خبراء ومختصون: ضخ وكالة الطاقة الدولية لنحو 120 مليون برميل نفط ذو أثر محدود وقصير الأمد
Al Arab
أكد خبراء ومختصون أن إعلان وكالة الطاقة الدولية عن ضخ جديد للنفط من احتياطي الطوارئ بنحو 120 مليون برميل لتعزيز إمدادات الطاقة وتهدئة الأسعار، سيكون ذا
أكد خبراء ومختصون أن إعلان وكالة الطاقة الدولية عن ضخ جديد للنفط من احتياطي الطوارئ بنحو 120 مليون برميل لتعزيز إمدادات الطاقة وتهدئة الأسعار، سيكون ذا أثر محدود وقصير الأمد. وقال سعادة السيد عبدالله بن حمد العطية، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الطاقة والصناعة السابق، إن قرار الوكالة يعد الأكبر في تاريخها وعلى الرغم من تراجع مستوى أسعار النفط بحوالي 5 دولارات للبرميل بعد الإعلان مباشرة، إلا أن الأسعار ما لبثت أن استأنفت صعودها مرة أخرى نهاية الأسبوع الماضي، وقد سجلت أسعار العقود الآجلة لخام برنت القياسي مستوى بلغ 100.97 دولار للبرميل خلال اليوم. وأضاف سعادة السيد العطية في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ أن صعود أسعار النفط لمستويات قياسية وبلوغ ذروتها في نهاية الشهر الماضي إلى 130 دولارا للبرميل يرجع إلى مجموعة من العوامل على رأسها اختلال ميزان العرض والطلب الذي أثر بشكل كبير على حركة أسعار النفط، إضافة إلى الاضطرابات السياسية التي تشهدها كبرى الدول المنتجة، وتحديدا ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط التي تمتلك نصيب الأسد من حصة الإنتاج العالمي، فضلاً عن تأثر أسعار النفط بسعر صرف الدولار الأمريكي، فكلما ارتفع سعر الدولار زادت تكلفته على المشترين الحاملين للعملات الأخرى. وأوضح أن التقلبات الحالية في سوق النفط تعزى إلى التوترات الجيوسياسية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، متوقعاً أن تعاني الأسواق نقصا في المعروض بسبب غياب الإمدادات الروسية التي قد تصل إلى 3 ملايين برميل يوميا من إمدادات النفط الروسي في شهر أبريل الجاري، نتيجة لسلسلة العقوبات الدولية المفروضة على موسكو، كما أن العجز بين هدف "أوبك بلس" وإنتاجها الفعلي يبلغ أكثر من مليون برميل يوميا، ما قد يتسبب في مزيد من الضغط على أسعار النفط، لجهة أن منظمة أوبك تلعب دوراً أساسياً في الحفاظ على استقرار أسواق النفط، حيث تنتج ما مجموعه 40 بالمئة من إجمالي الإنتاج العالمي. واستبعد سعادة السيد العطية استجابة منظمة "أوبك بلس" لمطالب الدول الغربية الرامية إلى ضخ المزيد من النفط، مشيراً إلى رفض كبار المنتجين في المنظمة ضخ المزيد من الخام، كما أنه من الصعب أن يحل إنتاج دول "أوبك بلس" من النفط محل النفط الروسي بشكل سريع، فضلاً عن أن زيادة الإنتاج النفطي لا تعني بالضرورة وبشكل مباشر زيادة الصادرات النفطية إلى أوروبا، فإعادة توجيه ظروف أسواق النفط ليس بالأمر السهل. وحول بدائل النفط الروسي للقارة الأوروبية.. لفت سعادته إلى أن روسيا تأتي في المرتبة الثانية عالمياً في إنتاج النفط الخام، بنسبة 14 بالمئة من إجمالي الإنتاج العالمي خلال العام الماضي 2021، وأن قرابة 60 بالمئة من صادرات روسيا من النفط تذهب إلى القارة الأوروبية، التي تزودها روسيا بنحو ثلث احتياجاتها من النفط، مشيراً إلى أن البدائل لحل تلك الإشكالية قد تكون في تغيير سياسة أكبر منتجي النفط الخام في منظمة أوبك، واقناعهم بضخ المزيد من إمدادات النفط. وإلى ذلك الحين، يبدو أن الدول المنتجة للنفط ستستفيد من ارتفاع الأسعار، على الرغم من أن معظم أعضاء أوبك يرون أن ارتفاع أسعار النفط حالياً يعتبر فائدة قصيرة الأجل، حيث تحفز الأسعار المرتفعة الدول المستوردة على الاستثمار في مصادر بديلة للنفط، في حين أن قدرة الدول المنتجة للنفط على زيادة المعروض من الخام تتضاءل بسبب نقص الاستثمار في القطاع. ورجح سعادة السيد عبدالله بن حمد العطية، انخفاض الطلب العالمي على الوقود الأحفوري على المدى الطويل، ولكنه لن يكون بالسرعة التي تتوقعها الوكالة الدولية للطاقة.
بدوره، قال الخبير النفطي والمختص بشؤون الطاقة عامر الشوبكي: إن السحب من المخزون الاستراتيجي لا يعالج الخلل الهيكلي في أسواق النفط، سواء من ناحية نقص الاستثمارات أو فقدان النفط الروسي نتيجة العقوبات المفروضة على روسيا، لافتا إلى أن العقوبات حال تطبيقها ستؤدي إلى فقدان السوق من 1 إلى 3 ملايين برميل نفط يوميا نتيجة ابتعاد الشركات عن شرائه والإحجام التلقائي من الشركات العالمية الكبرى عن التعامل مع الشركات الروسية خوفا من سيف العقوبات الدولية، على الرغم من تعويض بعض الشركات الهندية لذلك، نتيجة قيامها بشراء النفط الروسي، حيث بلغت مشترياتها خلال شهر واحد ما يعادل نصف سنة كاملة، مستفيدة من التخفيضات التي أقرتها روسيا على أسعار النفط بواقع 30 إلى 35 دولارا للبرميل، بما فيها علاوة المخاطر والتأمين الإضافي على شحنات النفط الروسية. وأضاف الشوبكي، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن هناك ضرورة دفعت وكالة الطاقة الدولية والولايات المتحدة الأمريكية للتصرف في مخزون الطوارئ والاحتياطي الاستراتيجي، مثل حالات الحرب والقوة القاهرة، وحالات الطوارئ، لضخ كميات تحد من ارتفاع الأسعار، لكن لجوء هذه الدول إلى الاحتياطي جاء في الأساس بسبب عدم استجابة منظمة "أوبك بلس" لزيادة الإنتاج، كما أن وكالة الطاقة الدولية والولايات المتحدة وصلت إلى قناعة كاملة بأن دول "أوبك بلس" لن تستجيب في المستقبل المتوسط، أي على الأقل خلال الستة أشهر المقبلة ولذا أفرجت عن جزء من مخزونها الاستراتيجي بلغ 180 مليون برميل، بواقع مليون برميل لمدة 6 أشهر، وهو ما أسهم موقتا في تهدئة الأسعار لتدور حول الـ 100 دولار للبرميل، ولولا إعلان ضخ النفط من المخزون لتجاوزت مستويات الأسعار 120 دولارا للبرميل. وأوضح أن تأثير المخزون الاستراتيجي سيكون محدودا في حدوث استقرار مؤقت لأسعار النفط، مشيرا إلى أن القوى الدولية تتوقع أن الأسعار خلال فترة ضخ المخزون ستستقر، وربما تنخفض، وبعد الفترة المحددة (أي خلال الـ 6 أشهر) ربما يعود النفط الإيراني للأسواق بعد إبرام الاتفاق النووي مع إيران، وكذلك ربما يدخل النفط الفنزويلي إلى دائرة السوق، فضلا عن زيادة الإنتاج التدريجي من "أوبك بلس"، حيث إنها زادت الكميات من 400 إلى 433 ألف برميل حتى انتهاء الكمية المحتجزة.. غير أن الفجوة في "أوبك بلس" آخذة في الزيادة لأن نسبة الالتزام وصلت إلى 152%، بواقع 1.3 مليون برميل نقص في الإنتاج، وقد يغطي السحب من المخزون الاستراتيجي هذا الفارق. ورجح الشوبكي عودة أسعار النفط للارتفاع مجددا بعد انقضاء فترة ضخ مخزون الطوارئ، أي بعد 6 أشهر، لافتا إلى أن هناك عوامل تعزز صعود أسعار النفط أبرزها تعافي الاقتصاد العالمي بعد جائحة كورونا، وانتعاش الطلب العالمي، والحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها، فضلا عن سياسة "أوبك بلس" فيما يتعلق بالإنتاج، والتي ترى أن أساسيات السوق لم تتغير فيما يستدعي ضخ مزيد من النفط، كما أن حالة عدم اليقين ما زالت تسيطر على الملف الإيراني، وعودة النفط الإيراني لم تتضح بعد ولذا فإن سيناريو ارتفاع أسعار النفط وارد الحدوث. ولفت إلى أن هناك منافع أخرى للمخزون، وهي اختبار آلية السحب السريع من المخزون التي لأول مرة يتم تطبيقها، وقد سبقتها دعوات من وزارة الطاقة الأمريكية لمعرفة مدى الاستجابة، وإجراء اختبارات الضغط اللازمة، إضافة إلى استبدال الخام النفطي القديم الثقيل بالنفط الخفيف الصخري من الإنتاج الأمريكي الحالي، تماشيا مع حاجة المصافي الحديثة التي تتطلب نوعية خفيفة من النفط الجديد لتطوير الصناعة.