والمنسوجات والملابس والمنتجات الزراعية، في حين بلغت صادرات قطر ما يقرب من 3.5 مليار ريال أغلبها في مجال الغاز ومنتجات الطاقة. وتواصل الشركات الفرنسية مشاركتها في النهضة التي تشهدها دولة قطر وفي تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030، حيث تتركز أعمالها في المشاريع المرتبطة بالبنى التحتية الخاصة بمنشآت وملاعب بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، وهناك أيضاً مشاريع طويلة الأمد بين قطر للطاقة وتوتال الفرنسية، فضلا عن مشاريع أخرى عديدة مثل تحلية المياه. وتعتبر فرنسا إحدى الوجهات المفضلة للمستثمرين القطريين بالخارج، وتقدر قيمة هذه الاستثمارات بنحو 30 مليار دولار، منها الاستثمارات الخاصة التي تصل إلى 10 مليارات دولار، وتغطي قطاعات الطاقة والعقارات والإعلام والفنادق والخدمات المالية والنقل والاتصالات والرياضة. وفرنسا هي إحدى الأعضاء المؤسسين للاتحاد الأوربي، وهي الأكبر مساحة بين دول الاتحاد، وتعتبر ثاني قوة اقتصادية في أوروبا وخامس قوة اقتصادية على مستوى العالم، وثاني أكبر سوق بالقارة الأوروبية مع تعداد سكاني يقدر بنحو سبعة وستين مليون نسمة، كما أنها المقصد السياحي الأول في العالم مع تسجيلها ما يقرب من تسعين مليون سائح سنويا قبل جائحة كورونا.