هل أطفأت قرغيزستان وطاجيكستان حرب المياه والأراضي بينهما؟
Al Sharq
أظهرت قرغيزستان وطاجيكستان حرصا واستعدادا لتسوية نزاعهما الحدودي الذي تطور خلال الأيام الماضية إلى اشتباكات مسلحة أسفرت عن عشرات القتلى ومئات الجرحى، وإجلاء أكثر
أظهرت قرغيزستان وطاجيكستان حرصا واستعدادا لتسوية نزاعهما الحدودي الذي تطور خلال الأيام الماضية إلى اشتباكات مسلحة أسفرت عن عشرات القتلى ومئات الجرحى، وإجلاء أكثر من ثلاثين ألفا من سكان القرى الحدودية، وإحراق وتدمير عشرات المباني، والمواقع الحدودية، فقد تحركت الجهات الرسمية بالدولتين الجبليتين الواقعتين في آسيا الوسطى بشكل عاجل لنزع فتيل التوتر وإعادة الأمور إلى طبيعتها، وكان من أبرز هذه التحركات اتصالان هاتفيان بين رئيس قرغيزستان صدر جباروف، ونظيره الطاجيكي إمام علي رحمون. وتوجت المساعي الدبلوماسية بتوصل الدولتين إلى اتفاق مبدئي من أربع نقاط تشمل وقفاً شاملا لإطلاق النار، وانسحاب قوات البلدين إلى مواقع مرابطتها السابقة، واتخاذ التدابير اللازمة لمنع تصاعد التوتر، وتشكيل فريق عمل مشترك من أجل التنفيذ الكامل للخطوات والإجراءات المتفق عليها، وشددت الدولتان على ضرورة تهيئة الظروف الملائمة لمفاوضات مثمرة بينهما، وأكدتا على أن المأساة التي حدثت بالمنطقة الحدودية يجب ألا تتكرر مرة أخرى. وقد شرعت قوات البلدين بالفعل في الانسحاب من الخطوط الأمامية ونقاط التماس ولم تسجل خلال الساعات الأخيرة أية خروقات لوقف إطلاق النار، بينما تواصل الوحدات الحدودية المشتركة عملها لتطبيع الوضع وتعزيز الهدوء والاستقرار هناك، كما يعتزم رئيسا الدولتين عقد لقاء ثنائي الشهر المقبل في دوشنبه عاصمة طاجيكستان، للتخفيف من تصاعد التوتر الحدودي بينهما. واندلعت الاشتباكات بين قرويين من الطرفين يوم /الأربعاء/ الماضي، على طول الحدود بين إقليم سوغد الطاجيكي وإقليم باتكين القرغيزي بسبب خلاف على خزان مياه ومضخة يدعي كل طرف ملكيته لهما على نهر إسفارا، وتستخدمان في الري وإمدادات المياه للمناطق الحدودية لجمهوريات طاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان. بدأت الاشتباكات بين القرويين بالأيدي والعصي والحجارة وتحولت لاحقا إلى استخدام الرصاص والقنابل والطائرات العمودية بعد تدخل قوات حرس الحدود الطاجيكية والقرغيزية في النزاع، ووصفت الاشتباكات بأنها الأكثر دموية واتساعاً منذ سنوات. وتشهد مناطق الحدود بين البلدين، التي تعود لحقبة الاتحاد السوفيتي، حوادث متكررة بسبب وجود أراض واسعة متنازع عليها، حيث لم يتم حتى الآن ترسيم حوالي خمسمائة كيلومتر من الشريط الحدودي بينهما والممتد لتسعمائة وثمانين كيلومترا، وبقيت الخلافات بشأن 70 نقطة حدودية. وأعرب محللون في العاصمة الروسية موسكو عن ثقتهم بأن قرغيزستان وطاجيكستان ستعملان على حل الوضع المتفاقم في الجزء المتنازع عليه من الحدود، والحيلولة دون تطور الصراع، وقالوا إن قيادتي البلدين لا تريدان تصعيد الموقف. لكن المحللين استبعدوا تسوية سريعة وشاملة للخلاف الحدودي بسبب تعقيدات الوضع على الأرض وصعوبة قيام أي من الطرفين بتقديم تنازلات لصالح الطرف الآخر، خاصة وأنه لا توجد حدود متفق عليها بشكل نهائي، والأمر الأكثر تعقيداً هو أن القرى وأحيانا الأحياء والمنازل متداخلة إلى درجة تربك الغرباء تماما، إذ تتقاطع الطرق والممرات المائية على هذه الحدود في العديد من الأماكن. ويعد /وادي فرغانة/ الغني بالزراعة والذي تتقاسمه كل من قرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان العامل الرئيسي في النزاعات الحدودية، حيث يعتمد سكان المناطق الحدودية على الرعي والزراعة، ولهذا أصبحت الأرض والمياه هما السبب الرئيسي لكل النزاعات الحدودية هناك تقريبا، خاصة وأن ترسيم الحدود الذي تم إجراؤه خلال الحقبة السوفيتية، ترك العديد من المجتمعات المحلية تحت قيود جغرافية تعرقل الوصول إلى بلدانهم الأصلية. وللدول الثلاث مطالب تاريخية بأراضي بعضها البعض ومصالح اقتصادية عبر طرق النقل والأنهار والخزانات، وتعد الجيوب التابعة لدولة والواقعة ضمن أراضي دولة ثانية من أهم أسباب النزاعات الحدودية بالمنطقة، والتي أسفرت عن مقتل مئات الأشخاص خلال الثلاثين عاما الماضية. ويوجد بالوادي المكتظ بالسكان ثمانية جيوب تحيط بها أراضي دولة ثانية، ويوجد أربعة جيوب أوزبكية وجيبان طاجيكيان داخل أراضي قرغيزيا، كما يوجد جيب قرغيزي وآخر طاجيكي داخل أوزبكستان. يرتفع الوادي لحوالي 460 متراً عن مستوى سطح البحر، تحيط به الجبال من ثلاث جهات، ويمتد على مسافة 300 كم طولاً و150 كم عرضاً، يعتبر الوادي الخصب مصدراً غنياً للمحصولات الزراعية المتنوعة، وأرضاً مثالية للرعي، وعرف الوادي خلال العهد السوفياتي كقلب زراعي للدولة، وواحة شديدة الخصوبة، ليس فيها مساحة خالية من حقول القطن وأشجار الفاكهة المثمرة. ويقول المراقبون إن المصالح الاقتصادية المتداخلة يمكن أن تجعل الأطراف الثلاثة أكثر استعدادًا لتقديم تنازلات في مفاوضاتهم الحدودية المستقبلية، وقد عقد في أبريل الماضي منتدى لرجال الأعمال بوادي فرغانة، حيث استضاف حاكم مقاطعة فرغانة الشرقية بأوزبكستان حكام المقاطعات الطاجيكية والقرغيزية المجاورة لإجراء محادثات حول التعاون الاقتصادي، وكان اللقاء هو الأول من نوعه منذ ما يقرب من 30 عاما على استقلال الدول الثلاث، وعلى الرغم من أن منتدى الأعمال يتعلق فقط بالعلاقات التجارية والثقافية، وليس ترسيم الحدود ولم يسفر عن توقيع كثير من العقود إلا أن مجرد عقده اعتبر إنجازا كبيراً، لأنه قد يشكل الخطوة الأولى نحو حلول شاملة ودائمة للنزاعات الحدودية بين الدول الثلاث.More Related News